إذا كانت جل التقارير الرسمية والغير رسمية المتعلقة باندماج الأجانب في المجتمع الفرنسي تسجل في خلاصاتها تراجعا في مستوى تسامح المجتمع الفرنسي مع المهاجرين الأجانب وتفشي العنصرية في كافة طبقات المجتمع، مثل ما افاد بذلك تقرير اللجنة الوطنية الاستشارية الفرنسية لحقوق الانسان نشرته الثلاثاء فاتح أبريل 2014، إلا ان الواقع ، على الّأقل في بلدة إيرموفيل (منطقة لا مارن شمال فرنسا)، بعث وميضا من الأمل من خلال تقديمه نموذجا في التضامن والدفاع عن مهاجر مغربي أصدرت السلطات الإدارية قرارا بطرده من التراب الفرنسي.
ترجع وقائع هذا الحدث إلى الأسبوع الماضي، حيث خرج سكان المدينة وأطفال مدارسها في مسيرة حاشدة، ترفض قرار السلطات الإدارية بطرد حسن، ذلك البقال المغربي الذي تعرف عليه سكان البلدة لمدة تفوق العشر سنوات أشادوا برفعة أدبه ودماثة خلقه وتفانيه في عمله حتى وإن كان في وضعية غير قانونية سواء في دكانه الذي رفض مالكه التصريح به أو في مسكنه الذي لا يملك أوراق كرائه بل وحتى في فرنسا التي لم تعترف بإقامته فوق ترابها.
وعندما حلت لجنة تفتيشية بالمتجر، دونت في تقريها اسم حسن عبو، كمهاجر مغربي يقيم ويشتغل في وضعية غير قانونية، فما كان من السلطات الإدارية المختصة سوى التوقيع على قرار يعطي لحسن 30 يوما كحد اقصى لمغادرة فرنسا.
أمام هذا الوضع وفور علم السكان بالأمر أعدت عمدة البلدة، التي أسست إبان الثورة الفرنسية لسنة 1789، عريضة لجمع توقيعات سكان البلدة المطالبين بعدم تطبيق قرار ترحيل حسن؛ لكن تجاوب سكان البلدة تجاوز المتوقع عندما خرج حوالي 1400 شخص من سكان البلدة تتراوح أعمارهم بين 7 و 77 سنة لمؤازرة المهاجر المغربي.
ونقلت قناة “كانال بلوس” الفرنسية في نشرتها ليوم الثلاثاء 22 أبريل 2014 عن أحد الأطفال المشاركين في الوقفة التضامنية مع البقال المغربي قوله: إذا لم يكن لشخص في مثل أخلاق حسن مكان في فرنسا، فلا مكان فيها لأي أحد”.
وبحسب جريدة “لونيو بريس” المحلية فإن هذه التعبئة في صفوف الساكنة فرضت على الولاية وقف تنفيذ قرار طرد حسن عبو، ومنحه ترخيصا مؤقتا بالإقامة لمدة ثلاثة أشهر وترخيصا بمزاولة العمل في انتظار البت النهائي في قضيته.
وقد يتمكن حسن من الحصول على ترخيص الإقامة بشكل قانوني في فرنسا، لانه تم استغلاله لمدة 9 سنوات وهي مدة كافية لتسوية وضعية مهاجر غير قانوني وفق مقتضيات القانون الفرنسي المتعلق بدخول وإقامة الأجانب والحق في اللجوء، كما يشرح ذلك محامي البقال المغربي لنفس الجريدة، والذي لا يستبعد إمكانية المطالبة بتعويض عن السنوات التي قضاها حسن عبو في العمل لصالح مشغله الفرنسي من دون الاستفادة من واجباته التي يخولها له القانون.
محمد الصيباري