يحظى ملف الهجرة الغير قانونية بأهمية خاصة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، لما أصبح يشكله من تحدًّ لمجموعة من الدول الأعضاء خصوصا تلك المتواجدة في الجهة الجنوبية للقارة المطلة على البحر الأبيض المتوسط.
وبالنظر لتزايد عمليات الهجرة غير القانونية نحو الحدود الأوروبية خصوصا محور إسبانيا وإيطاليا، وما ينطوي عليه من كوارث إنسانية بشكل متفرق وبأضرار متفاوتة، برزت مع غرق قارب قرابة سواحل لمبيدوزا الإيطالية، قررت دول الاتحاد المضي نهج استراتيجية أكثر نجاعة من أجل ضبط الحدود ومحاولة التخفيف من موجات المهاجرين غير القانونيين التي ما فتأت تتكاثر بفعل عدم الاستقرار في العديد من المناطق.
درع متوسطي من قبرص الى جبل طارق
في هذا الإطار قام الاتحاد الاوروبي يوم الاثنين 2 دجنبر 2013 بتفعيل نظام جديد لمراقبة حدوده الخارجية في الجنوب لتعزيز مكافحة الهجرة غير الشرعية وتفادي حوادث غرق جديدة قبالة سواحله، والذي سبق أن وافق عليه وزراء الاتحاد الأوروبي المسؤولون عن الشؤون الأوروبية ببروكسيل يوم 22 أكتوبر من نفس السنة.
وتهدف هذه المنظومة بالأساس إلى تشديد عمليات الرقابة على الحدود الخارجية، البرية والبحرية، لفضاء شنغن من قبرص الى جبل طارق، من خلال آلية تتيح لسلطات الدول الأعضاء المسؤولة عن مراقبة الحدود تبادل معلومات عملية والتعاون فيما بينها ومع، الوكالة الاوروبية لمراقبة الحدود فرونتكس، من أجل تقليص عدد المهاجرين الذين يدخلون الاتحاد الاوروبي خفية.
وترى المفوضية الّأوروبية أن هذا النظام فعال وعملي؛ بما أنه “سيسمح بالوصول الفوري إلى معلومات تتيح تحديد المخاطر والمشاكل على الحدود الخارجية لتمكين الدول من اتخاذ قرارات”، وفق ما أعلنته المفوضة المكلفة بالأمن والشؤون الداخلية بالاتحاد الاوروبي سيسيليا مالمستروم.
سينطلق العمل بهذا النظام بمشاركة 18 دولة جلها تقع في الحدود الخارجية للقارة الأوروبية على أن تنضم إليها بعد سنة، ثماني دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، بميزانية تصل في مجملها إلى 224 مليون يورو.
شفرات حادة بالرغم من الانتقادات
بالإضافة إلى هذه الآلية الإقليمية لمراقبة الحدود، يبدو أن بعض الدول المتضررة بشكل كبير من تداعيات الهجرة غير القانونية طورت آليات محلية لمراقبة الحدود، تكون أحيانا مبالغا فيها من حيث الاجتهاد والتطبيق.
وبهدف “ردع” المهاجرين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء والراغبين في التسلل إلى الاتحاد الأوروبي من خلال مدينة مليلية الموجودة في التراب المغربي والخاضعة للسيطرة الإسبانية، قررت إسبانيا تسييج حدودها بشفرات حادة على طول الجدار الحدودي مع المغرب.
وووجهت هذه الخطوة بانتقادات شديدة كان آخرها مطالبة المفوضية الأوروبية وزير الداخلية الإسباني خورخي فيرنانديث دياز بتقديم تبريرات من أجل معرفة جميع التفاصيل المتعلقة بهذه الخطوة.
وبحسب جريدة إل باييس الإسبانية فإن المفوضية الأوروبية لاحظت كيف أن إسبانيا انتقلت من اعتبار الهجرة مصدرا للتنمية والاندماج إلى وضع شفرات حادة على حدودها من أجل وقف تدفق المهاجرين بطريقة غير قانونية.
يذكر أن فكرة وضع شفرات حادة على حدود مليلية تبلورت سنة 2005 مع حكومة الاشتراكي خوسي لويس ساباتيرو، لكن تم سحبها سنة 2007 بضغط من المنظمات غير الحكومية التي دقت ناقوس الخطر بسبب الأضرار التي تسبب فيها هذه الشفرات للمهاجرين، لتعيد حكومة اليميني راخوي تبنيها سنة 2013 بالرغم من الانتقادات الموجهة إليها.
محمد الصيباري
مجلس الجالية المغربية بالخارج