مريم إسماعيل .. مغربيّة برعت أصابعها بالموسيقَى وقاعات الجراحَة

الخميس, 26 فبراير 2015

عاشت مريم إسماعيل، حتّى الآن، وسط 4 أوساط مجتمعيّة مختلفة تمتدّ ما بين إفريقيا وأوروبا وأمريكا الشماليّة، غير أن روحها بقيت مغربيّة كما كانت فوق التراب الذي شهد معانقتها للحياة وتشكيل نواة شخصيتها التي أطلق لها العنان من أجل التطور وسط تجارب وافرَة.

برعت أصابع يَدَي مريم، في سن مبكّرة، على آلات العزف الموسيقيّ.. لكنّ إسماعيل طمحت لجعل ذات الأصابع تتقن الاشتغال ضمن التدخلات الجراحيّة المعقّدَة.. وهو ما دفعها للتشبّث بطموحها حتّى ضمان تحقّقه.. متحوّلة إلى رابع طبيبة وسط بيئتها الأسريّة.

المدرسة الأمريكيّة

ترعرعت مريم إسماعيل وسط العاصمة المغربيّة الرباط، وبها قضت أولى السنوات الـ18 من عمرها وهي تركّز في الدراسَة، متميّزة ضمن المواد العلميّة التي شدّت إليها اهتمامها وسط المدرسة الأمريكيّة، ومستفيدة من تأثير أمّها من أجل تطوير شخصيتها بالانكباب على التحصيل وكذا الانفتاح على عالم الموسيقَى.

في سنّ الخامسة شرعت مريم في تلقِّي دروس العزف، بالموازاة مع نيلها لأولى دروسها التعليميّة العامّة، مزاوجة في ذلك بين متعتَي الدراسة واللعب.. وحين حصلت على الباكلوريا الدّوليّة، عند الانتهاء من التحصيل الثانوي، شدّت الرحال صوب الديار الأمريكيّة من أجل دراسة البيولوجيا.

"لا أعرف كيف أشكر والدتي، التي هي إسبانيّة قبل اقترانها بأبي المغربيّ، عن إحاطتي برعايتها ومرافقتي بالتأطير ضمن مسار حياتي بالمغرب وخارجه.. فقد وقفت على تعليمي، بمعية إخوتي الستّة، ضمن أحسن المؤسسات، وفاتحة أمامنا تصريف طاقاتنا بالفنّ والرياضَة" تقول مريم إسماعيل ضمن لقائها مع هسبريس.

آفاق أرحب

بفعل دراستها ضمن المدرسة الأمريكيّة بالرباط، فعّلت مريم هجرة تكوين صوب الولايات المتحدة من أجل دراسة البيولوجيا قبل ارتياد كليّة الطبّ التي قضت بها أربعة أعوام.. جامعة بين التكوين الأكاديمي ونظيره الحياتيّ.. "أطروحة تخرجي كانت حول الخفافيش، وبعدها تخصّصت في جراحة العظام بتحرك قادني إلى الديار الإسبانيّة، وهو ذات التخصص الطبي لأبي وأخي الطبيبين، فيما أمِّي طبيبة أطفال" تورد ذات المتحدّثة.

شاءت مريم إسماعيل أن تتموقع بحيز جغرافي أقرب إلى المغرب، ولذلك اختارت إسبانيا من أجل إكمال مشوارها التكويني ضمن المجال الطبيّ، فقصدت جامعة مدريد لهذه الغاية، واستفادت خلال هذه المرحلة من إرشادات الأسرة لأجل التدقيق في العلوم المقترنة بالعمود الفقري والتدخلات التصحيحية التي تتم أجرأتها لمواجهة أي اختلال يطاله.

إلى إيطاليا

اختارت مريم أن تستقرّ بإيطاليا قبل شهور من الحين، قاصدَة بذلك العاصمة رُومَا عقب تعرّفها، بمقامها الإسباني، بفريق عمل عالميّ يقوده طبيب إيطاليّ رحّب بها وسطه واقترح عليها مواكبة تدخلاته وأبحاثه.. وبهذا الخصوص تعلق إسماعيل: "لم أكمل العام بعد بمقامي الجديد الذي وفدت عليه لتقويَّة مهاراتي في المجال، وقد كانت بدايتي جيدة في مستشفَى كَالِيتسِي وأنا احصل على الجائزة الأولى التي تمنحها الشركة الأوروبية لجراحة العمود الفقري".

