أبرز تقرير صدر هذا الأسبوع تربع المغرب على المرتبة الثانية إفريقيا من حيث استقبال المهاجرين غير النظاميين القادمين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، محققا موقعا متقدما ضمن المؤشر العام خلال السنوات الخمس الماضية.
بحسب التقرير السنوي للمرصد الإفريقي للتنمية والتأهيل، (Observatoire Africain du Développement et de la Réhabilitation) وهو هيئة تُعنى برصد ديناميات الهجرة في القارة، فقد جاء المغرب ثانيا بعد جنوب إفريقيا في استقبال المهاجرين غير النظاميين، وثالثا في استقبال طالبي اللجوء بعد كل من جنوب إفريقيا وأوغندا، وجاءت نيجيريا رابعة.
المغرب: وجهة مفضلة لمهاجري الساحل والصحراء
وأكد المرصد الإفريقي أن المغرب بات يشهد تزايدا مطّردا في أعداد الوافدين من بلدان الساحل والصحراء، خاصة عبر محوري الهجرة الغربية والوسطى، إذ بلغ عدد المقيمين غير النظاميين نحو 87 ألفا، بينهم أكثر من 6 آلاف قاصر، خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 2019 و2023.
ولفت التقرير الانتباه إلى تسجيل أكثر من 12 ألف طلب لجوء في المغرب خلال عام 2023 فقط، في سياق استمرار المملكة في تبني سياسة هجرة وإنسانية قائمة على مقاربة تشاركية تجمع بين البعد الأمني والبعد الحقوقي.، مسجّلا أن المغرب جاء في المرتبة الثالثة على الصعيد الإفريقي في استقبال طالبي اللجوء، بعد كل من أوغندا وجنوب إفريقيا؛ وهو ما يجعله وجهة مفضّلة لشرائح من اللاجئين الفارّين من النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية، خصوصا في منطقتَي الساحل والصحراء.
بين العبور والإقامة: تحديات الاندماج
كما قدّر التقرير أن نحو 25 ألف مهاجر تمكنوا من تحقيق اندماج نسبي داخل المجتمع المغربي، مستفيدين من برامج التسوية القانونية التي أطلقتها المملكة منذ 2014، إلى جانب مبادرات الإدماج في التعليم والرعاية الصحية، بما يعكس توجه المغرب نحو تعزيز مكانته كبلد عبور وإقامة على حد سواء، ضمن التزاماته الإقليمية والدولية في تدبير قضايا الهجرة واللجوء.
وأشار التقرير في المقابل إلى أن هذه البرامج، على أهميتها، ما تزال قاصرة عن بلوغ تغطية شاملة، خصوصا فيما يتعلق بـفرص التشغيل والسكن، ما يدفع أكثر من 40 ألف مهاجر إلى اعتبار المغرب محطة عبور نحو أوروبا بدل أن يكون وجهة نهائية للاستقرار.
المغرب العربي: تصنيفات متفاوتة في استقبال المهاجرين واللاجئين
وبخصوص بقية بلدان المغرب العربي، جاءت الجزائر في المرتبة الخامسة على صعيد استقبال المهاجرين غير النظاميين، متقدمة على تونس، لكن التقرير انتقد غياب سياسة فعالة لاحتواء هذه الظاهرة، رغم الامتداد الجغرافي الكبير وحدودها المفتوحة مع مناطق مضطربة. أما ليبيا، فقد حلت في المرتبة السابعة، لكنها تذيّلت الترتيب فيما يخص معالجة طلبات اللجوء، بسبب غياب البنيات المؤسسية وانهيار المنظومة الأمنية.
وحلّت ليبيا في المرتبة السابعة على صعيد استقبال المهاجرين غير النظاميين، نتيجة استمرار الفوضى الأمنية وتفكك الأجهزة الإدارية؛ ما جعل وجود هؤلاء المهاجرين هشّا وعرضة لممارسات خارج القانون. وفيما يخص طلبات اللجوء، تذيّلت ليبيا القائمة نتيجة غياب كلي للبنيات المعنية باللجوء، أما الجزائر فجاءت في المرتبة الثامنة بسبب بطء الإجراءات طلبات اللجوء وصعوبة الولوج إلى آليات الحماية، فما جاء ترتيبها خامسا على مستوى استقبال المهاجرين غير النظاميين، بفعل امتدادها الجغرافي وحدودها المفتوحة مع مناطق مضطربة، دون أن ترافق ذلك سياسات احتواء أو إدماج فعّالة؛ ما أدى إلى ارتفاع معدلات الدخول غير النظامي دون تأطير مؤسساتي.
واحتلت تونس المرتبة التاسعة ضمن التصنيف نفسه، وعزى التقرير هذا الترتيب إلى التحديات الاقتصادية والضغوط الاجتماعية المتفاقمة التي تُقيد قدرات الدولة التونسية على الاستقبال والإدماج، رغم تنامي حركة العبور عبر الأراضي التونسية، ووجود بعض الهياكل الإدارية المعنية بتسيير ملفات اللجوء.
وفي محور طلبات اللجوء، جاءت تونس في المرتبة السادسة قاريا، بفضل توفر أجهزة أولية لمعالجة الملفات، وإن كانت هذه الهياكل تعاني من محدودية الموارد والنجاعة في الأداء، ما يجعل معالجتها للمطالب بعيدة عن المعايير الدولية، حسب تقييم المرصد