تلقّى العلم في أكثر من مجال، خاطّا مساره من الحسيمة إلى مدريد، مرورا بوجدَة.. فانتهى بها المطاف، حتّى الآن، قلما صحفيا يتعاطَى، عبر “إلبَايِّيـس” مع الملفات المغربية ـ المغاربيّة ـ الإسبانيّة بلغة فِيدرِيكُو غَارسيَا لُوركَا.

رأى النور محمد المرابط بداية أواخر شهر يناير من العام 1983 بمنزل الأسرة وسط مدينة الحسيمة، كما تلقّى تعليمه في هذه المدينة الريفيّة الجميلة بتدرجه من ابتدائية علي بن حسون إلى ثانوية أبي يعقوب البادسيّ التي عرفت توفقه في نيل شهادة باكلوريا ضمن العلوم التجريبيّة.

وواصل محمّد دراسته بالالتحاق بجامعة محمّد الأوّل بوجدة، وتحديدا كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التي تسجل بها في شعبة الاقتصاد، غير أنّ طموحه جعله يعدّل من مشواره بدراسة اللغة الإسبانية قبل التوفق في اجتياز امتحانات التمدرس بالمدارس العليا الإسبانيّة، وكان ذلك قبل 13 سنة من الآن.. ليحزم المرابط حقائبه قاصدا العاصمة مدريد.

تغيير المسار

ارتأى ابن مدينة الحسيمَة أن يغيّر مساره من العلوم والاقتصاد، لكنّ ذلك لم تتم أجرأته من لدنه إلاّ بعد عام من دراسة هندسة المعلوميات بمدريد، مختارا التخصص في العلوم السياسيّة والإداريّة، ثم التوجّه نحو التكوين الصحفي الذي مكّنه من ولوج “مهنة المتاعب”.

وراكم محمّد المرابط مسارا في التعاون مع عدد من الجرائد والمجلّات الإسبانيّة المتخصّصة، جاعلا العلاقات المغربية الإسبانيّة في موقع مفصليّ من اشتغاله اليوميّ.. “أرَى نفسِي قادرا على العطاء الصحفي بالتخصص في الملف المغربي الإسبانيّ، مع الانفتاح على المنطقة المغاربيّة بأكملها، ومنذ شهر يناير من العام الجاري شرعت في التعاون مع جريدَة إلبَايِّيس، حيث أرَى هذه الخطوة مهمّة في مساري المهنيّ” يقول المرابط.

الصعوبات الأولى

يرَى محمّد بأنّه ليس استثناء حتّى لا تعترض الصعوبات طريقه الطامح للبحث عن الذات وتحقيق النجاح الذي يرمي إليه، خاصّة وأنّ كل مختاري الهجرة يلاقون العثرات تلو الأخرى، وتعدّ طريقتهم في تجاوز كل ذلك محطّة من أجل السير على الطريق الصحيح.

لم يفكّر المرابط كثيرا حين جاءته فرصة الرحيل نحو إسبانيا ومؤسساتها للتعليم العالي بمدريد، إلاّ أن استقراره بالبلد عرفت وعيه بالإكراهات المالية التي تنتظر ردّة فعله.. ويورد عن ذلك: “المعيشة مكلفة بالعاصمة مدريد وكان عليّ أن أقوم بتدبّر أموري، فاشتغلت في عدد من المهن طيلة مساري الدراسي، حيث كنت نادلا في غالبية الأوقات، إلى حصلت على دبلوم ثقافي مكنني من العمل ببلدية بضواحي العاصمة الإسبانيّة.. وبهذا تمكّنت من إتمام دراستي التي اخترتها وأشق مساري كصحفي منذ 3 سنوات مضت”.

واستفاد محمّد المرابط، أيضا، من توجّهات السلطات الإسبانية في توجيه نشطاء المجتمع المدني ذوي الأصول الأجنبيّة، خاصّة المغربيّة، نحو برامج تساهم في تحقيق اندماج الوافدين ضمن المجتمع المستقبل للهجرة.. وبذلك اشتغل في مضمار “الوساطة اللغويّ”، وتعاطَى مع ثلّة من المغاربة، في تلك المرحلّة من دراسته، وغالبيّتهم من محترفي البناء والفلاحَة.

المغرب والمستقبل

إلى جوار اشتغالاته الصحفيّة، التي ترتكز غالبا على الجانب الثقافي المقترن بالمغرب وإسبانيا، والتي تحاول التعاطي مع الصور النمطيّة بغية تغييرها لما فيه قرب من الحقيقة وابتعاد عن الخيال، يعمل محمّد المرابط على مشروع كتاب يرتقب أن يتمّ نشره قبل نهاية العام الجاري.. ويقول عن هذا المشروع باختصار: “أعمل على هذا الكتاب بما يتطلبه من وقت في التدقيق والتمحيص، وأتوقّع أن يرى النور قبل نهاية 2014، فأنا أرى الحياة كفاحا صعبي، لكنّي متفائل إلى أقصى الحدود”.

كما يقرّ محمّد المرابط بوجود علاقة عاطفيّة تربطه بالوطن الأمّ، خاصّة مع تواجد كامل أسرته بمدينة الحسيمة.. ويتمنّى أن يتمّ الإكثار من الأنشطة الثقافية والفكرية والحوارية في أوساط الجالية المغربيّة بإسبانيا بنيّة سدّ الهوات، وأن تسنح له الفرصة، إلى جوار العديد من المختصّين، في المشاركة ضمنها لما فيه خيرا لمغاربة كما الإسبان.

“من أراد شيئا ينبغي أن يكافح لنيله، والأكيد أن من قام بأي مجهود فسوف يجني ثماره.. أنا أومن بتكافؤ الفرص وأنّ من يزرع سيقدم على الحصاد، إذ لا وجود لعصيّ سحريّة في عالمنا” يردف محمّد كنصيحة لكل الشباب المغاربة المقبلين على شق مساراتهم أينما كانوا، غير أنّه يبدي ملاحظة جوهريّة وهو يزيد: “لديّ هاجس أريد الإشارة إليه، ويكمن في كون الدراسين بغير الفرنسيّة والعربية لا يتمّ قبولهم في سوق الشغل بالمغرب، وهذا معطَى ينبغي تداركه حتّى تتوفر لحملة الشهادات العليا، من لفئة الأولى، ذات الحظوظ التي يتمتع بها الوافدون على الوطن من فرنسا أو كندا أو بلجيكَا”.

عن موقع هيسبريس

 

Exit mobile version