وتزيد مريم: "أنتمي إلى طاقم متمرّس، ولم أتردد في الالتحاق بهم لأني اعتبرت هذه الخطوة يمكن أن تجعلني اتعلّم ميدانيا أكثر فأكثر، إلى جوار اشتغالي بتدخلات معقّدَة وقربي من مجال البحث ضمن جراحة العمود الفقري التي تعدّ من بين التخصّصات الجراحية المعقّدة للغاية والتي لا نعرف عنها أمورا كبيرة مقارنة مع باقي التخصصات".

وبالرغم من التميز الذي أبانت عنه مريم ضمن التخصص الجراحي الذي تمارسه منذ سنوات إلاّ أنّها ما تزال تعتبر نفسها سائرة ضمن بدايات طريق التعلّم، كاشفة بأنها تسعَى لمراكمة الخبرات على نطاق أوسع، وأنها تهدف إلى إفادة المغرب، وطنها الأمّ، بما تعلّمته من أجل المساهمة في مساعدة المغاربة الذين يحتاجون تدخلات جراحية قد تصعب أمام غياب تخصص لجراحة العمود الفقري بمؤسسات التكوين الطبي للمملكة.

عَالم النوتَات

لا تتوفر مريم على جدول زمني قار ينظّم أداءها المهنيّ، وكل ما تعرفه يقترن بكون اشتغالها يشرع فيه خلال ساعات الصباح الأولَى دون أي معرفة لميقات الانتهاء منه.. لكنّ إسماعيل تحرص، عند تمكّنها من نيل وقت فراغ بعيد عن المشفَى ومختبر البحث ودروس المواطنة الدولية التي تبصم عليها وسط جامعة رومَا، على معانقة عالم النوتات.

تتقن ذات المغربيّة التعامل مع عدّة آلات موسيقيّة بذات الإتقان الذي يحيط بتعاطيها مع عتاد الجراحة.. إلاّ أنّها تفضّل آلة الكمان على غيرها بفعل الارتباط الوجداني بأوتارها منذ نعومة أظافر نفس الشابّة حين مقامها بالرباط، إذ كان الكمان بوابة ولوجها لعالم الموسيقي قبل الانتقال لتعلّمات عزفية أخرَى.. كما تواظب مريم على المشاركة ضمن عدد من الحفلات المخصصة لدعم كبار السنّ وذوي الاحتياجات الخاصّة والأطفال الكائنين بوضعيات صعبة.. وتورد بشأن ذلك: "الموسيقَى رائعَة، لكنّ الأروع هو استثمارها في تخفيف الآلام، تماما كما هو الامر بالنسبة للتطبيب".

تعلّم ومساعدة

تعتبر مريم إسماعيل أن الصعوبات والعراقيل متواجدة في كل مكان بالعالم، تماما كما يتواجد الإصرار على تحدّيها بكل الكائنات الحيّة.. وتزيد مريم: "ينبغي أن يركّز مواجهوا التحديات في الأهداف التي قادتهم إليها، فالأهم هو التركيز بالدراسات والإتقان للأعمال.. فمن هاجر ليس كمن اختار التحرك للسياحَة.. وهذا التمييز يكسب المهاجرين طاقة يمكن استثمارها لتحقيق النجاح".

وترَى ذات المغربيّة أن شباب وطنها الأصل الراغبين في تحقيق ذواتهم ضمن تجارب هجرة ينبغي عليهم التركيز ضمن المسارات التي اختاروها دون إغفال مساعدة من هم وسط ذات المحيط الذي يتواجدون به.. دون إغفال من ينتظرون نجاحه وسط المغرب، وما يتطلبه ذلك من تشريف لهم.. كما تزيد مريم إسماعيل: "الطموح يجعل من كل إشراقة شمس سببا للكدّ والجدّ.. ولذلك ينبغي إبعاده عن الأفول".

عن هسبريس

«أبريل 2024»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
Google+ Google+