كنزة إسناسني,مناضلة حقوقية, بلجيكا.
فجر السابع من مايو سنة 2002، استيقظت بلجيكا على واحدة من أبشع الجرائم العنصرية في تاريخها المعاصر.
قتل المرحوم أحمد إسناسني (47 عامًا) وزوجته المرحومة حبيبة الحجي (45 عامًا)، مهاجران مغربيان يعيشان في إحدى المقاطعات ببروكسيل، بدم بارد داخل منزلهما، على يد جار عنصري يُعرف بانتمائه لليمين المتطرف وبتحريضه على المهاجرين.
الجريمة كانت عن سبق إصرار وترصّد. القاتل، وهو رجل مسن في التاسعة والسبعين من العمر، أطلق الرصاص على الأب والأم، والأطفال الصغار، ثم أضرم النار في المنزل. نجا من المجزرة بعض الأطفال بأعجوبة، بفضل تدخل بعض الجيران.
من بين الناجين، كانت كنزة إسناسني، الابنة الكبرى، التي كان عمرها آنذاك 18 سنة فقط.
لم تكن كنزة مجرد شاهدة على فاجعة عائلية، لأنها أصبحت منذ تلك اللحظة، المسؤولة عن أشقائها الصغار، والناطقة الرسمية باسم الأسرة المكلومة، وتحولت لاحقا إلى صوت للذاكرة، ورمز لصمود نادر في وجه ألم لم يخف، في وسط مجتمع كثيرًا ما اختار الصمت والتظاهر باللامبالاة.
بعد أكثر من ثلاث وعشرين عاما على الفاجعة، تواصل كنزة رفع صوتها، وتذكير العالم بهذه البشاعة الانسانية، وتخليد قصة هذه الأسرة المكلومة بكرامة ومسؤولية، كي تعرف الأجيال الجديدة حقيقة ما حصل، لأن الصمت قد يكون شكلًا من أشكال الموت الرمزي.
لهذا الغرض، أسست كنزة سنة 2022 مؤسسة حبيبة أحمد “Habiba Ahmed Foundation”، تيمّناً باسم والدَيها، من أجل تخليد ذكراهما ورفض اختزال الجريمة في مجرد حادث عنصري.
بعد صراع طويل مع الإدارات، نجحت كنزة كذلك، في تحويّل منزل العائلة، الذي شهد على الجريمة، إلى “فضاء حيّ للذاكرة”، وإلى نقطة انطلاق لمشاريع تربوية، فنية، ومجتمعية تشتغل على قضايا العنصرية، الهويات، والتعدد الثقافي في بلجيكا وأوروبا.
وهي اليوم تناضل من أجل تسمية جزء من الشارع الذي يوجد فيه البيت بيافطة مكتوب عليها “حبيبة أحمد”.
في بودكاست “لقاء مع سهيلة الريكي”، تسلّط كنزة الضوء على تفاصيل دقيقة من يوم السابع من ماي 2002، ليس بهدف الإثارة أو الاستعطاف، بل للتذكير بأن العنصرية تقتل، وأن الذاكرة مسؤولية جماعية، وأن السنوات تمر بسرعة، وهناك أجيال جديدة لا تعرف ما حصل ومن واجب الجميع إخبارهم وتقاسم هذه الذاكرة الجماعية معهم.
في هذا البودكاست، تتحدث كنزة عن:
أثر الفاجعة على هويتها الشخصية ومسارها الدراسي والمهني ونضالها الإنساني الحقوقي.
لماذا اختارت الابتعاد عن الخطابات “التقليدية” لمناهضة العنصرية، وفضلت تقديم قراءتها الإنسانية الخاصة لتجربتها الشخصية؟
كيف ترى مسؤولية النساء، وبالخصوص بنات المهاجرين، في معارك العدالة الاجتماعية وصناعة الذاكرة؟
ما دلالة مطالبتها المتكررة بتسمية شارع في الحي باسم “حبيبة أحمد”؟
تعبر كنزة عن افتخارها لكونها نجحت قبل بضعة أسابيع، في الجري لأكثر من 40 كلم بين منعرجات جبال الريف، في ماراطون رمزي انطلق من تاركيست، متوجها إلى تماسينت، مسقط رأس أبيها ومكان دفن والديها، في رحلة تسعى من خلالها إلى إعادة الارتباط بجذورها، وهو نفس الافتخار الذي عبرت عنه وهي تختار الحديث في هذا البودكاست بتاريفيت.
ندعوكم إلى الاستماع إلى بودكاست “لقاء مع سهيلة الريكي” على البوابة الالكترونية لمجلس الجالية المغربية بالخارج.









