تواصل الفنانة المغربية إيناس نور شقرون تقديم بصمتها التشكيلية عبر معرضها الجديد “أوربيس فيتاي” الذي يحتضنه “رواق 38” بجنيف، في أول معرض فردي للرواق منذ افتتاحه. ويقترح هذا المشروع الفني، الممتد إلى غاية 10 يناير، رحلة بصرية تستكشف دورة الحياة والأنوثة وتحولات الجسد في حوار مفتوح مع الطبيعة.
رحلة بصرية في دورة الحياة والأنوثة
المعرض، المفتوح بصريا وروحيا، يواصل مسار الفنانة التي سبق أن قدمت تجارب مشابهة في الدار البيضاء. ويقوم على ثلاثة محاور: الساعة البيولوجية، عالم مائي مفتوح، ثم مسار يتقاطع فيه البحر والأم، قبل بلوغ بعد خلوي يستعيد براءة الذاكرة الأولى حيث تتداخل الأمومة مع النظرة الطفولية للذات.
تقنيات تشكيلية لإنتاج عمق بصري
وتعتمد شقرون في أعمالها على بنية تقنية تنطلق من خلفية منجزة بالرش باستعمال بخاخات الأكريليك، ثم تعاد معالجتها بطبقات زيتية تكسب اللوحة كثافة وعمقا. هذا الاشتغال يمنح أعمالها بنية شفافة تتخذ من الدائرة رمزا مركزيا للخلق والتحول والتجدد، وهو اختيار بصري يعكس توجّه الفنانة نحو قراءة داخلية للأنوثة باعتبارها قوة حيوية تُعيد تشكيل العالم.
وقالت شقرون إن تجربتها الفنية مرتبطة بتطورها الشخصي كامرأة، معتبرة الإبداع وسيلة لفهم تحولات الجسد والهرمونات ومراحل العمر من المراهقة إلى الأمومة، بما تحمله من تساؤل وولادة متجددة. وتضيف أن جزءا من أعمالها يستمد طاقته من الذاكرة ومن الصدمات التي تحوّلها إلى مادة فنية.
“أوربيس فيتاي” نشيد بصري
من جانبها، أوضحت جولي فازيو، المديرة الشريكة لـ”رواق 38″، أن عنوان المعرض يستلهم رؤية فلسفية للعالم باعتباره دورة دائمة من الميلاد والنمو والتغير. وترى أن مقاربة شقرون الحدسية تنسج علاقة حميمة بين دورة الحياة ودورة الجسد البشري، ما يجعل “أوربيس فيتاي” أشبه بنشيد بصري تتجاوب فيه الطبيعة والوعي الإنساني.
وتتنوع أعمال الفنانة بين اللوحات التجريدية والمجسمات التعبيرية، مستخدمة مواد خام مثل البلاستيك والصوف والطين، إلى جانب الرسم بالألوان الزيتية والأكريليك. وتهدف من خلال هذا التنوع إلى الكشف عن جذورها والبحث عن المعنى، وإلى تقديم رسائل محلية بنَفَس عالمي يتجاوز الحدود والمسافات.
إيناس نور شقرون من مواليد الدار البيضاء، درست الفن في مدرسة الفنون الجميلة بباريس، ثم في أكاديمية ديل آرتي بفلورنسا، قبل حصولها على شهادة في النقد الفني من معهد الفنون النظرية في تورونتو. هذا المسار الأكاديمي المتعدد جعلها تجمع بين الحس التقني والطرح المفاهيمي، وهو ما يظهر في اشتغالها على العوالم الداخلية للأنثى عبر لغة تشكيلية تقوم على الرمزية الدائرية والانفتاح على الطبيعة.
رواق 38 يعزز حضوره الدولي
ويأتي هذا المعرض ضمن استراتيجية “رواق 38” لتوسيع حضوره الدولي بعد افتتاح فضائه في جنيف في أبريل الماضي، حيث نظّم منذ ذلك الحين معارض جماعية قدمت فنانين مغاربة. ويؤكد الرواق من خلال احتضان أول معرض فردي لشقرون التزامه بدعم جيل جديد من الفنانين الذين يقدمون رؤية معاصرة جريئة وذات بعد إنساني واضح.









