احتضن رواق مجلس الجالية المغربية بالخارج بالمعرض الدولي للنشر والكتاب اليوم 19 فبراير 2014 مائدة مستديرة حول موضوع “تشنجات هوياتية” بمشاركة كل من عالمة الاجتماع الفرنسية نصيرة كنيف سويلاماس وهي حاصلة على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بباريس، ونائبة رئيسة معهد ثقافة الإسلام، وبمشاركة أيضا الصحفي والكاتب الفرنسي كلود أسكولوفيتش مؤلف كتاب “منبوذونا، هؤلاء المسلمون الذين لا ترغب فيهم فرنسا”، وأدار النقاش إدريس أجبالي عضو ومسير بمجلس الجالية المغربية بالخارج.
وفي مداخلتها قالت نصيرة كنيف سويلاماس إن دولة فرنسا عندما دخلت حقبة ما بعد التاريخ الاستعماري سعت إلى بناء فرنسا المعاصرة والدولة الأمة، وحاولت استقدام اليد العاملة، وسنت تشريعات قانونية حول التجمع العائلي، لكنها وجدت نفسها أمام معطى مهم يتمثل في أن مستقبل فرنسا قد يتشكل من جيل من المهاجرين وريثي الحقبة الاستعمارية، وأدى هذا الاعتقاد إلى سيادة الخوف من اختفاء أو تراجع الهوية الفرنسية.
وقد ساهم هذا الأمر في رأي نصيرة في اعتماد نظام الاستثناء داخل فرنسا، وكان عماده تضخيم الحديث عن الخصىوصيات، والتمايزات بين الفرنسيين الأصليين والفرنسيين من أصول مهاجرة، ثم محاولة عزلهم.
وأضافت عالمة الاجتماع أنه دائما تتم الإحالة على الأصول الثقافية والدينية للفرنسيين من أصول عربية أو مغاربية أو إسلامية
عندما يتم الحديث عن الهجرة المهاجرين من أصول المستعمرات، وأصبحت سياسات الهجرة بمثابة تأشيرة للدخول لنادي المواطنين الفرنسيين الحقيقيين.
وأشارت في مداخلتها إلى أن استهداف المرأة من أصول مسلمة يُعد من أسس سياسات الاندماج، وكذا التوظيف السلبي للإسلام والمسلمين وخلق صور نمطية عنهم من أجل خلق مجتمعين داخل مجتمع واحد.
وأنهت كلمتها بالإشارة إلى أن جهات عديدة في المجتمع الفرنسي ساهمت في شرعنة بعض أشكال العنصرية وكرست سوء التفاهم، داعية إلى الاحتكام إلى العقل والنظر إلى الواقع كما هو لا مما هو متخيل.
أما الصحفي والكاتب الفرنسي كلود أسكولوفيتش مؤلف كتاب “منبوذونا، هؤلاء المسلمون الذين لا ترغب فيهم فرنسا” فأشار إلى أن العنصرية العنفية القاتلة في فرنسا ضد المغاربيين قديمة، ومختلفة عن العنصرية التي نشهدها في العقود الأخيرة.
وأشار إلى أن العنصرية الأولى لم يكن عليها إجماع، وكانت هناك في فرنسا حركات قوية ضد العنصرية، إضافة إلى وجود علاقات قوى ساهمت في مواجهة العنصرية الأولى في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
أما العنصرية الثانية، يقول كلود أسكولوفيتش، فإنها أصبحت أمرا عاديا داخل المجتمع الفرنسي خاصة مع تصاعد موجات الإسلاموفوبيا واستهداف المسلمين بشكل مباشر، وذكر أن الخطاب حول الإسلام قد سمح ببروز فاشية جديدة تحولت إلى شأن عادي داخل الدولة الفرنسية.
وأورد أسكولوفيتش مجموعة من الأمثلة التي تدل على تضخيم وتضخم الحديث عن الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام الفرنسية كقضية “بايبي لو” والتي لم تكن لها علاقة بقضية الحجاب إنما بنزاع داخل العمل.
وختم أسكولوفيتش مداخلته بالإشارة إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالمسلم داخل فرنسا فإنه لا يتحدث عنه باعتباره فردا داخل المجتمع، إنما يحال دائما على هويته الخاصة وأصوله الثقافية.
هذا وقد شهدت هذه المائدة المستديرة نقاشا نوعيا سواء بين نصيرة كنيف سويلاماس وكلود أسكولوفيتش، أو بين الجمهور الذي تفاعل مع مضامين المداخلتين.
هيأة التحرير