مداخلة محمد البشيري، مؤلف كتاب «جهاد» في «الحب منشورات J Lattes (2017) ، وهو عبارة عن رسالة سلام جاءت إثر وفاة لبنى زوجة المؤلف في الاعتداءات الإرهابية يوم 22 مارس 2016 التي شهدتها بروكسل.
احتجــت إلى الكتابــة بعــد وفــاة زوجتــي. في مرحلــة أولى، كان ذلــك بمثابــة عـلاج أو متنفــس، لكـن في مرحلـة ثانيـة صـارت كتابـة هـذا المؤلـف نوعـا مـن التكريـم لروحهـا وسـعي لإعطـاء معنـى لوفاتهـا والإجابـة عـلى هـؤلاء الذيـن يريـدون بـث روح التفرقـة بيننـا. إنهـا رسـالة حـب وسـلام ومصالحـة، تدعـو الأشـخاص المختلفـين إلى اللقـاء والعيـش معـا.
كنـت محظوظـا بالعمـل (عـلى كتـابي) مـع ديفيـد فـان رايـبروك، وهـو شـخص رائع حقـا. وكنت محظوظـا كذلـك باللقـاء بأنـاس طيبـين أمـدوني بكثـير مـن القـوة والشـجاعة. لكنـي أظـن أني أديـن بقـوة الإرادة للإيمـان. أنـا إنسـان مؤمـن، أومـن باللـه، والباحثـين، مؤمنـين وغـير مؤمنـين، الذيـن ألهمـوني الكثـير وأتاحـوا لي أن أتوجـه صـوب مـا هـو كـونٌّي بعمـق. ولا أراني أسـتمد قـوتي بالأسـاس إلا مـن ذلـك.
أنـا أحـاول، مـن خـلال رسـالتي، نقـل هـذه القـوة إلى النـاس، وتنبيههـم إلى أن كوننـا مختلفـين، مـن ثقافـات مختلفـة وعقائـد مختلفـة، مؤمنـين وغـير مؤمنـين، هـو شيء جميـل، لأن ذلـك هـو مــا يجعــل منــا بــشرا. أنــا أعــد نفــسي مناضــلا مــن أجــل التعــارف والاعـتراف بالاختــلاف، ولا أحـب أن نكـون جميعـا متشـابهين، لأن ذلـك سـيكون ممـلا إلى أبعـد حـد…
يمكـن القـول إن الرسـالة قـد لقيـت علـى وجـه العمـوم قبـولا حسـنا، لا سـيما بـين فئـات الشـباب. هنـاك الشـهادة عـلى مـا وقـع، ولكـن هنـاك أيضـا رسـالة، وهـي أهـم: رسـالة تسـامح تنـادي بالتعاطـف وتدعـو المـرء إلى أن يضـع نفسـه في موضـع الآخـر كي يفهمـه. هـذه الرسـالة لقيـت استحسـانا مـن قبـل الشـباب.
لا يـزال هنـاك الكثـير مـما ينبغـي فعلـه، لأن الكائـن البـشري سـيبقى عـلى مـا هـو عليـه، ولأن السـلام لا يكـون أبـدا أمـرا مضمونـا، بـل هـو شيء يقتـي العمـل اليومـي المسـتمر. إنهـا ثقافـة وتقاليـد، وشيء يجـب الحـرص عـى العنايـة المسـتمرة بـه. وإنهـا مسـؤوليتنا أن نعمـل علـى أن يكـون العـالم الـذي سـنتركه لأطفالنـا ولبلجيـكا الجميلـة عـالم متمتـع بمزيـد مـن التوافـق والمحبـة والانسـجام.