فرضت الأزمة المالية التي تمر منها بعض المجتمعات الأوروبية، على العديد من الأحزاب السياسية استهداف مجموعات صغيرة وأقليات هشة تعلق عليها برامج حملاتها الإنتخابية لاستقطاب اكبر عدد من المتعاطفين. ومن يتابع ما يقع حاليا في العديد من الدول الأوروبية المقبلة على مواعيد انتخابية رئاسية سيقف بالأساس على المزايدات وخطاب التخويف من الإسلام الممارس كوسيلة للإقناع الانتخابي.
في هذا السياق، وفي إطار اهتمام مجلس الجالية المغربية بالخارج بقضية الإسلام في أوروبا، باعتباره من الملفات الحساسة المطروحة في دول الاستقبال، نظم المجلس ندوة حول موضوع الإسلام في فضاء الهجرة، وذلك يوم الخميس 16 فبراير بالرواق المشترك لكل من مجلس الجالية المغربية بالخارج والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلس المنافسة والهيأة المركزية للوقاية من الرشوة، الذي تحتضنه الدورة 18 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء.
في مداخلته خلال هذه الندوة الفكرية التي قام بتسييرها الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، اعتبر خالد حجي، الكاتب العام للمجلس العلمي الأوروبي، أن احتكاك المسلمين بفضاء آخر خارج العالم الإسلامي، طرحت أمامه مجموعة من التحديات بالنظر لافتقاد أجيال المسلمين بأوروبا إلى جاهزية ثقافية وفكرية عالية، لتحقيق التناغم بين الإسلام والفضاء الاوربي، كما ان المجتمعات الأوروبية لم تستطع تشكيل نموذج لاحتضان هذه الجاهزية.
وتوقف مؤلف كتاب «من مضايق الحداثة إلى فضاء الإبداع الإسلامي والعربي « ، على ضرورة اجتهاد المسلمين المتواجدين في أوروبا خصوصا المغاربة منهم، من اجل ابتكار نموذج مقبول يقارب الانسجام بين نمط معين من التدين مع مراعاة المقتضيات التي تميز الفضاء الأوروبي، من خلال إيجاد مفاهيم بسيطة لهذه العلاقة وبلورتها في شكل سلوكات يومية تزكي الانتماء إلى الدين الإسلامي مع الأخذ بعين الاعتبار السياق الذي تمارس فيه شعائر الدين.
أما رئيس الفدرالية الإسبانية للهيآت الدينية الإسلامية –فيري- محمد حامد علي، فقدم خلال مداخلته في هذه الندوة نبذة عن مسار التنظيمات الإسلامية في إسبانيا، التي اعترفت رسميا سنة 1992 بالدين الإسلامي كدين له جدور في البلاد، وما عرفته من صراع حول شرعية تمثيل المسلمين أمام الحكومة الإسبانية، في إطار المجلس الإسلامي الإسباني، مبرزا أن هذا التفريق عرقل تحقيق أهداف الاتفاقية التي اعترفت بموجبها إسبانيا رسميا بالدين الإسلامي.
ولم تفت محمد حامد علي فرصة الإشارة إلى التحول الذي طرأ على تعامل السلطات الإسبانية مع المسلمين المقيمين على ترابها بعد أحداث 2001، بعد أن أصبح التعامل معهم ينبني على مقاربة أمنية يتم من اجلها تمويل العديد من الجهات لفرض مراقبة صارمة على التجمعات المسلمة، منتقدا في نفس الوقت تبني أحزاب اليسار لخطاب الإسلاموفوبيا الذي كان إلى وقت قريب ملازما لليمين المتطرف فقط.
وفي تعليقه على مداخلة محمد حامد علي أكد مسير الندوة، عبد الله بوصوف، على ضرورة خلق ثورة ذهنية في المجتمعات الأوروبية تغير التصور الموجود حول الإسلام كمصدر قلق، لكي يصبح مصدر تقارب وتعايش، والسعي لإحداث مصالحة بين الغرب.
مشيرا إلى ضرورة أن يتماشى النسيج العمراني مع التنوع الثقافي الذي تعرفه المجتمعات، حتى لا يبقى عدد المساجد في إسبانيا التي تضم مليون مسلم لا يتعدى أصابع اليد.
من جهة أخرى تطرقت الندوة العلمية إلى الإسلام في هولندا عبر مداخلة للأستاذ بجامعة أمستردام الحرة محمد أجواو، الذي عبر عن ارتياحه عن وضع الإسلام والمسلمين بهذا البلد الأوروبي، بالرغم من بعض ردود الفعل التي تعكر أحيانا على الإسلام بهولندا من بعض أحزاب اليمين المتطرف.
وأوضح محمد أجواو بأن هولندا تعتبر أول دولة أوروبية تسمح للأئمة بأن يكونوا موظفين رسمي في الدولة، كما أن حرية التعليم الديني مكفولة للمسلمين، إذ توجد في هولندا 40 مدرسة إسلامية وثانويتان إضافة إلى جامعتان معترف بهما يقدمان دروسا في مواد متعلقة بالدين الإسلامي.
وبخصوص التحديات التي تواجه المسلمين في الدول الأوروبية قال أجواو إن عنصر المفاجأة الذي خلقه ظهور الإسلام في أوروبا، جعل هذه الدول لا تتوفر على جواب معد سلفا للتعامل مع الوضع، مما يجعل تصرفاتها تتسم بالتردد مما يوحي بوجود نوع من المعاداة للإسلام.
يشار إلى أن مجلس الجالية المغربية بالخارج قام بمناسبة المعرض الدولي للنشر والكتاب بإصدار مؤلفين بالغتين العربية والفرنسية، يضمان أشغال ندوتين نظمهما المجلس حول قضية الإسلام في أوروبا، الأول بعنوان : الإسلام في أوروبا: أي نموذج، والثاني بعنوان: الإسلام في أوروبا: تكوين الأطر والتربية الدينية وتدريس الظواهر الدينية.
