احتضن رواق مجلس الجالية المغربية بالخارج بالمعرض الدولي للنشر والكتاب اليوم الثلاثاء 18 فبراير 2014 لقاء ثقافيا حول موضوع “من أجل متحف خاص بذاكرة الهجرة” بمشاركة كل من أحمد سراج مؤرخ ومكلف بمهمة بمجلس الجالية المغربية بالخارج، وعثمان منصوري أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، وقاسم أشهبون رئيس مؤسسة حوار للصداقة المغربية الهولندية، وليلى مزيان أستاذة التاريخ في جامعة الحسن الثاني بالمحمدية ومتخصصة في التاريخ والتراث البحري بالمغرب، وعبد السلام بوطيب رئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم، وأحمد غزلي مختص في التراث وعلم التحافة.
في البداية ذكر أحمد سراج أن الدعوة إلى إنشاء متحف خاص بذاكرة الهجرة يندرج ضمن الاهتمام الاستراتيجي لمجلس الجالية المغربية بالخارج بذاكرة وتاريخ الهجرة المغربية.
وأشار إلى أن التراكم الذي حققه الوجود المغربي بالخارج يحتم تخصيص مؤسسة تعنى بالهجرة داخل المغرب، داعيا إلى ضرورة انخراط المجتمع المغربي بكافة فئاته ومكوناته في هذا المشروع لحفظ ذاكرة الهجرة وتاريخها.
أما المؤرخ عثمان منصوري فأكد أن أغلب الإنتاجات التاريخية بالمغرب تتحدث بشكل خاص عن المغربي بالداخل وتتغاضى عن مغاربة الخارج؛ رغم أن المغربي بالخارج قد خلق تاريخا وذاكرة في بلدان الاستقبال.
ودعا منصوري إلى توسيع الاهتمام التاريخي ليشمل كل المغاربة لتدارك النقص الحاصل في الدراسات التاريخية الخاصة بمغاربة العلم، ونبه إلى أهمية جمع الوثائق والمعلومات حول الهجرة المغربية، وكذا إنشاء متحف يسجل ويجمع كل ما له علاقة بذاكرة الهجرة.
بالنسبة لقاسم أشهبون الفاعل الجمعوي المغربي بهولندا فقد ذكر أن هناك اهتماما كبيرا بالدراسات حول الهجرة المغربية في هولندا، وسلط الضوء على تجربة رائدة قام بها معهد تاريخ المهاجرين التابع لجامعات ليدن وأمستردام ونيميخن، ويتعلق الأمر بإنشاء فضاء افتراضي على الأنترنت بعنوان: خمسة قرون من الهجرة؛ حيث استطاع هذا الفضاء توفير آلاف الوثائق والصور حول الهجرة، وقد حظيت مسألة الهجرة المغربية بمكانة مهمة في هذا الفضاء الافتراضي.
هذا وقد أشار أشهبون إلى ضرورة المبادرة لتسجيل شهادات الجيل الأول حول الهجرة لأن أغلبهم يرحلون دون أن تتم الاستفادة من تجربتهم في الهجرة.
أما عبد السلام بوطيب المهتم بقضايا الذاكرة فقد نوه بالحضور القوي للذاكرة لدى الجالية المغربية بالخارج، وأكد أن مشروع المتحف سيساهم في تحويل إشكالات الذاكرة؛ أو الماضي الذي لا يريد أن يمضي، إلى ثقافة تعم الجميع.
المؤرخة المغربية ليلى أمزيان أوضحت في مداخلتها أن المغاربة يهتمون بماضيهم وبذاكرتهم، مشيرة إلى أهمية الاشتغال بشكل مستعجل من أجل استعادة الذاكرة عن طريق إنشاء المتحف؛ مع مراعاة التعدد الثقافي الذي يتميز به المغرب، والاستفادة من التجارب العالمية لبناء الذاكرة والمتحف.
المداخلة الأخيرة كانت من تقديم أحمد غزلي المتخصص في قضايا المتاحف، حيث ذكر بعض التجارب العالمية بخصوص إنشاء المتاحف، مذكرا أن كل دول أوروبا الغربية وأمريكا تتوفر على متاحف للهجرة ولا بد م الاستفادة منها.
ورصد غزلي أربعة أصناف أو أجيال من المتاحف:
الأول يتعلق بتلك المتاحف التي تنظر إلى الهجرة باعتبارها عاملا مؤسسا للمجتمع، وهو ما نجده في أمريكا وكنداوأستراليا ودول أمريكا اللاتينية… حيث إن أغلب هذه الدول تعتبر الهجرة فيها مسألة طبيعية جدا، وهي تسعى لتوثيق هجراتها.
الثاني يخص متاحف تلك الدول التي تحتفي بهجراتها إلى الخارج كالنموذج الإيطالي.
والثالث يتعلق بالمتاحف الخاصة بالجاليات من أصول مهاجرة، والتي تقام داخل مجموعة من الدول؛ خاصة دول أوروبا الغربية التي استقدمت اليد العاملة كألمانيا وفرنسا وإسبانيا…
وهناك صنف رابع وهو موضوع هذا اللقاء، ويتعلق بإنشاء متاحف للاحتفاء بالمهاجرين الذين هاجروا حديثا إلى أوروبا وإلى العالم، وذكر غزلي بهذا الخصوص أنه ليس هناك نماذج من هذا النوع في بلدان أخرى، وتمنى أن يكون هذا المتحف نموذجا يحتذى به.
للإشارة فإن هذا اللقاء الثقافي يندرج ضمن فقرة “فضاء للنقاش”، والذي يخصص لنقاش مفتوح حول القضايا المتصلة بالتطورات الجارية والتي تهم قضايا الهجرة والجالية المغربية بالخارج.
هيأة التحرير