أظهرت مشاريع قوانين تهدف الى التشدد في مكافحة العنصرية في اليونان الخلافات داخل الحكومة وبين الأحزاب كما كشفت أخطاء الطبقة السياسية في مواجهة تنامي النازية الجديدة الظاهرة التي تتابعها بروكسل وواشنطن بقلق.
وفي الأصل، كان هدف وزارة العدل التي يديرها حزب ديمار اليساري الصغير في حكومة الائتلاف الوطني بسيطا ويتمثل في اعتماد الإطار الأوروبي لمكافحة سلوكيات العنصرية وكراهية الأجانب بتأخير ثلاث سنوات، وإنهاء أعمال العنف التي تستهدف الأجانب والأقليات والتي يشجعها في اليونان حزب “الفجر الذهبي” ذو التوجهات النازية الجديدة.
ولكن سرعان ما آدت الخلافات الداخلية داخل الحكومة وحزب الديمقراطية الجديدة بزعامة رئيس الوزراء انتونيس ساماراس الى إفشال المشروع الذي يقترح تعديل الإطار القانوني الذي يعود للعام 1979.
وبالنتيجة تم التقدم بمشروعي قانون متنافسين احدهما أعده حزب الديمقراطية الجديدة وأخر أعده حلفاؤه الاشتراكيون في حزب باسوك وفي حزب ديمار اليساري على أساس المسودة الأصلية التي اقترحتها وزارة العدل. وأعلن عن مشروعين آخرين احدهما عن حزب سيريزا اليساري الراديكالي والأخر عن حزب اليونانيين المستقلين الشعبوي.
وقال اندرياس بابدوبولوس المتحدث باسم ديمار لفرانس برس “نحن إزاء مجازفة بان لا يتم اعتماد اي من هذه المشاريع, ونصبح بالتالي موضوع سخرية”.
ويقول المحلل السياسي ايلياس نيكولاكوبولوس ان رئيس الوزراء ساماراس مقيد “ببيئة يمينية متطرفة” ترفض اي تغيير في الموقف بشان هذا الملف. وهناك انفتاح بين القاعدة الشعبية “لحزب الديمقراطية الجديدة والفجر الذهبي”.
والحزب النازي الجديد بات يحتل المرتبة الثالثة في نوايا التصويت بحصوله على 10% من الأصوات المتوقعة مقابل 7% عندما دخل البرلمان لأول مرة في ماي 2012.
ويقول نيكولاكوبولوس إن حزب الديمقراطية الجديدة راجع موقفه مقدما مقترحات خاصة به، لان “شركاءه الأجانب، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمنظمات اليهودية، مارسوا ضغوطا كبيرة عليه” في حين يزداد القلق في الخارج إزاء التوتر الاجتماعي في بلد تتسع فيه رقعة الفقر بسبب الازمة المالية وتدابير التقشف.
وأعرب مجلس أوروبا والمفوضية الأوروبية والمؤتمر اليهودي العالمي الأسبوع الماضي مع منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان عن الأسف للتراجع الذي تشهده اليونان.
وبعد مناشدته من رمز من رموز النخبة الشاعر اليوناني نانوس فالاوريتيس، حرص ساماراس على تاكيد حرصه على الآمر مع الدعوة إلى الوحدة في “مواجهة النازيين”.
ويقول نيكولاكوبولس “كانت هناك خشية من أن يصوت النواب المحافظون والنازيون الجدد معا ضد مشروع قانون ديمار-باسوك، مثل هذا الأمر أمر لا يحتمل”، متوقعا حصول “مساومات” سياسية وصولا لحل وسط.
ويبدو ان هذه المساومات تتعثر. وصرح حزب باسوك بلهجة ساخرة ان النسخة التي قدمها المحافظون مفادها “نحن لسنا عنصريين ولكنهم هم السود”.
ويعتبر نيكولاكوبولس “ان الفجر الذهبي هو المستفيد من هذه الاوضاع”.
وينص مشروع قانون الديمقراطية الجديدة على عقوبات بالسجن لجرائم التحريض على الكراهية والعنف ولأول مرة على معاقبة إنكار الجرائم التي ارتكبها النازيون الالمان بحق اليهود، ولكنه يستثني الدولة وبالتالي الموظفين والشرطيين والمدرسين، والكنيسة الأرثوذكسية غير المنفصلة عن الدولة في اليونان, من احكام مشروع القانون.
ويقول نيكوديموس ماينا كينيوا وهو يوناني من أصل كيني العضو في “اسانتي” وهو تجمع لمنظمات افريقية ان “الرسالة التي نتلقاها هي ان القانون لا ينطبق على المهاجرين والمجموعات الضعيفة. ليست هناك اي إرادة سياسية للتحرك لحماية المهاجرين”.
ويضيف ان المشروع الأساسي كان “أفضل وتربويا ويستهدف الخارجين عن القانون مع تدابير لحماية الضحايا”. ويتهم كينيوا اليسار الراديكالي في حزب سيريزا بإطلاق “رصاصة الرحمة” على المشروع عبر التراجع عن قرار تاييده.
وفي مجال كراهية مثليي الجنس، يقترح حزب الديمقراطية الجديدة الغاء الاحكام المعمول بها حاليا لمكافحة التمييز على اساس الميول الجنسية، كما يقول غريغوريس فلياناتوس, المدافع عن حقوق المثليين وحقوق الانسان, في ما يعتبره “تراجعا شائنا”.
ويضيف “لقد ادرك ساماراس ان البلاد لديها واجبات دولية ولكنه لا يفعل سوى الحد الأدنى عبر الانحراف نحو اليمين المتطرف”.
وفي صفوف حزب الديمقراطية الجديدة، كان الأعنف في إدانة النسخة الأولى للمشروع باعتباره إصلاحا سطحيا او قاتلا للحرية، عضوان منبثقان عن اليمين المتطرف هما ماكيس فوروديس المنبثق من بوتقة زعيم الفجر الذهبي نفسها، واندونيس جورجياديس الذي اشتهر بكتاباته المعادية للسامية.
وكالة الأنباء الفرنسية