انطلقت يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، أشغال المؤتمر الثاني لشباب مغاربة إسبانيا، المنظم تحت عنوان: “شباب مغاربة إسبانيا: المسارات المهنية والثقافية – تجارب وتحديات”.
وفي كلمته الافتتاحية قال عبد الكريم لطيفي بوسالم، رئيس فدرالية اللجنة العليا الثقافية لمسلمي كتالونيا، إن هذا المؤتمر يحتفي بثمرة مجهود جماعي. فالشباب المغاربة القادمون من مختلف جهات إسبانيا — برشلونة، جيرونا، تاراغونا، لاريدا، سرقسطة، فالنسيا، كاستيون، أليكانتي وقادش – يجتمعون لتبادل تجاربهم، وتعلم الدروس، وتقاسم الطموحات.
وأضاف بأن هؤلاء الشباب يمثلون ثراء هوية مزدوجة: المغربية والإسبانية، وهما هويتان تتكاملان وتتعانقان، وتشكلان مصدر قوة وليس سببا للانقسام.
وأكد أن هذا المؤتمر يمثل فرصة لتعزيز العلاقات وبناء شبكات للتعاون، والعمل معا من أجل مستقبل مشترك يكون فيه الشباب المغاربة فاعلين في الحوار بين الثقافات وفي مسار التنمية سواء في إسبانيا أو في المغرب.
أما إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، فأكد أن لهذا المؤتمر أهمية خاصة واستراتيجية تتجلى في مجموعة من الأسباب الجوهرية.
فإسبانيا، كما أوضح، تعد ثاني بلد في أوروبا من حيث عدد أفراد الجالية المغربية بعد فرنسا، مما يجعلها فضاء رئيسيا لفهم تحولات الهجرة المغربية وتطورها. وأضاف أن موضوع تشبيب الجالية يشكل اليوم تحولا استراتيجيا عميقا في مسار الهجرة المغربية، بالنظر إلى بروز أجيال جديدة من أبناء مغاربة العالم الذين نشأوا في بلدان الإقامة ويحملون رؤى وطموحات مختلفة عن الجيل الأول من المهاجرين.
وأشار اليزمي إلى أن الانتماء المزدوج الذي يتميز به مغاربة العالم، والذي نص عليه الدستور المغربي، يعد مصدر ثراء ثقافي وإنساني، إذ يمكنهم من الجمع بين قيم الانفتاح والاندماج في مجتمعات الإقامة، والحفاظ في الوقت نفسه على روابط قوية بوطنهم الأم. هذا الانتماء، حسب قوله، لا ينبغي أن يُنظر إليه كتحد، بل كفرصة لبناء جسور التفاهم والتعاون بين الثقافات والشعوب.
وشدد اليزمي على أن الشباب المغربي في الخارج يمثل ركيزة أساسية في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين المجتمعين المغربي والإسباني، وكذلك بين الدولتين.
كما أكد أن الاهتمام بالشباب ليس خيارا ظرفيا، بل توجه دستوري واستراتيجي تعتمده المملكة المغربية في سياساتها العامة تجاه الجالية المغربية بالخارج.
وبالنسبة لنزهة الطهار، القنصلة العامة للمملكة المغربية ببرشلونة، فقد ذكرت في كلمتها الافتتاحية أن مشاركتها في هذا اللقاء يحمل قيمة خاصة لأنه أول نشاط لها بعد تعيينها قنصلة.
وذكرت أن حضور المجلس ودعمه لهذا المؤتمر دليل على حرص المملكة المغربية على الاهتمام بشبابها داخل الوطن وخارجه.
وشددت على الارتباط القوي لمغاربة إسبانيا بالمغرب، وهو ما يجسد روح الانتماء والوفاء للوطن.
وأشارت إلى أن الشباب هم رمز الإبداع والطاقة المتجددة، ومساهمتهم في مختلف المجالات ضرورية، لذلك يجب الإصغاء إليهم ودعم مبادراتهم.
وقالت إن شبابنا يعيش بين عالَمين، وهذا ليس تناقضا بل مصدر غنى وانفتاح، فالمتمسكون بجذورهم يندمجون بسهولة.
