أوروبا تريد معسكرات في شمال أفريقيا لاستيعاب اللاجئين

الأربعاء, 19 نونبر 2014

عبر وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير عن قناعته بإمكانية اقامة مراكز استقبال وترحيل للاجئين على تخوم القارة الأوروبية، لوقف تدفق اللاجئين من أفريقيا وآسيا على أوروبا.

واقترح الوزير، في مقابلة مع القناة الألمانية الثانية، أن تتولى مفوضية اللاجئين الدولية والأمم المتحدة الإشراف على هذه المراكز، وأن تقرر من يملك الحق في نيل اللجوء في أوروبا.

ليست جديدة

برر دي ميزيير، من الحزب الديمقراطي المسيحي، فكرته بالقول إن ذلك يجنب الراغبين في اللجوء في أوروبا مشقة الهجرة اللاشرعية وحوادث الموت في البحر قرب السواحل الأوروبية. كما يسهم، بحسب رأيه، في وقف نشاط عصابات تهريب البشر المنظمة، التي تستغل اللاجئين الراغبين في عبور البحر الأبيض المتوسط وصولًا إلى أوروبا. وهو التبرير الذي وصفته منظمة العفو الدولية بالـ"كلبية".

وكان معهد برلين لدراسات الشعوب والتنمية قدر عدد ضحايا عمليات تهريب البشر عبر المتوسط بنحو 3000 ضحية خلال العام الجاري.

وفكرة معسكرات اللاجئين في شمال أفريقيا ليست جديدة، سبق أن طبقت جزئيًا في ضوء اتفاقية بين الحكومة الايطالية والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. إلا أن المحكمة الأوروبية وقفت ضد تطبيق الاتفاقية آنذاك، لشكها في إمكانية توفير نظام القذافي شروطًا إنسانية داخل هذه المعسكرات.

وسبق لوزير الداخلية الأسبق اوتو شيلي أن طرح اقامة هذه المعسكرات في الشمال الأفريقي، لكن باء بالفشل بعد أن تعرض لنقد من المنظمات الإنسانية.

اتفاق أوروبي

ويبدو أن مسعى ألمانيا لاقامة محطات استقبال اللاجئين في الشمال الأفريقي والشرق الأوسط تجد صدى واسعًا الآن في أوروبا، بعد تعديل الشروط من وضع هذه المعسكرات تحت تصرف الدول الحاضنة للمعسكرات، إلى وضعها تحت تصرف الأمم المتحدة والمفوضية العالمية لشؤون اللاجئين.

وكشفت صحف ألمانية من مصادرها الخاصة أن الموضوع مطروح على بساط البحث داخل أروقة الاتحاد الأوروبي منذ أشهر. وقالت الصحيفة البرلينية المذكورة أن توماس دي ميزير حمل المقترح في حقيبته إلى اجتماع وزراء الداخلية والعدل الأوروبيين في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي.

وتمت مناقشة موضوع مراكز استقبال اللاجئين في اجتماع وزراء الداخلية الأوروبيين في إطار مكافحة عصابات تهريب البشر، خلال مناقشة موضوع غرق قوارب اللاجئين قرابة السواحل الأوروبية.

وتوصل المجتمعون إلى اتفاق حول التصدي لمهربي البشر في "بلدان الترانسيت"، في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، التي تعتبر محطات موقتة في طريق الوصول إلى بلدان الاتحاد الأوروبي.

"لبرلة" التأشيرة

يجري الآن تجميل مقترح محطات اللجوء في الشمال الأفريقي بنفس "إنساني" أكبر، عن طريق وضعها تحت اشراف الامم المتحدة، بعد أن فشلت قبل سنتين خطة تكليف تركيا قطع طريق الهجرة إلى أوروبا مقابل تسهيلات أوروبية على صعيد منح تأشيرات الدخول إلى الأتراك.

وأحصت المفوضية الأوروبية تسلل أكثر من 30 ألف لاجىء إلى دول الاتحاد الأوروبي بين تشرين الأول (اكتوبر) وكانون الأول (ديسمبر) من العام 2011. وأشارت المفوضية في تقريرها السنوي إلى أن 75% من اللاجئين تدفقوا إلى الحدود الأوروبية عبر تركيا.

