تشير دراستان حديثتان، صدرتا هذا الأسبوع، إلى تزايد التناقض بين مقاربة الاتحاد الأوروبي في تدبير الهجرة وتمثلات الشباب المغربي تجاهها، إذ تجمع خلاصاتهما على أن الهجرة أضحت انعكاسا لأزمة مزدوجة:
أزمة خارجية أمنية الطابع تكرس مراقبة الحدود، وأخرى داخلية اجتماعية واقتصادية تدفع الشباب إلى البحث عن أفق بديل خارج الوطن.
80% من تمويلات أوروبا للمغرب توجه لمراقبة الحدود
الدراسة الأولى، التي أنجزها الباحث المتخصص في قضايا الهجرة واللجوء حسن بنطالب ونشرتها شبكة “Migrapress”، حلّلت تمويلات الاتحاد الأوروبي الموجهة للمغرب بين سنتي 2014 و2025، لتخلص إلى أن 80 في المائة من هذه التمويلات خُصصت لمراقبة الحدود وضبط تدفقات الهجرة غير النظامية.
وأوضحت أن الجزء الموجه لبرامج “حقوق المهاجرين” لم يتجاوز 32 مليون يورو، ما جعل دعم الاتحاد الأوروبي “يميل نحو المقاربة الأمنية أكثر من البعد الإنساني أو الاندماجي”، في ظل “ضعف التمويلات الخاصة بالإدماج والهجرة القانونية”.
البطالة تغري 90% من الشباب بالتفكير في الهجرة
وفي المقابل، كشفت دراسة ميدانية أصدرها المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية أن تسعة من كل عشرة شباب مغاربة (90.4%) يفكرون في الهجرة بسبب البطالة وانسداد آفاق الشغل، معتبرين أن التشغيل يمثل “أولوية استعجالية” لصانعي القرار.
وبينت الدراسة أن ضعف الخدمات الصحية والاجتماعية يأتي في المرتبة الثانية بين دوافع الهجرة، في إشارة إلى تآكل الثقة في السياسات العمومية وقدرتها على الاستجابة لتطلعات الجيل الجديد.
وتعكس الدراستان معا مفارقة واضحة، ففي الوقت الذي تستثمر أوروبا أموالها في تشديد الرقابة على الحدود، يعيش الشباب المغربي إحباطا متزايدا يدفعهم إلى البحث عن الخلاص الفردي خارج البلاد.
ويرى خبراء أن هذه الازدواجية بين منطق الأمن الأوروبي ومنطق الحاجة الاجتماعية المغربي تجعل من الهجرة ظاهرة مركّبة تتجاوز الحلول الأمنية، وتتطلب مقاربة تنموية وإنسانية مشتركة توازن بين ضبط الحدود وفتح الآفاق.









