بمناسبة الاحتفال بمرسيليا عاصمة للثقافة الأوروبية، تدشن المدينة الساحلية الواقعة جنوب فرنسا، هذا الأسبوع، أكبر متحف وطني لحضارات المتوسط. وسيحمل المتحف تسمية «موسم»، حسب الحروف الأولى للمشروع بالفرنسية، مع ما تحمله الكلمة من معنى بالعربية ينسجم وملايين المهاجرين المغاربيين المقيمين فيها.
وحسب جريدة الشرق الأوسط اللندنية (05 يونيو 2013) التي نشرت مقالا في الموضوع، فإن المتحف المتحف يضم 250 قطعة تتدرج من القرن التاسع عشر وحتى الحاضر، بالإضافة إلى 450 ألف صورة فوتوغرافية و130 ألف ملصق ورسم و100 ألف كتاب وصحيفة. وبهذه الحصيلة يمكن للزائر أن يتابع التطورات الاجتماعية التي مرت بها منطقة البحر الأبيض المتوسط في العصور الحديثة. وقد جاءت المعروضات من المقتنيات التي آلت ملكيتها إلى المتحف من متحف سابق للفنون الشعبية والتقليدية كان قد أغلق أبوابه في باريس، قبل سنوات. كما حصل المتحف على جانب من مقتنيات متحف الإنسان الخاضع، حاليا، للتصليحات في العاصمة.
احتاج نقل الموجودات من باريس إلى مرسيليا -تضيف الشرق الأوسط- ورشة كاملة من عمليات تحويل الملكية والتفكيك والصيانة والشحن والتأمين والتركيب. وبحسب برونو سوزاريلي، مدير المتحف، فإن هناك نحو 20 ألف قطعة وأثر ستبقى في المخازن لكي تعرض دوريا بسبب ضيق المكان، على رحابته، عن استيعاب كل المقتنيات. وهي المرة الأولى التي تعرض فيها بشكل لائق موجودات المتحف السابق للفنون الشعبية والتقليدية. فقد كانت هذه المأثورات شبه منسية ومحرومة من الزوار ومن انتباه الدارسين والباحثين رغم أنها تشكل منجما إثنيا مهما. لقد خرجت من إطار «الفولكلور» لتقدم ضمن إطار الحضارة بمعناها الواسع. ويحرص القائمون على المشروع على التذكير بأن هذا المتحف ليس مجرد مكان لتجميع آثار قديمة بل هو مركز حضاري لمدينة ذات نشاط ثقافي حي ومتجدد.
تلفت عمارة المتحف النظر وسط حي «بيل دو ماي» أو جميلة مايو، حيث تشغل 14 ألف متر مربع وتتألف من مركز لحفظ المقتنيات وفضاء للاستشارة العلمية وأخيرا صالات العرض. وبلغت كلفة البناء 200 مليون يورو. ويمكن الإطلال على المتحف من مدخل الميناء القديم. وقد أضاف المبنى طابعا حداثيا جديدا على جبهة البحر في مرسيليا، لا سيما أنه يقع في مواجهة قلعة «سان جان» العتيقة المشبعة بالتاريخ والعائدة للقرن السابع عشر. وقد تمت، في الوقت نفسه، صيانة القلعة وجنائنها المعلقة وفتحها للزوار بعد أن كان المنظر البديع المطل على البحر يقع ضمن منطقة لا يرتادها سوى أفراد الجيش.
تتوزع المعروضات في المتحف حسب موضوعاتها. فهناك، مثلا، صالة أوقات التسلية. وهي تضم كل ما يتعلق بالأعياد الشعبية ومدن الملاهي والألعاب السحرية وغيرها من لوازم الترفيه في وقت الفراغ. ويمكن أن يستضيف المتحف -تقول الشرق الأوسط- ندوات وحفلات موسيقية وعروضا سينمائية. وهناك جسر يربط هذا الجزء من صالات العرض بموقع مخصص للمنطقة التي كانت سفن المهاجرين ترسو فيها في ميناء المدينة. ويعتبر هذا الجزء تحفة معمارية من إبداع المهندس رودي ريكيوتي، على شكل مكعب مغلف بالمشربيات العملاقة من الحجر الرمادي المائل للزرقة. وبقدر ما يبدو المنظر لافتا من الخارج فإن المنظر من الداخل لا يقل إدهاشا بفضل لعبة الظلال والأضواء الطبيعية المتسللة من فتحات المشربيات، مع شرفة واسعة تطل على البحر.