على هذا الاساس، وبهدف وقف تدفق اللاجئين من تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، تقدمت الدنمارك، رئيس الاتحاد الأوروبي في دورة 2012، بمقترح مقايضة شروط التأشيرة المخففة للأتراك باستعادة تركيا للاجئين الذين تسربوا إلى أوروبا عبر أراضيها. نال المقترح موافقة وزراء داخلية وعدل الاتحاد الأوربيين، وتم طرحه على تركيا.

طريق مسدود

وضع المقترح الأوروبي خطة "آفاق تأشيرة مخففة" الأوروبية خطوة أولى تتمثل في تسهيل شروط نيل التأشيرة الأوروبية للأتراك، على أن تتبعها خطوة لاحقة تعمل على "لبرلة" التأشيرة الأوروبية لتركيا.

ووصلت المفاوضات إلى طريق مسدود بسبب الشروط التركية، التي اعتبرها الاتحاد الأوروبي تعجيزية. ثم تفاقمت المشكلة مع بدء انهيار الاقتصاد اليوناني.

واقع الحال، تدفق اللاجئين عبر تركيا مرهون إلى حد كبير بمدى قدرة منظمة الحدود الأوروبية "فرونتاكس" على ضبط الحدود بين تركيا واليونان.

وخصصت "فرونتاكس" عدة ملايين لبناء سياج طوله 12,5 كم بين حدود البلدين في ايفروس، لكن الفشل اليوناني المالي امتد إلى الحدود، وصارت حكومة أثينا عاجزة عن تمويل شرطة الحدود، بل وعاجزة عن ضبط الحدود.

برو أزول تنتقد

وصف كارل كوب، المتحدث الرسمي باسم منظمة برز ازول، التي تعنى بشؤون الهجرة واللاجئين، مقترح اقامة معسكرات اللاجئين في شمال أفريقيا والشرق الأوسط بأنه "متاجرة سيئة الصيت بأرواح البشر".

امتدح كوب قرار ألمانيا تسهيل اجراءات قبول اللاجئين من سوريا، لكنه اعتبر مقترح دي ميزيير الجديد تنصلًا واضحًا من واجب انقاذ حياة البشر المهددين.

وقال كوب إن النازحين بشر اضطروا للهروب من الحروب والإرهاب، وإن أوروبا أمام خيارين: أن توفر طرقًا سهلة لوصول الهاربين، أو أن تتشدد، وتجعل الناس ضحية طرق الموت المعقدة نحو أوروبا.

باء بالفشل

في هذه الأثناء، قلل ناطق رسمي باسم وزارة الداخلية الألمانية من شأن تصريحات الوزير دي ميزيير. وقال إن هدف الوزير ليس إقامة المعسكرات على الحدود الجنوبية لأوروبا، وإنما محاربة عصابات تهرب البشر المنظمة.

وأضاف: "الرأي العام أساء فهم وزير الداخلية، لأنه أراد أن يطرح بديلًا عن رحلات زوارق الموت التي يركبها المهاجرون عبر البحر وصولًا إلى أوروبا".

قبل 10 سنوات، وبعد أن باء مقترح اوتو شيلي المماثل بالفشل، قال شيلي أيضًا إن الرأي العام أساء فهمه.

وذكر شيلي أمام البرلمان الألماني انه أراد أن يجنب اللاجئين طرق التهريب البحرية "غير الإنسانية".

3% من الشرق الأوسط

وإذا كان دي ميزيير يريد إقامة معسكرات استقبال اللاجئين في شمال أفريقيا لوقف الهجرة الكبيرة من الشرق الأوسط وأفريقيا، فالأرقام تتحدث عكس ذلك تمامًا. تكشف دراسة أعدها معهد برلين لدراسات الشعوب والتنمية، بعنوان "الأزمة على حدود أوروبا الجنوبية"، أن نسبة المقيمين في ألمانيا من أصل شرق أوسطي لا تزيد عن 3%، ولا تزيد نسبة الأفارقة في ألمانيا عن 3,4%.

ومن بين 460 ألف نازح وصلوا إلى ألمانيا في العام 2012، لا يرتفع عدد القادمين منهم من الشرق الأوسط وأفريقيا عن 30 ألفاً.

وكان الأوربيون النازحون من بلدان أوروبا الشرقية، ومن اليونان واسبانيا والبرتغال، بحكم الأزمات الاقتصادية هناك، يشكلون 75% من الباحثين عن حياة جديدة في ألمانيا.

عن موقع إيلاف

«أبريل 2024»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
Google+ Google+