ندد تقرير صادر عن جمعيتين فرنسيتين (يوتوبيا 56 وAADJAM) بداية شهر يوليوز 2025، بالتفاوتات الكبيرة بين المقاطعات في رعاية القُصّر الأجانب غير المصحوبين بذويهم في فرنسا، مؤكدا حسب ما نشره موقع مهاجر نيوز (infomigrants) وجود إخفاقات منهجية واختلالات إدارية تؤثر على حقوقهم الأساسية وتدفع المئات منهم إلى الشوارع دون حماية.
وكشف التقرير، الذي شمل 53 منشأة في 38 مقاطعة، أن تقييم أوضاع هؤلاء القاصرين وتوفير المأوى مسؤولية المقاطعات وليس الدولة، مما يؤدي إلى اختلاف المعاملة بشكل كبير بحسب مكان الوصول، وهو ما يترك آثاراً خطيرة على مستقبل هؤلاء الشباب.
الإهمال والتقييم السريع يفاقمان هشاشة القاصرين
تشمل أوجه القصور المعايير الذاتية المتباينة لتحديد سن القاصرين، التقييم السريع للوثائق دون مراعاة الصدمات النفسية، نقص المرافق، وإقامة القاصرين في فنادق مخالفة للقانون، إضافة إلى الإشراف العشوائي بسبب نقص الموظفين. في حالات كثيرة، يُعلن القاصرون أنفسهم عند وصولهم، لكن المقاطعات تعتبرهم بالغين وتتركهم في الشوارع، رغم أن نصفهم تقريباً يحصلون لاحقاً على اعتراف قضائي بوضعهم كقاصرين بعد استئناف قد يستمر عاماً ونصف، يُتركون خلاله دون رعاية.
ضغط متزايد على خدمات حماية الطفل (ASE)
شهدت خدمات حماية الطفل ASE ضغطاً متزايداً نتيجة سياسات الهجرة الصارمة، مع تسجيل عمليات طرد عنيفة. بين فبراير ومايو 2024، طُرد 828 شاباً من منازلهم في باريس. الغالبية من غينيا، ساحل العاج، تونس، بنغلاديش، غامبيا والكاميرون، معظمهم من الذكور الفارين من العنف والفقر. في 2024، وفرت ASE الحماية رسمياً لـ13,554 قاصراً غير مصحوب بذويه.
عقبات في طلب الحماية والإيواء
يُواجه هؤلاء القاصرون صعوبات في معرفة كيفية طلب الحماية فور وصولهم، خاصة ليلاً وفي عطلات نهاية الأسبوع. رغم إلزام القانون المقاطعات بتوفير مأوى طارئ لمدة 5 أيام قابلة للتجديد، ترفض بعض المقاطعات تقديم هذه الرعاية. ومنذ 2013، تحملت المقاطعات تكاليف الرعاية مع إمكانية تعويض الدولة، حيث تُقدر الكلفة بـ90 يورو يومياً لمدة 14 يوماً. في باريس، تتكفل جمعية “فرنسا أرض اللجوء” بالتقييم والإيواء، وقد ارتفع عدد القاصرين غير المصحوبين بذويهم من 1500 عام 2015 إلى 10,500 في 2023، مع تقديرات بـ8500 في 2024، ما يمثل 30% من الأطفال الذين ترعاهم بلدية باريس بميزانية 80 مليون يورو.
في 2023، زاد عدد القاصرين المعلن عنهم بشكل حاد، ما أحدث خللاً في نظام الاستقبال. وقد اعتبرت لجنة التحقيق البرلمانية النظام “متصدعاً” وأن هؤلاء القاصرين “منسيون بالكامل”. رغم إنشاء هيئة لتعزيز الحوار بين الحكومة والمقاطعات وتحديد مشاريع ذات أولوية لرعاية القاصرين، أظهر التقرير الأخير أن النظام لا يزال غير موحد في فرنسا، وبعض المقاطعات لا تلتزم باستقبال القاصرين أو تعلق استقبالهم، كما حدث في سين-سان-دوني وماين وألزاس سابقاً.
انتقد التقرير التحقيقات الاجتماعية السريعة التي تُجرى غالبا دون مترجم فوري وبمعايير “ذاتية للغاية”، مع التشكيك في وثائق الهوية وعدم مراعاة الصدمات النفسية. رغم أن القانون ينص على افتراض كون الشخص قاصراً في حالة الشك، فإن الواقع يختلف، حيث انخفض معدل الاعتراف بالقاصرين من 52% عام 2016 إلى 19% عام 2021 ثم إلى 23% في 2023.
يبقى الوصول إلى العدالة والمعلومات صعبا، إذ يجهل القاصرون اللغة الفرنسية والإجراءات الإدارية وآلية الطعن أمام قاضي الأحداث المخول بالاعتراف بوضعهم. وحتى صدور الحكم، يجب ضمان “افتراض القِصَر” ليستفيد القاصر من الرعاية المؤقتة، لكن في مارس 2024، تبين أن واحداً من كل ثلاثة قاصرين يطلبون التعويض القانوني يعيشون في الشوارع، وغالباً تكون الأرقام الفعلية أعلى.
تجاهل رسمي للتحذيرات الدولية
ورغم حشد الجمعيات ونشر تقارير المنظمات غير الحكومية والمؤسسات، إلا أن التحذيرات والدعوات لتغيير النظام الخاص بالقاصرين هذا لم تلق آذانا صاغية. ففي الأول من تموز/يوليو، رفض مجلس الدولة طلب 27 جمعية تطالب فرنسا بمواءمة سياستها في إيواء وتقييم أعمار القاصرين غير المصحوبين بذويهم مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، التي وقّعت عليها. وفي مناسبتين سابقتين، في عامي 2023 و2024، أدانت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل فرنسا لانتهاكها هذه الاتفاقية. وفق ما جاء في التقرير.