محمد الصيباري
16-02-2012
في هذا السياق، وفي إطار اهتمام مجلس الجالية المغربية بالخارج بقضية الإسلام في أوروبا، باعتباره من الملفات الحساسة المطروحة في دول الاستقبال، نظم المجلس ندوة حول موضوع الإسلام في فضاء الهجرة، وذلك يوم الخميس 16 فبراير بالرواق المشترك لكل من مجلس الجالية المغربية بالخارج والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلس المنافسة والهيأة المركزية للوقاية من الرشوة، الذي تحتضنه الدورة 18 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء.
في مداخلته خلال هذه الندوة الفكرية التي قام بتسييرها الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، اعتبر خالد حجي، الكاتب العام للمجلس العلمي الأوروبي، أن احتكاك المسلمين بفضاء آخر خارج العالم الإسلامي، طرحت أمامه مجموعة من التحديات بالنظر لافتقاد أجيال المسلمين بأوروبا إلى جاهزية ثقافية وفكرية عالية، لتحقيق التناغم بين الإسلام والفضاء الاوربي، كما ان المجتمعات الأوروبية لم تستطع تشكيل نموذج لاحتضان هذه الجاهزية.
وتوقف مؤلف كتاب «من مضايق الحداثة إلى فضاء الإبداع الإسلامي والعربي « ، على ضرورة اجتهاد المسلمين المتواجدين في أوروبا خصوصا المغاربة منهم، من اجل ابتكار نموذج مقبول يقارب الانسجام بين نمط معين من التدين مع مراعاة المقتضيات التي تميز الفضاء الأوروبي، من خلال إيجاد مفاهيم بسيطة لهذه العلاقة وبلورتها في شكل سلوكات يومية تزكي الانتماء إلى الدين الإسلامي مع الأخذ بعين الاعتبار السياق الذي تمارس فيه شعائر الدين.
أما رئيس الفدرالية الإسبانية للهيآت الدينية الإسلامية –فيري- محمد حامد علي، فقدم خلال مداخلته في هذه الندوة نبذة عن مسار التنظيمات الإسلامية في إسبانيا، التي اعترفت رسميا سنة 1992 بالدين الإسلامي كدين له جدور في البلاد، وما عرفته من صراع حول شرعية تمثيل المسلمين أمام الحكومة الإسبانية، في إطار المجلس الإسلامي الإسباني، مبرزا أن هذا التفريق عرقل تحقيق أهداف الاتفاقية التي اعترفت بموجبها إسبانيا رسميا بالدين الإسلامي.
ولم تفت محمد حامد علي فرصة الإشارة إلى التحول الذي طرأ على تعامل السلطات الإسبانية مع المسلمين المقيمين على ترابها بعد أحداث 2001، بعد أن أصبح التعامل معهم ينبني على مقاربة أمنية يتم من اجلها تمويل العديد من الجهات لفرض مراقبة صارمة على التجمعات المسلمة، منتقدا في نفس الوقت تبني أحزاب اليسار لخطاب الإسلاموفوبيا الذي كان إلى وقت قريب ملازما لليمين المتطرف فقط.
وفي تعليقه على مداخلة محمد حامد علي أكد مسير الندوة، عبد الله بوصوف، على ضرورة خلق ثورة ذهنية في المجتمعات الأوروبية تغير التصور الموجود حول الإسلام كمصدر قلق، لكي يصبح مصدر تقارب وتعايش، والسعي لإحداث مصالحة بين الغرب.
مشيرا إلى ضرورة أن يتماشى النسيج العمراني مع التنوع الثقافي الذي تعرفه المجتمعات، حتى لا يبقى عدد المساجد في إسبانيا التي تضم مليون مسلم لا يتعدى أصابع اليد.
من جهة أخرى تطرقت الندوة العلمية إلى الإسلام في هولندا عبر مداخلة للأستاذ بجامعة أمستردام الحرة محمد أجواو، الذي عبر عن ارتياحه عن وضع الإسلام والمسلمين بهذا البلد الأوروبي، بالرغم من بعض ردود الفعل التي تعكر أحيانا على الإسلام بهولندا من بعض أحزاب اليمين المتطرف.
وأوضح محمد أجواو بأن هولندا تعتبر أول دولة أوروبية تسمح للأئمة بأن يكونوا موظفين رسمي في الدولة، كما أن حرية التعليم الديني مكفولة للمسلمين، إذ توجد في هولندا 40 مدرسة إسلامية وثانويتان إضافة إلى جامعتان معترف بهما يقدمان دروسا في مواد متعلقة بالدين الإسلامي.
وبخصوص التحديات التي تواجه المسلمين في الدول الأوروبية قال أجواو إن عنصر المفاجأة الذي خلقه ظهور الإسلام في أوروبا، جعل هذه الدول لا تتوفر على جواب معد سلفا للتعامل مع الوضع، مما يجعل تصرفاتها تتسم بالتردد مما يوحي بوجود نوع من المعاداة للإسلام.
يشار إلى أن مجلس الجالية المغربية بالخارج قام بمناسبة المعرض الدولي للنشر والكتاب بإصدار مؤلفين بالغتين العربية والفرنسية، يضمان أشغال ندوتين نظمهما المجلس حول قضية الإسلام في أوروبا، الأول بعنوان : الإسلام في أوروبا: أي نموذج، والثاني بعنوان: الإسلام في أوروبا: تكوين الأطر والتربية الدينية وتدريس الظواهر الدينية.
محمد الصيباري
16-02-2012