دليلَة حيَّاوي .. مغربيّة فردت جناحَي الأدب ليقُودَاها صوب رُومَا

الثلاثاء, 27 يناير 2015

تقدّم دليلة حياوي، المرأة المغربيّة المستقرّة برُومَا، نفسها كشاعرة أكثر من كونها أستاذة للثقافة واللغة العربيّتين، خاصّة وأنّها، طيلة الأعوام الـ10 التي راكمتها بالعاصمة الإيطاليّة، لم تتوقف عن ولعها بالشعر.. تماما كما لم يوقف الشعر انهماره صوب قريحتها.

حياوي، القاسمة لعيشها بالمغرب ما بين "عاصمة النخيل" و"مدينَة الحمَامَة"، تقرّ بكونها لم تختر الهجرَة لأجل "نيل رغيف الخبز"، تماما كما تؤكّد أنّ أحلامها، بشقّيها النثريّ والشعرِي، لا تحدّهما إلاّ السماء.. مثلها مثل الطيور التي أفردت جناحيها للرياح بدلا عن عيشة الأقفاص.

بين مراكش وتطوان

لا ترَى دليلَة حياوِي نفسهَا مهاجرة وهي تقول لهسبريس: "أنا مقيمة برُومَا منذ عِقد من الزّمن"، وتزيد: "أزاوج بين كوني شاعرة وكاتبَة، من جهة، وأستاذة للثقافة واللغة العربيّتين، من جهة ثانيّة.. ذلك أنِّي أدرّس بهيئتين تابعتين لمنظّمة الأمم المتّحدَة، وأيضا بالمركز الثقافي الإسلامي، كما أتعاون مع الجامعة الدوليّة للتعليم عن بعد برُومَا".

وبدَأت علاقَة دليلة بالنصوص حين كانت بمسقط رأسها وسط مرّاكش، بينما تطوّر إنتاجها الأدبي كمّا وكيفا حين انتقالها صوب تطوان.. "انطلق مشواري الثقافيّ بالمغرب بنادٍ أدبيّ كنت أرأسه في مرّاكش ويضمّ فنّانين وأدباء من أبناء المدينة والقاطنين بها، أمّا بتطوان فقد نهلت من الثقافات العربيّة والأمازيغيّة والأندلسيّة" تورد حياوي.

هجرَة شخصيّة

حزمت الشاعرَة والكاتبة المغربيّة الإيطاليَّة حقائبها وقصدت رُوما بسبب "دوَاع شخصيَّة"، حيث رأت بأن طيرانها نحو العاصمَة الإيطاليَّة "يلبِّي حاجتها للتحليق بعيدا".. وتعلّق على هذه اللحظة وهي تقول لهسبريس: "لم يكن تغييري لفضاء تواجدي ذا أسباب اقتصاديّة، ذلك أنِّي رغبت في أن أكُون بعيدة عن نعوت من قبيل زوجة فلان أو ابنة علان أو اخت عمر أو زيد.. بينما مثلت رُومَا لِي فضاء تحدٍّ لا أعرف وسطه أحدا".

وتضيف دليلة: "قدمت صوب الضفّة الشماليَّة للبحر الأبيض المتوسط وأنا أتأبّط أحلامَا كثيرة وإصدارا أدبيَّا وحيداً في شاكلة رِوَايَة، فأخذت تتناسل أحلامِي وما تزال.. وإذا لم أحقّق حلما ما أجد في لائحتِي المثخنَة بالمطامح ما يعوضها ويبقِي الآمال حيَّة".

نوستَالجيا

تتذكّر حياوي أوّل يوم لوصولها إلى رُومَا، مقترنا بأوائل أكتوبر العام 2005، ناعتةً إيّاه بـ"اليوم الذي لا يُنسَى".. فقد شدّت الرحال بعد قبولها العمل ضمن طاقم جريدَة تصدر بالعربيّة من ويط العاصمة الإيطاليَّة، وحملت معها تعابير من اللغة الجديدة التي حرصت على تعلّم جزء منها قبل شهرين فقط من موعد السفر.

"كانت التعابير تخونني عندما تهت في الطريق من الساعة التاسعة صباحا حتى الخامسة من بعد الزوال، لكنِّي ما زلت أحتفظ بجو الألفة الذي قوبلت به من لدن ناس لا يتكلّمون الفرنسيّة أو الإنجليزيّة، حيث حاولوا إرشادي نحو وجهتي لأحسّ أني بالمكان الذي سيحتضنني ويبدّد مخاوفي" تصرّح دليلة قبل أن تضيف: "ليس سهلا أن يأتي قرار هجرة بالمؤنث نحو بلد كنت ولا أزال أعيش فيه وحدي".

