أصدرت منظمة “أطباء بلا حدود” (MSF) تقريرا جديدا بعنوان “مناورات قاتلة: العرقلة والعنف في وسط البحر الأبيض المتوسط”، كشفت فيه عن الأثر المدمر للسياسات الأوروبية، خاصة الإيطالية، على عمليات إنقاذ المهاجرين واللاجئين في البحر، ما أدى إلى تقليص فرص نجاتهم بشكل كبير.
انسحاب قسري لسفينة الإنقاذ “جيو بارنتس”
يستند التقرير إلى معطيات طبية وتشغيلية وشهادات ناجين جُمعت على متن سفينة جيو بارنتس خلال عامي 2023 و2024، والتي توقفت عن العمل في ديسمبر الماضي بعد أن أصبحت القوانين الجديدة، وخاصة مرسوم “بيانتيدوزي” لعام 2023، تعرقل بشكل ممنهج نشاطات البحث والإنقاذ المدني.
بموجب هذا المرسوم، تُجبر السفن الإنسانية على التوجه مباشرة نحو موانئ إنزال تحددها السلطات، غالبًا ما تكون بعيدة مئات الكيلومترات، ما يطيل مدة بقاء الناجين في البحر ويمنع السفن من إجراء عمليات إنقاذ متعددة. وقد قطعت جيو بارنتس ما يقارب 65 ألف كيلومتر إضافي وقضت 163 يومًا في البحر فقط لتنفيذ هذه التعليمات، مما تسبب في تراجع عدد عمليات الإنقاذ إلى النصف بين عامي 2023 و2024.
وأكدت المنظمة أن هذه السياسات تحرم آلاف المهاجرين من الحماية، وتضعهم في مواجهة مباشرة مع العنف الممنهج الذي تمارسه السلطات الليبية، بدعم أوروبي. وشهدت الفرق الطبية تدهورًا في الحالة الصحية للناجين، مع ارتفاع الإحالات الطبية الطارئة بنسبة 14%، وهو ما يدل على أن معظمهم كانوا في وضع حرج.
أرقام تكشف الكلفة الإنسانية القاسية
في عام 2024، فقد ما لا يقل عن 1,692 شخصًا حياتهم أو اعتُبروا في عداد المفقودين أثناء محاولتهم عبور وسط البحر الأبيض المتوسط، في واحدة من أكثر طرق الهجرة فتكًا في العالم.
ورغم تسجيل انخفاض بنسبة 58% في عدد الوافدين إلى إيطاليا مقارنة بسنة 2023، فإن هذا التراجع لم يكن نتيجة تحسن الأوضاع، بل جاء على حساب مأساة إنسانية متفاقمة، تميزت بارتفاع الوفيات وازدياد عمليات الإرجاع القسري إلى مناطق الخطر.
كما أظهرت البيانات أن 77% من حالات العنف الموثقة تعود إلى ما جرى داخل الأراضي الليبية، حيث أفاد الناجون بتعرضهم لانتهاكات جسيمة شملت التعذيب الجسدي، والعنف الجنسي، والاغتصاب الجماعي، ضمن سياق ممنهج من الانتهاك والإفلات من العقاب
كما نقل التقرير شهادات مروعة لمهاجرين تحدثوا عن اعتراضات عنيفة في البحر، وإعادتهم القسرية إلى ليبيا، حيث تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، خصوصًا في مراكز الاحتجاز. وتشير بيانات MSF إلى أن جميع المرضى الذين عاينهم أطباء نفسيون على متن السفينة في عام 2024، تعرضوا لعنف جسدي أو نفسي خلال رحلتهم، نصفهم أثناء الاحتجاز في ليبيا.
في ختام التقرير، دعت “أطباء بلا حدود” الحكومة الإيطالية إلى وقف عرقلة عمليات الإنقاذ، وطالبت الاتحاد الأوروبي بوقف تمويل خفر السواحل الليبي، ووضع حد لسياسات الإعادة القسرية التي تنتهك القانون الدولي وحقوق الإنسان.
إقرا كذلك: رقم قياسي لوفيات المهاجرين في 2024