توقع البنك الدولي ان يرسل العمال المهاجرون من البلدان النامية تحويلات قيمتها 436 مليار دولار إلى بلدانهم هذا العام (2014) بالرغم من زيادة عمليات الترحيل من بعض البلدان المضيفة.
وأظهر تقرير للبنك الدولي بعنوان “موجز الهجرة والتنمية” صدر مؤخرا أن تدفقات التحويلات إلى البلدان النامية ستزيد هذا العام 7.8 في المائة عن مستواها في عام 2013 والبالغ 404 مليارات دولار لترتفع إلى 516 مليار دولار في عام 2016.
وتذهب التقديرات إلى أن التحويلات العالمية ومنها تلك التي تتدفق على البلدان مرتفعة الدخل ستبلغ 581 مليار دولار هذا العام صعودا من 542 مليار دولار في عام 2013 لتصل إلى 681 مليار دولار في عام 2016.
ترحيل المهاجرين يؤثر على اقتصادات الدول النامية
زالت التحويلات مصدرا رئيسيا لتدفقات الموارد الخارجية إلى البلدان النامية، وهي تفوق كثيرا المساعدات الإنمائية الرسمية، وتتسم بأنها أكثر استقرارا من تدفقات الديون الخاصة والاستثمارات في أسهم رأس المال؛ كما تمثل التحويلات مصدرا مهما للنقد الأجنبي يتجاوز العائدات من الصادرات الرئيسية، ويُغطِّي تكلفة جزء كبير من الواردات.
وتعليقا على ذلك، يقول كوشيك باسو، رئيس الخبراء الاقتصاديين والنائب الأول لرئيس البنك الدولي، “لا شك أن هذه التدفقات تساهم في تقليص معدلات الفقر وتعزيز الرخاء. وبيانات التحويلات والهجرة أيضا مقياس للسلام والفوضى في العالم”.
لكن تقرير البنك الدولي ينبئ بمخاطر تلوح في الأفق بسبب تراجع هذه التحويلات بسبب عودة المهاجرين إلى بلدانهم بسبب الصراع أو الترحيل من البلدان المضيفة. حيث وشهدت سنة 2013 زيادة عمليات الترحيل، إذ تمت إعادة أكثر من 370 ألف مغترب إلى بلدانهم من المملكة العربية السعودية وحدها في الأشهر الخمسة نونبر 2013، كما تم في الولايات المتحدة ترحيل أكثر من 368 ألف شخص (معظمهم مهاجرون كانوا يريدون دخول الولايات المتحدة وتم اعتقالهم على الحدود) إلى بلدانهم في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، ولاسيما المكسيك والسلفادور وغواتيمالا وهندوراس.
وصاحب هذا الاتجاه، وفق بيان صحفي للبنك الدولي، اشتداد المشاعر المعادية للهجرة، والتي “يبدو أنها تكتسب زخما متناميا في عدة بلدان أوروبية منها فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة. وفي سويسرا، وافق الناخبون، وإن كان بأغلبية ضئيلة، على فرض حصص لأعداد المهاجرين إليها في استفتاء في فبراير 2014”.
المغرب خارج القائمة
لا يوجد المغرب في قائمة الدول التي تستقبل تدفقات كبيرة من تحويلات المهاجرين، حيث ما زالت مصر تعتبر البلد الوحيد في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط المتواجد في قائمة الدول العشر الأولى على المستوى الدولي من حيث استقبال تحويلات المهاجرين ب 17 مليار دولار سنة 2013.
وما زالت الهند على رأس القائمة إذ بلغ نصيبها من التحويلات 70 مليار دولار في عام 2013. ومن بين البلدان الأخرى التي حصلت على تحويلات كبيرة الصين (60 مليار دولار)، والفلبين (25 مليار دولار)، والمكسيك (22 مليار دولار)، ونيجيريا (21 مليار دولار).
وفي هذا الصدد أوصى البنك الدولي ببذل جهود متواصلة لخفض تكلفة تحويل الأموال عبر القنوات الرسمية. ففي الربع الأول من عام 2014، هبط متوسط تكلفة إرسال الأموال على مستوى العالم إلى 8.4 في المائة من قيمة المعاملة من 9.1 في المائة قبل ذلك بعام، وظل متوسط تكلفة إرسال التحويلات إلى أفريقيا جنوب الصحراء مرتفعا عند نحو 12 في المائة؛ وفضلا عن ذلك، فإن التحويلات فيما بين بلدان الجنوب الآخذة في الازدياد لا يسمح بها في كثير من الحالات أو تكون تكلفتها باهظة بسبب القيود على التحويلات الخارجية في الكثير من البلدان النامية مثل غامبيا وغانا وفنزويلا.
الاتجاهات الإقليمية
تشير التقديرات إلى أن تدفقات التحويلات إلى منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ زادت 4.8 بالمائة في عام 2013 إلى 112 مليار دولار. وفي ظل ازدياد الحاجة إلى العمال ذوي المهارات العالية في المنطقة يتوقع البنك الدولي ان تتجاوز تحويلات العمال المهاجرين داخل بلدان رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) 148 مليار دولار بحلول عام 2016.
كما انتعشت تدفقات التحويلات في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى، وسجَّلت تدفقات التحويلات إلى بلدان منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي نموا ب 1.9 في المائة في عام 2013.
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تشير التقديرات إلى أن التحويلات انخفضت بـ 2 في المائة في عام 2013، إذ إن هبوط التحويلات إلى مصر طغى على أثر الزيادة الطفيفة في التحويلات إلى بقية المنطقة.
وعلى الرغم من استمرار ارتفاع أسعار النفط وانتعاش اقتصادات بلدان مجلس التعاون الخليجي، فإن عمليات المغادرة الطوعية والترحيل من المملكة العربية السعودية والاضطرابات الأخرى تضعف من تدفقات التحويلات؛ فقد عاد نحو 300 ألف مغترب إلى مصر من المملكة العربية السعودية في النصف الثاني من عام 2013، ويتوقع البنك الدولي أن تزيد تدفقات التحويلات إلى المنطقة زيادة طفيفة إلى 55 مليار دولار في عام 2016.
وبعد أن ظلت تدفقات التحويلات إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بدون تغيُّر بوجه عام في 2012، فإنها نمت بنسبة 3.5 في المائة في 2013 لتصل إلى 32 مليار دولار. ومن المتوقع أن تزداد التحويلات إلى 41 مليار دولار في 2016. وتظهر أحدث البيانات الرسمية المتاحة أن نيجيريا ما زالت أكبر متلق للتحويلات بفارق كبير عن البلدان الأخرى، إذ أرسل المهاجرون النيجيريون نحو 21 مليار دولار في عام 2013.
هيأة التحرير