التأمت بمدينة فاس، أول أمس السبت، ثلة من الخبراء والأكاديميين والفاعلين الجمعويين في ندوة علمية وطنية تمحورت حول سبل الاستفادة من العقول والكفاءات المغربية والعربية المقيمة بالخارج، تحت شعار: “استراتيجيات الاستفادة من العقول والكفاءات المغربية والعربية في الخارج”.
وشكلت هذه الندوة، التي نظمت بمبادرة من منظمة المجتمع المدني الدولية لقيم المواطنة والتنمية والحوار، والمجلس المغربي للشؤون الخارجية، بشراكة مع جمعية فاس سايس، فرصة لتسليط الضوء على ضرورة تطوير مقاربات جديدة تدمج هذه الطاقات في مشاريع التنمية الوطنية.
الكفاءات المهاجرة تراث فكري يجب تثمينه
شدد الدكتور مصطفى الزباخ، رئيس المنظمة ومقرر عام أكاديمية المملكة المغربية، في مداخلته، على الحاجة إلى استراتيجية وطنية شاملة تدمج الكفاءات المهاجرة في السياسات العمومية، مؤكدا أن هذه الطاقات تمثل “تراثا فكريا” و”خزانا معرفيا” ينبغي الحفاظ عليه، كما اقترح إحداث منصة وطنية لرصد وضعية هذه الكفاءات واستطلاع آفاق إسهامها في مسارات التنمية، من خلال آليات شراكة ومشاريع استثمارية.
رأسمال رمزي وسيادي يتطلب شراكة في القرار
من جهته دعا الدكتور محمد السنوسي، رئيس المجلس المغربي للشؤون الخارجية وخبير الذكاء الاقتصادي، إلى تجاوز المقاربة التقليدية في التعامل مع الجالية، باعتماد نموذج شراكي يجعل من الكفاءات المهاجرة طرفا فاعلا في بلورة القرار التنموي، مبرزا أن “أزيد من 700 ألف عقل مغربي في الخارج يمثلون رأسمالا رمزيا وسياديا عابرا للحدود”.
الثقافة والتأطير التربوي أدوات لتعزيز الارتباط بالهوية
بدوره أكد الدكتور حسن عبيابة، أستاذ التعليم العالي ورئيس مركز ابن بطوطة للدراسات العلمية والاستراتيجية، على الأبعاد المتعددة لدور الجالية المغربية، داعيا إلى مواكبتها ثقافيا وترسيخ ارتباطها بالهوية الوطنية، عبر دعم برامج التأطير الثقافي والتربوي، بما يجعل الثقافة رافعة للتماسك والانتماء.
مدخل تشريعي ومؤسساتي لتيسير العودة والاندماج
أما عميد كلية الحقوق بفاس، الدكتور محمد بوزلافة، فقد اعتبر أن تفعيل مساهمة الكفاءات بالخارج يقتضي مراجعة تشريعية ومؤسساتية عميقة، تشمل قوانين الاستثمار، الحالة المدنية والنظام الجبائي، داعيا إلى تسهيل الاندماج الاقتصادي والاجتماعي للكفاءات المهاجرة، في انسجام مع التوجيهات الملكية التي أكدت غير ما مرة على هذا التوجه.
ترافع أكاديمي وتنموي لتثمين العقول المهاجرة
وفي السياق ذاته، أبرز الأستاذ عبد النبي السباعي، الكاتب العام لجمعية فاس سايس، أن هذه الندوة تندرج ضمن رؤية استراتيجية للجمعية تسعى إلى بلورة خارطة طريق أكاديمية وتنموية، سيتم تقاسم نتائجها لاحقاً ضمن إصدار علمي يهدف إلى التأطير العملي للاستفادة من هذه الثروة البشرية.
وقد تميزت الندوة بمداخلات فكرية وأكاديمية قاربت الموضوع من زوايا متعددة، مع اتفاق المشاركين على أن تفعيل الأدوار الحيوية للكفاءات بالخارج لا يمكن أن يتم دون إرادة مؤسساتية واضحة، وآليات مرنة للشراكة، وقوانين محدثة تواكب التحولات العالمية، وتستثمر تجارب الدول الصاعدة في هذا المجال