بعد مرور 112 يوما على الانتخابات البرلمانية في هولندا ل9 يونيو 2010، توصل زعماء ثلاثة أحزاب هولندية مساء الثلاثاء 28 شتنبر 2010، إلى اتفاق لتشكيل حكومة أقلية بين الليبراليين “حزب الشعب والحرية” والمسيحيين الديمقراطيين “حزب النداء المسيحي”، بدعم من الحزب المعادي للإسلام والمهاجرين “من أجل الحرية” بزعامة خيرت فيلدرز.
ووافق أعضاء الفريق البرلماني للحزب الليبرالي، الذي أصبح شبه مؤكد أن يترأس زعيمه مارك روت لهذه الحكومة، يوم الأربعاء 29 شتنبر 2010 على البرنامج الحكومي المكون من وثيقتين لم يعلن عن مقتضياتهما لحد الآن.
لكن الإعلان الرسمي عن تشكيل حكومة هولندية لن يكون إلا بعد موافقة أعضاء الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي قرر عقد مؤتمر استثنائي مساء الخميس 30 شتنبر 2010، للموافقة على البرنامج الحكومي، في ظل ارتفاع أصوات داخل الحزب ترفض الدخول في حكومة يدعمها برلمانيا حزب معادي للإسلام والمهاجرين.
مواقف محذرة وحكومة على “كف عفريت”
ومن بين أبرز المعارضين لدخول الحزب المسيحي الديمقراطي في حكومة يدعمها حزب “من أجل الحرية”، وزير الصحة في الحكومة السابقة أب كلينك، الذي كان قد كلف بالتفاوض لتشكيل الحكومة قبل أن ينسحب منها، والذي اعتبر بأن تشكيل حكومة مع فيلدرز هو إعطاء إشارة سيئة للعالم الخارجي وللمسلمين بهولندا.
وفي أولى ردود الفعل حول اتفاق تشكيل الحكومة حذر فريد أزرقان، رئيس مؤسسة مغاربة هولندا، من أن الاتفاق الخاص بتشكيل الحكومة قد يؤدي إلى زيادة قبول سياسات حزب “من أجل الحرية”، وقال في تصريح لوكالة الأنباء الهولندية إن الفجوة بين المسلمين وغير المسلمين ستتسع نتيجة لهذا، ولن يكون الأمر جيدا لعملية اندماج المهاجرين في المجتمع في وقت تسير فيه هذه العملية فعليا بشكل بالغ السوء.
من جانبها أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن أسفها إزاء الاتفاق على تشكيل حكومة أقلية في هولندا بمشاركة حزب الحرية اليميني الذي يتزعمه خيرت فيلدرز المعادي للإسلام.
لعل ما يميز هذه الحكومة، التي من المنتظر أن تتشكل من 12 وزيرا و8 كتاب دولة، هو أغلبيتها الضعيفة داخل البرلمان، بالرغم من دعم حزب الحزب اليميني “من أجل الحرية”، إذ أن كلا الحزبين المشكلة منهما لم يحصلا سوى على 52 مقعدا من أصل 150 في مجلس النواب، ومع إضافة عدد مقاعد حزب “خيرت فلدرز” تصبخ الأغلبية البرلمانية مكونة فقط من 76 مقعدا، وهو ما يجعلها على “كف عفريت”، حيث أن انسحاب برلماني واحد، يطيح بالحكومة.
برنامج حكومي بلمسة خيرت فيلدز
بالرغم من عدم الإعلان عن مضامين البرنامج الحكومي، لكن بعض محتوياته تسربت إلى الإعلام الهولندي، محتويات كلها تبرز مدى تأثير الحزب اليميني على برنامج الحكومة التي يدعمها، وتصب معضمها في خانة معاداة الأجانب والمهاجرين.
تشديد سياسة دخول المهاجرين، تشديد قانون التجمع الأسري بخفض سن التحاق الأطفال بدويهم من 18 سنة إلى 15 سنة، إضافة إلى تسهيل قانون تسريح العمال، وطرد الأجانب ممن يرتكبون جرائم تبلغ عقوبتها 12 سنة سجنا أو أكثر، خلال مدة تقل عن خمس سنوات من وجودهم داخل التراب الهولندي كلها سياسات من المنتظر ان تطبقها الحكومة الجديدة، والتي تحمل بصمة حزب خيرت فيلدرز.
هذا وكان 9 باحثين في الشؤون الإسلامية بهولندا قد رفعوا تقريرا إلى محكمة أمستردام يوم الثلاثاء 28 شتنبر 2010 خلص إلى أن رؤية فيلدرز للإسلام هي مخالفة للحقائق.
واعتمد هؤلاء الباحثون في تقريرهم على تحليل تصريحات الزعيم اليميني خيرت فيلدرز، وخلصو إلى أنه لا يبني مواقفه انطلاقا من أحداث واقعية ولكنه فقط يرتجل تصريحات مناوئة للإسلام.
من جهة أخرى دعت مجموعة من جمعيات المهاجرين و من المنظمات مناهضة العنصرية، إلى وقفة سلمية أمام محكمة العاصمة الهولندية أمستردام للتعبير عن مناهضتنا للعنصرية و للتنديد بمارسة فلدرس المعادي للمسلمين والمهاجرين، وذلك يوم الاثنين 4 أكتوبر 2010.
محمد الصيباري
30/09/2010