واصل مغاربة العالم، رغم التحولات الاقتصادية الدولية والتحديات المناخية والضغوط التجارية، أداءهم الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني، حيث كشفت أحدث مؤشرات تقرير الاستقرار المالي لسنة 2024 أن تحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج (MRE) بلغت 119 مليار درهم، مسجلة ارتفاعا بنسبة 3.3٪ مقارنة بعام 2023، مما ساعد على احتواء عجز الحساب الجاري في حدود 1.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وإلى جانب ذلك، حققت عائدات السفر زيادة بـ4.6٪ لتصل إلى 112.5 مليار درهم، ما يؤكد استمرار الثقة في الوجهة المغربية من طرف الجالية والسياح على حد سواء.
تحويلات مستقرة واستثمارات استراتيجية
أفاد التقرير في نسخته الثانية عشرة، الصادر عن بنك المغرب وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي والهيئة المغربية لسوق الرساميل، أن استثمارات المغاربة المقيمين بالخارج في بورصة الدار البيضاء سجلت ارتفاعا بنسبة 6.1٪، حيث بلغت 164.6 مليار درهم سنة 2024، وهو ما يمثل نحو 90٪ من إجمالي الاستثمارات الاستراتيجية للأجانب والمغاربة غير المقيمين.
ورغم ذلك، سجل التقرير تراجعا في الاستثمارات غير الاستراتيجية، إلى جانب انخفاض بنسبة 14٪ في استثمارات مغاربة الخارج مقارنة بـ2023، مما يثير تساؤلات حول فعالية السياسات التحفيزية الموجهة نحو الجالية.
ودائع متباطئة… لكن ثابتة
فيما يتعلق بالنظام البنكي، بلغت ودائع مغاربة العالم حوالي 207 مليارات درهم، أي ما يمثل 23٪ من إجمالي الودائع البنكية. غير أن نسبة النمو في هذه الودائع تباطأت، إذ لم تتجاوز 1.8٪ سنة 2024، مقارنة بـ2.8٪ في 2023 و6.8٪ في 2022، ما يعكس فتورا نسبيا في وتيرة تحويل المدخرات إلى المصارف المغربية.
وفي المقابل، استقرت القروض البنكية الممنوحة لأسر مغاربة الخارج عند حوالي 18.2٪ من حجم تحويلاتهم، ما يشير إلى ارتباطهم المستمر بالقطاع البنكي المحلي، لكن دون توسع لافت في أدوات التمويل والاستثمار.
رسائل وتحذيرات
رغم الأرقام الإيجابية، نبه التقرير إلى مخاطر محتملة تهدد توازن الاقتصاد الوطني، من بينها: توقع انكماش في الناتج المحلي الإجمالي لسنة 2025 في حال استمرار الصدمات الخارجية، يضاف إليها تراجع محتمل في تدفقات تحويلات الجالية إذا استمرت الظروف المالية العالمية الصعبة، مع استمرار تباطؤ مساهمة الجالية في الاستثمار الإنتاجي والمصرفي.
دعوة لشراكة جديدة مع الجالية
وبحسب التقرير أثبتت الجالية المغربية بالخارج أنها ركيزة استراتيجية للاقتصاد الوطني، ليس فقط عبر التحويلات المالية، بل أيضا عبر استثماراتها المتزايدة في قطاعات رئيسية كالبورصة والعقار والخدمات، غير أن التحدي القائم يتمثل في تحويل هذا الزخم المالي إلى مشاريع إنتاجية مستدامة، من خلال وضع آليات فعالة لتحفيز الاستثمار، وتسهيل مساطر الاندماج الاقتصادي للجالية في النسيج الوطني.