بعد تخطِّي المصاعب التواصليّة، عبر تعلّم أعمق للغة الإيطاليَة، لم تعد "الوافدة المغربيّة" ضيفة وهي تتحوّل إلى "ابنة للبلد".. وعن العراقيل التي لاقت أيامها الأولى برُومَا تسرد دليلة: "من جملة ما جرَى أنّي تحركت لاستئجار بيت، لكنّ صاحبته التي تمتهن تدريس الفنّ اشترطت عليّ، بطريقة صدمتنِي، عدم إدخال أي حيوان أو مسلمين إلى فضاء السكن، حينها شعرت أنّ عقيدتي قد مسّت".

9 إصدارات

أول إصدار لدليلة حياوي كان في أبريل العام 2000، وحمل عنوان "يوميات زوجة مسؤول في الأرياف" للرواية التي وقعتها، بينما راكمت 8 إصدارات بعد استقرارها برُومَا.. ويتعلق الأمر بـ"شراع اليراع" و"صفر الغربة" و"بريد من الماضي" و"المنهاج التربوي مع الجامعة الدولية لروما" وثلاثة أجزاء من سلسلة "أتعلم اللغة العربية ـ كنز الحروف"، ثمّ "شعراء المتوسط" وديوان مشترك صدر على هامش ماراطون الشعريّ فديوان فردي هو "نسيم الجنوب".

وتتوزّع دور الطبع التي تتعامل معها دليلة الحياوي، المواظبة أيضا على حضور ملتقيات شعرية بالمغرب وإيطاليا وعدد من البلدان عبر العالم، على القاهرة والبوسنة وإيطاليا والوطن الأمّ.. فيما تنأى ذات المغربيّة ـ الإيطاليّة عن الطموحات السياسيّة وهي تقرّ بأن انشغالاتها قد أفردت للفنّ والأدب حتّى تصل بهما إلى أبعد مدَى.. وفق تعبيرها.

سرقة وتواصل

"لا أرَى أن انشغالي المهنيّ يسرق للإيطاليّين أيّا من فرصهم في العمل، ذلك أنِّي أبقى مقترنة بالتدريس اللغوي والثقافي المقترن بالعربيّة، وبالتالي لا أشكّل لمواطني إيطاليا أيّ منافسة" تورد حياوي ضمن حديثها لهسبريس، وتردف: "كنت بسكريتاريّة تحرير جريدة عربية، ليست ايطالية، وذلك ما سهل اندماجي لأن المحيطين بي لم يرَوا في عملي سرقة لوظائفهم.. بينما واجهت كذلك مصاعب لإثبات وجودي الأدبيّ وسط منافسة مبدعين عرب.. كما عملت في تقديم دروس تلفزيونية في العربية، كانت ثمرة جهود مع الجامعة الدولية برُوما، وقد خصصت لتدريس اللغة والثقافة العربية عبر مداخل مقترنة بالمغرب وتراثه".

وتحاول حياوي ضمان تواصلها مع عشاق الأدب بالمغرب عبر إطلالات صحفيّة من منابر ورقيّة صادرة من المملكة، إضافة لتعامل في ذات الإطار مع موقع إلكتروني مغربيّ.. وتقول دليلَة: "أنا راضية عن مساري لأنني أحس بذاتي المغربية التي تشبثت بهويتها كما ستبقَى دوما، ذلك أن جيناتي المغربيّة حيّة بداخلي وتدفعني صوب طموحات أرحب.. إلى جوار عملي بالتدريس تسكنني هواجس الكتابة النهمة التي لا تشبع الأمعاء ولا تسدّد الإيجار.. وإصداراتي الفنية والأدبيّة هي مصدر فخر لديّ".

تحيّن الفرص

وتدعُو دليلَة كل الشباب الراغبين في الانخراط ضمن مسارات خارج المغرب إلى وجوب التريّث إلى حين التحصّل على فرص جادّة تحمي من الصعوبات.. وتضيف في هذا الصدد: "إيطاليا، على سبيل المثال، لا تليق حاليا كوجهة للحالمين بالهجرة، ذلك أن اقتصادها عمّته الهشاشة والاستقرار السياسيّ غاب عنها".

"أدعو شبان وشابات بلدي إلى تحين الفرص السانحة بعيدا عن أي من المغامرات غير محسوبة العواقب.. فحتّى الشركَات الإيطاليّة الكبرى أضحت، الحين، تبحث لها عن آفاق خارج تراب هذه الدولة.. ولي اليقين أن المتوفرين على رؤَى واضحة ومحدّدة، وهم القادرون على تحديد أهدافهم بوضوح، يمكن أن يصلوا لما يبتغون.. وذلك لقاء صعوبات ومشاق تستوجبها الظروف الحالية التي عمّت قساوتها كلّ المجالات".

عن موقع هسبريس

«أبريل 2024»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
Google+ Google+