احتضن رواق مجلس الجالية المغربية بالخارج بالمعرض الدولي للنشر والكتاب اليوم 17 فبراير 2014 مائدة مستديرة حول موضوع “الإسلام بالديار البلجيكية: أربعون سنة من الاعتراف” بمشاركة كل من عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، وخالد حاجي، رئيس مجلس إدارة المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، وفريد العسري، المتخصص في الأنتروبولوجيا والباحث مساعد بالجامعة الكاثوليكية للوفان.

وفي هذا الإطار ذكر بوصوف أن الحديث عن إسلام بلجيكي يستمد مشروعيته من كون أن لكل بلد أوروبي خصوصيته، وأن النظام العلماني في أوروبا يختلف من دولة لأخرى؛ مشيرا إلى أن بلجيكا تعترف بالدين وتموله، وأن هناك خصوصية في النظام القانوني البلجيكي قائم على التوافقات؛ ولعل أشهرها كما ذكر التوافق المدرسي.

أما بخصوص الأهداف التي من خلالالها تسعى الدول الأوروبية بشكل عام وبلجيكا بشكل خاص لتنظيم الإسلام فذكر بوصوف مشكل تشتت الجمعيات الممثلة للجاليات الإسلامية؛ خاصة وأن السلطات الأوروبية تريد مخاطبا واحدا للتعامل معه، إضافة إلى المشكل الأمني وما قد يثيره من قلاقل في المجتمع خاصة مع وجود فئات لا ترغب في تواجد المسلمين على أراضيها، هذا بالإضافة إلى سعي هذه الدول لإيجاد إسلام متأقلم مع السياق الأوروبي.

وفي معرض حديثه عن تنظيم الإسلام في بلجيكا وأوروبا ذكر بوصوف أن السلطات الأوروبية تنظر إلى الإسلام وإلى وجود المسلمين من خلال التجربة الأوربية التاريخية ممثلة في التنظيم الكنسي للدين المسيحي الكاتوليكي والبروتستاني… وفي هذا الإطار -يقول بوصوف- يمكن فهم التركيز الأوروبي على مسألة التراتبية عندما يتعلق الأمر بتسيير الديانة الإسلامية؛ مبينا أن تنظيم الشأن الإسلامي مرتبط في الرؤية الإسلامية بالعلم، وليس بالضرورة أن يكون الفاعل الديني هو الممثل الوحيد والشرعي للديانة الإسلامية.

ودعا بوصوف في نهاية مداخلته إلى إعادة النظر في من يتولى تمثيل الإسلام في أوروبا؛ مركزا على معيار العلم في اختيار من يمثل الإسلام، داعيا أيضا إلى عدم إخضاع الإسلام للتقلبات السياسية خاصة وأن كل فريق سياسي أوروبي يسعى إلى اختيار والتركيز على المسلمين الذين يتعامل معها…

ومن جهته قال الباحث الأنتروبولوجي فريد العسري إن بلجيكا تشكل فرصة تاريخية للمسلمين بسبب انفتاح الدولة على الإسلام والمسلمين، مشيرا إلى أنه إذا لم تنجح هذه التجربة فلن تنجح التجارب الإسلامية الأخرى في أوروبا، مؤكدا في مداخلته أن واقع وحضور الإسلام في بلجيكا يتطلب تقديم وتقييم حصيلة أربعين سنة، منبها أن هذا الحضور مرتبط أساسا بمسلسل الهجرة بما أن أغلب المسلمين ينحدرون منها.
وذكر المتخصص في قضايا الإسلام في أوروبا إن المسلمين أصبحوا مصدر سوء فهم في الواقع الأوروبي، وفي المقابل أشار العسري إلى أن الجانب المؤسساتي في الواقع الأوروبي لم يواكب بشكل كاف حقيقة تجذر الإسلام في أوروبا.

هذا وأشار العسري إلى ظاهرة توظيف الأرقام التي تتحدث عن حجم المسلمين في الفضاءات العامة ببلجيكا من طرف بعض الجهات في المجتمع الأوروبي، والتي تساهم في تغذية خطاب رفض المهاجرين خاصة من ذوي الأصول الإسلامية.

وفي تصريح للبوابة الإلكترونية لمجلس الجالية المغربية بالخارج قال فريد العسري إن المسلمين مطالبون بإعادة النظر في التصور الذي يحملونه عن الإسلام خاصة في ظل هيمنة العقلية الفقهية التي تختزل الإسلام في ثنائية حلال / حرام، والانتقال إلى علاقة تستحضر كافة الأبعاد الحضارية والثقافية للإسلام؛ مضيفا أن العلاقة مع الآخر يجب ألا تختزل في الجانب القانوني؛ داعيا إلى ضرورية الوعي بالسياق الأوروبي الثقافي والديني والاجتماعي.

أما خالد حاجي فذكر أن التحديات التي تواجه المسلمين في أوروبا هي تحديات جسيمة تتطلب تكثيف الجهود لمواجهتها؛ مشيرا إلى أن الخطاب الإسلامي عاجز عن استيعاب تعقيدات الواقع الأوروبي، وعدم استطاعته بعد على التعامل مع مقولة مقتضيات التحرك في الفضاء العام، مشيرا إلى أهمية إبداع مفاهيم جديدة لتطوير الخطاب الإسلامي في أوروبا.

وفي هذا الإطار ذكر حاجي أن المسلمين بحاجة إلى مرجعية دينية علمية قادرة على الانتقال من اختزال الإسلام في البعد الفقهي إلى رحابة البعد القيمي في التصور والرؤية الإسلامية.

هذا وذكر حاجي أن النقاش في أوروبا حول قضايا الهوية قد أثر أيضا على النقاش داخل بلجيكا؛ خاصة وأن بعض الجهات تثير هذه القضية سعيا منها لإقصاء الفئات التي لا تنتمي تاريخيا للحضارة الغربية.

هيأة التحرير

 

Exit mobile version