أجمع فاعلون سياسيون من مختلف الأطياف السياسية المغربية في ندوة أمستردام حول “تصور السياسة المغربية لقضية الهجرة” تنظم في إطار مهرجان “تويزة”، على الأهمية التي تحظى بها الهجرة ومغاربة العالم بالنسبة للمغرب باعتبارها قضية لا تحتمل التموقع الحزبي والمزايدات السياسية.

المساهمة في تنمية المغرب

يبرز تعدد المؤسسات المغربية المتدخلة في تدبير ملف الهجرة المكانة التي يحتلها مغاربة العالم في السياسة العامة للدولة بعد دستور 2011، الذي مكن المغاربة المقيمين بالخارج اسوة بالمواطنين داخل المغرب من جميع الحقوق؛ هذا ما ذهب إليه وزير التشغيل المغربي عبد السلام الصديقي، خلال مداخلته في هذه الندوة التي شارك فيها بام حزب التقدم والاشتراكية.
ولم تفت الصديقي الإشارة إلى ارتباط الجالية المغربية بوطنها الأم واستعداد أفرادها للتضحية في سبيل المساهمة والمساعدة في المسار التنموي الذي يعرفه المغرب، وهو ما يظهر من خلال 60 مليار درهم من التحويلات المالية التي يستقبلها المغرب بشكل سنوي من الفئة، والتي تمثل 20 في المائة من السيولة المالية في اغأبناك المغربية، وكذا مساهمتهم الفعالة في البناء التنموي في المناطق التي ينحدرون منها.
 واعتبر الوزير المغربي أن المغرب حريص كل الحرص على حماية مصالح وحقوق مواطنيه في الخارج، وهو ما تؤطره اتفاقيات مع مجموعة من الدول التي يشتغل بها عدد كبير من المواطنين المغاربة كبلجيكا وهولندا، مبرزا أهمية حضور الأحزاب السياسية في بلدا يالمهجر من أجل تأطير وحماية مغاربة العالم من بعض التوجهات التي تضر بهم، وكذا تقريب التاريخ والحضارة المغربيين من هذه الفئة وتلقين أفرادها مبادئ الثقافة المغربية النتفتحة والدن الإسلامي الوسطي.
عولمة الهجرة

اختار الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي في مداخلته خلال الندوة التي سيرها، وزير حقوق الإنسان الأسبق، محمد أوجار، تناول قضية الهجرة من منظور حقوقي معولم باعتبارها أصبحت بمثابة حق من حقوق الانسان يسموا على الالتباسات الفاصلة بين الهجرة الشرعية والغير قانونية، ومعالجتها تتطلب بالتالي مقاربة إنسانية مندمجة.

 

conf-twiza1

وبخصوص تصور السياسة المغربية لقضية الهجرة، قال إدريس لشكر إنه يجب تدبير ملف الهجرة بشكل عقلاني  لكون المغرب لم يعد فقط دولة مصدرة للهجرة او دولة عابرة للهجرات القادمة من جنوب الصحراء، بل إنه أصبح بلد إقامة للمهاجرين، وبالتالي فهو مطالب بتقديم نموذج للاخر في احترام حقوق المهاجرين والأجانب في المغرب، مبرزا ضرورة تغيير التشريعات والقوانين المتعلقة بالهجرة وجعلها مسايرة للتطورات الجديدة، في ظل ارتباط الهجرة بالثورة الرقمية والتكنولوجية.
 وعن مسألة المشاركة السياسية لمغاربة العالم، أكد الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على ضرورة فتح حوار للمشاركة السياسية لمغاربة العالم ليس في البرلمان فقط بل ايضا في مؤسسات الحكامة “خصوصا وان النص الدستوري يوكد بوضوح ضرورة تفعيل التمثيلية السياسية لمهاجرينا في الخارج لكي يكون لهم حضور في المؤسسات” يضيف لشكر.

 

 المواكبة لحماية حقوق مغاربة العالم

من جهته استعرض النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية خالد البوقريعي، جوانب من مساهمة أفراد الجالية الغربية بالخارج في تنمية بلدها الأصلي، وفي الجانب الاقتصادي على وجه التحديد التي تمكن من تخفيض نسبة الفقر بثلاث إلى اربع نقاط، عبر  الرفع من التمدرس ومن التغطية الصحية ويستفيد من ذلك حوالي مليون شخص.
وعن تصوره بخصوص بعض القضايا المتعلقة بمغاربة العالم، قال البوقريعي إنه قد حان الوقت لكي ينخرط المغرب بشكل جدي في التمثيلية السياسية لمغاربة العالم في مجموع مؤسسات الحكامة، واستحضار البعد التنموي لهذه الجالية؛ وركز على ضرورة التأطير الديني والتربوي لمغاربة العالم من أجل مواجهة التيارات المتطرفة والانسلاخ من الهوية المغربية.


ومن بين النقاط التي أثارها البرلماني المغربي مسألة الخدمات القنصلية التي اعتبر أنه من الواجب تحسينها وأنه على الحكومة مواكبة الإدارة بهدف الرفع من جودة خدماتها؛ ووضع بنية مقبولة تمنع أي تلاعب بمصالح الجالية على المستوى الاقتصادي، بالإضافة إلى تعزيز الحوار مع سلطات بلدان الإقامة لضمان حماية حقوق مغاربة العالم.

“كثير من التشتت قليل من التكامل”

أما رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، حكيم بنشماش فقد بدأ مداخلته خلال هذه الندوة بالتساؤل عن وجود سياسة عمومية مندمجة تجيب على قضايا الجالية المغربية بالخارج، واعتبر أن هنالك اهتمام موسساتي بالجوانب التي تهم مغاربة العالم، وليس هناك سياسة عمومية: ” بدليل ان البرنامج الحكومي يتضمن التزاما يهم مغاربة العالم من خلال عمل الحكومة على بلورة سياسة عمومية مندمجة تجيب على تطلعات مغاربة العالم، لكن سياسات وبرامج هذه الموسسات تتميز بالكثير من التشتت والقليل من التكامل ” بحسب بنشماش.
وانتقد الناطق الرسمي باسم حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، بعض النقائق في تعامل الحكومة مع ملف الهجرة، معتبرا أنها لم تستوعب التحولات التي طرأت على الهجرة المغربية كالتأنيت المتصاعد، والشيخوخة المتسارعة، والتشبيب، وهي تحولات تفرض خصوصيات محددة.
وعاب حكيم بنشماش عدم اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، وغياب مبادرات لتنزيل المبدأ الدستوري المتعلق بالمشاركة السياسية، وكذا الانحراف في مجال التأطير الديني بالرغم من المجهودات المبدولة، بالإضافة إلى غياب إحصاء للكفاءات المغربية بالخارج، والمشاكل المرتبطة بالعمل القنصلي.

أمستردام- محمد الصيباري
تصوير: مفدي الطالبي

 

Exit mobile version