شهد رواق مجلس الجالية المغربية بالخارج بالمعرض الدولي للنشر والكتاب اليوم الجمعة 21 فبراير 2014 تنظيم مائدة مستديرة حول موضوع: “الإسلاموفوبيا”، وجمعت كلا من فانسون جيسير وهو باحث في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى ورئيس مركز المعلومات والدراسات حول الهجرات الدولية، والمتخصصين في الشأن الإسلامي في فرنسا، وخالد حاجي رئيس مجلس إدارة المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، ورشيد إد ياسين حاصل على دكتوراه من المدرسة العليا للعلوم الاجتماعية ويشتغل أستاذا بجامعة غاستون بيرغر بالسنغال وبجامعة بربينيان بفرنسا.
المداخلة الأولى كانت من إلقاء الباحث الفرنسي فانسون جيسير، الذي أشار إلى أن المشهد السياسي والإعلامي في بعض الدول الأوروبية وخاصة فرنسا، قد شهد مجموعة من التحولات العميقة تتمثل أساسا ببروز نوع جديد من العنصرية أو ما يمكن تسميته بالإسلاموفوبيا؛ حيث يتم النظر إلى الإسلام ليس باعتباره دين المهاجر ودينا جاء من الخارج وإنما باعتباره دينا غريبا، وقد عوضت هذه العنصرية الجديدة العنصرية القديمة الكلاسيكية؛ فهذه “عنصرية تعتمد على الاختلاف القيمي والثقافي وليس عنصرية عرقية”، يقول جيسير.
كما أشار إلى أن سيادة ثقافة الخوف من الإسلام في فرنسا لا يكون ضحيته فقط المسلمون من أصول مهاجرة، وإنما أيضا تطال الوطنيين والمواطنين الأصليين وليس فقط المهاجرين.
وذكر فانسون جيسير أن هناك معطى جديدا بخصوص الخوف من الإسلام في فرنسا، وهو أن كل الطبقة السياسية الفرنسية من اليمين واليسار قد ساهمت وتساهم في تكريس هذه الظاهرة.
ولم يفت الباحث المتخصص في الشأن الإسلامي في أوروبا أن يذكر أن ظاهرة الخوف من الإسلام لها جذور قديمة في الحضارة الأوروبية، وهي مؤسسة للعقل وللمخيال الأوروبي؛ خاصة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وكذلك إبان الفترة الاستعمارية.
وأوضح جيسير أن ظاهرة الخوف من الإسلام والمسلمين في أوروبا قد تطورت وانتقلت من خوف ذي طابع ديني إلى خوف يستعمل مبادئ حقوق الإنسان ليبرهن أن المسلم مختلف، وأن في سلوكه تهديدا لقيم التسامح والحداثة.
وختم فانسون جيسير مداخلته بالإشارة إلى مشكل الخلط والربط بين الإسلام والحركات الإسلامية في الخطاب السياسي والإعلامي الفرنسي، موضحا أن المسلم والإسلام قد تحولا إلى “كبش فداء” في بنية هذا الخطاب؛ مركزا في هذا التحول على دور وتأثير الحرب الأهلية الجزائرية بداية التسعينات، والتي هي في نظر فانسون، بمثابة 11 سبتمبر الفرنسي، على تمثلات الإعلاميين والسياسيين والفرنسيين لمسألة الإسلام والمسلمين في فرنسا.
أما الباحث رشيد إد ياسين فذكر في مداخلته أن هناك نوعين من الإسلاموفوبيا: النوع الأول يتمثل في الإسلاموفوبيا المؤسساتية للدولة، والتي تعتمد على فضاءين: الفضاء القانوني والفضاء السياسي. ويتمثل النوع الثاني في الإسلاموفوبيا الاجتماعية والتي تتجلى في وسائل الإعلام وفي توجهات الرأي العام.
وذكر إد ياسين أن اللائكية هي بمثابة الإطار القانوني الذي من خلاله يتم تكريس نوع من الخوف من الإسلام في فرنسا؛ فيعاد تفسير اللائكية حتى تستوعب واقع الإسلام الجديد في هذا البلد.
كما أشار الباحث إلى مجموعة من الأدوات التي من خلالها يتم تغذية اتجاه الخوف من الإسلام، ومنها قضية مساواة الجنسين ونظرية النوع، والحديث عن الهوية وتضخيم الجانب الأمني على أساس أن الإسلام يشكل تهديدا ثقافيا وأمنيا للقيم الفرنسية.
وختم رشيد إد ياسين مداخلته بالقول إن جوهر المشكلة في خطاب الإسلاموفوبيا ليس دينيا وإنما ثقافي.
المداخلة الأخيرة كانت من نصيب الباحث المغربي خالد حاجي الذي أكد أن رؤية الشرق في المخيال الغربي قديمة وأن هناك اختلافا بخصوص تقييم هذا الشرق.
وأشار إلى أن الإسلام أصبح مادة رئيسة في وسائل الإعلام الغربية، خاصة مع بروز أسئلة الهوية والعلاقة بالدين والجغرافيا، وذكر أن الإعلام يغذي ظاهرة الخوف من الإسلام.
وأضاف خالد حاجي أن الهوية الأوروبية هشة وفي طور التأسيس مما يساهم في تكريس مثل هذه الظواهر السلبية التي تظهر في المجتمع الغربي، كما نبه الباحث إلى مسؤولية المسلمين في تكريس هذه الظاهرة بما أن الخطاب الإسلامي المهيمن لم يستطع التوفيق بين قيم المجتمع الأوروبي وبين مبادئ الإسلام.
هذا وأكد خالد حاجي أن هناك معطى جديدا يشهده الواقع الأوروبي ويتمثل في الخلط والربط بين الهجرة والإرهاب، والذي عوّض في رأيه مسألة الحرب على الإرهاب، داعيا إلى ضرورة التعامل مع الإسلام باعتباره مكونا رئيسا من مكونات المجتمع الأوروبي.
هيأة التحرير