بقلم ميشال أبيتبول
لقـد شـكلت الحركيـة الجغرافيـة، المكونـة مـن موجـات متتاليـة، معـالم في تاريـخ اليهوديـة بالمغـرب، وهـي يهوديـة ترتبـط بالأسـاس بالتجـارة والصناعـة التقليديـة، وتقتـي بحكم ذلـك تنقلات عـلى المسـافات البعيدة.
وقـد كان دافـع تلـك التنقـلات الرغبـة في الحـج، حيـث كان اليهـود يرافقـون أحيانـا مواكـب الحجـاج المتجهة إلى مكـة كي يبلغـوا بيـت المقـدس. وفي أوائـل القـرن التاسـع عـشر دفـع انفتـاح المغـرب عـى الغـرب مـن خـلال التجـارة البحريـة بكثـير مـن اليهـود المغاربـة إلى الالتحـاق بالمـدن الشـاطئية التـي كانـت تمثـل أبوابـا نحــو أوربــا وأمريــكا اللاتينيــة. وقـد انطلقــت الهجـرة صــوب البرازيــل والبـيرو في بداياتهــا في ظــروف مــن الهشاشـة الاقتصاديـة، قبـل أن تتحـول إلى اسـتقرار أكـر اسـتدامة مـع ازدهـار تجـارة الكاوتشـوك.
وتوجهـت موجـة أخـرى مـن الهجـرة صـوب أوربـا لتبلـغ إنجلـترا، حيـث كانت تسـتقر عائـلات يهوديـة كبرى قادمـة مـن المغـرب الكبـير. وقـد حافـظ هـؤلاء المهاجـرون عـلى روابـط قويـة مـع البلـد الأصـل، وخصوصـا بفضـل جـوازات السـفر البريطانيـة أو البرازيليـة التـي حصلـوا عليهـا. وبالتـالي يمكـن القـول إن يهـود المغـرب قــد شــكلوا مبكـرا جاليــة حقيقيــة عـبر العــالم، محافظـين عــى شــبكات عائليــة وتجاريــة وثقافيــة. وقــد توجهـت موجـة هجـرة أخـرى صـوب فلسـطين للالتحـاق بــ «أرض صهيـون»، وسـتحاول السـلطات المغربيـة لفـترة مـن الزمـن كبـح جـماح هـذه الهجـرة التـي كانـت تحرمهـا مـن ضرائـب اليهـود وتفـي في الآن نفسـه إلى زعزعـة التـوازن الديمغـرافي للسـاكنة المسـلمة في فلسـطين.
بعـد الحمايـة الفرنسـية والنضـال مـن أجـل اسـتقلال المغـرب وقيـام دولـة إسرائيـل ثـم الحـروب العربيـة- الإسرائيليـة ونشـوء وتنامـي شـعور مناهـض للصهيونيـة، هاجـر كثـير مـن اليهـود المغاربـة، حيـث سـيفضل بعضهـم، عـلاوة عـى فلسـطين، الاسـتقرار في فرنسـا وإسـبانيا وكنـدا. هكـذا غـادر 20000 يهـودي المغـرب انطلاقـا مـن 1948، ثـم غـادره 45000 منهـم بعـد حـرب يونيـو .1967
بالنسـبة إلى بلجيـكا جـاءت هجـرة اليهـود المغاربـة بالأسـاس مـن المغـرب مبـاشرة، وكان دافعهـا الدراسـة أو الزواج أو الفـرص الاقتصاديــة. وإذا كان أبراهــام سيكســو، وهــو قنصــل بطنجــة، أول يهــودي مغــربي يحصـل عـى الجنسـية البلجيكيـة في 1887، فـإن حـوالي 1500 يهـودي مـن السـفارديم سيسـتقرون ببلجيـكا في سـبعينات القـرن المـاضي. وقـد كان هـؤلاء نشـيطين جـدا عـى المسـتوى الثقـافي والدينـي، وخصوصـا مـن خـلال بنـاء عـدة معابـد يهوديـة جديـدة.
في 2000، كان هنـاك فقـط 4000 يهـودي يقيمـون في المغـرب، غـير أن آلافـا مـن السـياح مـن أصـول مغربيـة يهوديـة يعيـدون اليـوم ربـط الاتصـال بجذورهم.