أما دافيد مويا، المدير العام للهجرة واللاجئين في حكومة كاتالونيا، فقد عبر عن ارتياحه الكبير لما تشهده الجالية المغربية من تطور واندماج متزايد داخل المجتمع الإسباني، وهو ما تعكسه الأعداد المتزايدة من المغاربة الحاصلين على الجنسية الإسبانية.
وأشار أيضا إلى أن من مؤشرات هذا الارتياح الحضور اللافت للنساء في هذا المؤتمر، وهو ما يعكس دينامية الجالية المغربية.
وفي المقابل، تطرق مويا إلى جملة من التخوفات والتحديات التي تستوقفه، من أبرزها كيفية تحويل التعدد الهوياتي للجاليات إلى مصدر غنى وثراء، معتبرا أن هذا الدور ينبغي أن تضطلع به الحكومات، مع ضرورة نقل القيم إلى الأجيال الجديدة.
كما أشار إلى أن المدرسة تتحمل مسؤولية كبيرة تجاه مختلف الجاليات، غير أنها لا تؤدي هذا الدور على النحو المطلوب.
وأضاف أن ظاهرة الهجرة تعد بمثابة مرآة تعكس مستوى التعليم والسياسات العمومية…
وأبدى مويا تخوفا من واقع سوق الشغل الذي لا يعكس التنوع الذي تعرفه الجالية المغربية، ولا يثمن الكفاءات التي تزخر بها، مشددا على ضرورة النظر إلى أفراد الجالية من زاوية قدراتهم ومؤهلاتهم لا من خلال صور نمطية.
واختتم كلمته بالتعبير عن قلقه إزاء تنامي مظاهر العنصرية والتمييز تجاه المهاجرين، مؤكدا أن أمام الجميع عملا كبيرا ينبغي القيام به.
باربرا فيرير، النائبة الثالثة لرئيس بلدية سانتا كولوما دي غرامانيت في برشلونة، صرحت بأن الحفاظ على الهوية يشكل عنصرا أساسيا في أي مجتمع متعدد الثقافات.
وأوضحت أن التمسك بالهوية لا يعني الانغلاق أو الانعزال، بل ينبغي أن يكون وسيلة لخدمة القيم المشتركة وتعزيز التفاهم بين مختلف الهويات، مشيرة إلى الدور الحيوي الذي تلعبه الجالية المغربية في هذا المجال من خلال العمل الاجتماعي والثقافي.
وأعربت فيرير عن سعادتها برؤية شباب مغاربة إسبانيا يعملون للحفاظ على جذورهم وهويتهم الأصلية، معتبرة أن ذلك دليل على وعي ومسؤولية.
كما نبهت على التحديات التي تواجهها الجالية المغربية، ومن أبرزها التمييز والعنصرية، مؤكدة أن النساء يعانين من صعوبات أكبر مقارنة بالرجال في مجتمعات الإقامة.
يُشار إلى أن هذا المؤتمر يُنظَّم من طرف فدرالية اللجنة العليا الثقافية لمسلمي كتالونيا، بتنسيق مع مجلس الجالية المغربية بالخارج ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ويستمر خلال أيام 31 أكتوبر، و1 و2 نونبر 2025.
ويتضمن برنامج المؤتمر أربعة محاور رئيسية:
- التجارب الثقافية والاجتماعية لشباب مغاربة إسبانيا، في مجالات الأدب، والفن، والسياسة، والتواصل الاجتماعي.
- شباب مغاربة إسبانيا وتحديات العمل الثقافي والاجتماعي.
- رؤى وتجارب متقاطعة للشباب المغربي في إسبانيا.
- شباب مغاربة إسبانيا وبلدهم الأصلي، مع التركيز على الفرص المتاحة.
ويشارك في هذا الحدث مجموعة من الشباب المغربي بإسبانيا، إلى جانب ممثلين عن الشباب المغربي في إيطاليا وفرنسا، بالإضافة إلى باحثين ومؤثرين قادمين من المغرب.









