مؤرخون وأكاديميون يقدمون المؤلف الجماعي "المغاربة مهاجرون ورحالة"

الثلاثاء, 17 مايو 2016

احتضنت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط يوم الثلاثاء 17 ماي 2016 تقديم المؤلف الجماعي المغاربة مهاجرون ورحال الذي أصدره مجلس الجالية المغربية بالخارج بمشاركة مؤرخين وأكاديميين ومثقفين وورياضيين، بهدف تقديم العناصر الأساسية للبحث، وتشجيع التفكير والدراسات في رحلة وهجرة المغاربة على امتداد التاريخ.

وفي كلمته خلال المائدة المستديرة التي تم فيها تقديم الكتاب، اعتبر احمد سراج، عن مجلس الجالية المغربية بالخارج، وأحد المشاركين في هذا الكتاب أن المؤلف يسعى إلى إبراز التنوع الثقافي والحضاري الذي يزخر به المغرب من خلال تسليط الضوء على رحلة وأسفار المغاربة وشخصيات كرست على امتداد قرون تعدد المغرب وتنوع روافده كما جاء في دستور 2011.

6

وأضاف سراج أن إصدار المؤلف يأتي في سياق استراتيجية المجلس في الاهتمام بذاكرة وتاريخ الهجرة المغربيتين، حيث أنه لا يمكن الاهتمام بذاكرة مغاربة العالم دون الاهتمام بتاريخ هؤلاء وإعطاء أولوية للبحث العلمي في ذاكرتهم، مذكرا في نفس الوقت بالأهمية التي يوليها مجلس الجالية المغربية بالخارج منذ سنوات للاشتغال الذاكرة حيث سبق له أن نظم لقاءات وأصدر دراسات حول ذاكرات بعض الفئات من مغاربة العالم مثل العمال المنجميين،  وعمال شركة رونو، وهو في طور إنجاز مؤلف حول ذاكرة مغاربة هولندا.؛ كما أكد على أن هذا الاهتمام يروم إدماج ذاكرة مغاربة العالم ضمن ذاكرة التاريخ الوطني.

5

من جانبه ركز المؤرخ ميمون عزيزة وهو أحد المشاركين بمقال في هذا الكتاب على أهمية تناول الهجرة من الجانب التاريخي بالرغم من كونها مسألة اجتماعية اهتمت بها حقول معرفية أخرى، وحدد ضرورة تناول المؤرخ للهجرة من خلال نظرته الشمولية وأدوات التحليل التي يعتمدها عبر المراحل التاريخية حتى لا يسقط في الكليشيهات والصور النمطية.

"تعودنا على دراسة المغاربة في إطار الحدود الجغرافية في المغرب، وهذا الكتاب يتجاوز هذه الحدود ويتتبع المغاربة عبر العالم من الإدريسي وابن بطوطة وغيرهم، وقد ركز الكتاب على مجموعة من الهجرات الأخرى المتخفية مثل هجرة الجزائر التي مكنت المغاربة من امتلاك مهارات في مجال الهجرة..." يقول أزيزا المتخصص في الهجرات المغاربية.

أما السياسي والأستاذ بجامعة "ييل" الأمريكية، المختار غامبو، فقد قدم في مداخلته نبذة عن شخصية مغربية ساهمت في اكتشاف أمريكا، هي مصطفى الزموري، الشاب الذي خرج عنوة من المغرب في سن الرابعة عشر، حيث اختطفه البرتغاليون وباعوه إلى ربان إسباني لاكتشاف العالم الجديد، واستطاع الزموري بفضل عمله وذكائه أن يحرر نفسه وكان أول مكتشف يدخل الى ثلاث ولايات أمريكية عي اريزونا تكساس ونيو مكسيكو.

10

وأضاف غامبو أن الدافع وراء إرسال الزموري إلى الولايات الامريكية هو أن الإسبان رأوا فيه نوعا من الاختلاف وجسرا بينهم وبين السكان الأصليين، وأخذ عبء تحمل اللغات الأصلية وتعلم ست لغات وخلق فرص للحوار وتحويل الاكتشافات المبنية على الغزو والنهب الى نوع من الحوار المبني على التعايش حتى أصبح حاكما في إحدى الولايات، "ليكون مصطفى الزموري أول مغربي يعطينا بعدا جديد خارج المحور المتوسطي ولكن في الأطلسي".

هجرة مغربية أخرى مختلفة قدمها المؤرخ عثمان المنصوري المتخصص في تاريخ البرتغال، حيث أعطى صورة عن مغاربة عاشوا في البرتغال، ذلك البلد الذي لا يهتم به سوى قلة من الباحثين حول بسبب عائق اللغة والأرشيف المغربي ضعيف في هذا المجال، بالرغم من كون التاريخ المغربي والتاريخ البرتغالي هو تاريخ مشترك، وهناك وجود مغربي في البرتغال منذ فتح الأندلس.

11

وتطرق المنصوري في مساهمته إلى تاريخ الجالية مغربية التي قدمت بمحض إرادتها في وقت من الأوقات أو دفعت ظروفا بعض أفرادها إلى السفر كأسرى أو عبيد. ولأن البرتغال لم تكن قادرة على استيعابهم مما دفعها الى الاستفادة منهم في المناطق الخاضعة للحكم البرتغالي كالبرازيل، ويهدف المؤرخ من ذلك إلى إثارة الانتباه وليؤكد أن الإنسان المغربي عندما يسافر يضع بصمته في المجتمعات الإقامة ويترك أثر انتمائه الثقافي.

22

أما الأستاذة مليكة الزاهيدي، فقد تحدثت في مداخلتها على الرحلة في المسار الأوروبي والرحلة السفارية، أي سفر المغاربة في إطار مهمة رسمية يشرف عليها السلطان، كما رسمت بورتريهات لشخصيتين مغربيتين تاريخيتين هما السفير الرحالة في إسبانيا محمد الغساني السفير لإبراز الجانب الأندلسي،  و ابن عثمان المكناسي كشخصية عاصرت ثلاث سلاطين وتركت نصوصا رحلية دونت فيها تجربة السفر لتحفظها الذاكرة الجماعية.

31

وقالت المؤرخة في هذا الإطار إن مشاركتها في المؤلف الجماعي تسعى إلى طرح الحداثة ومطالبة المغاربة بالاقتباس من الثقافة الاوروبية، حيث كانت الشخصيات المعنية تحمل مشروعا رسميا هو الاطلاع على ثقافة الأوربيين ونقلها الى المغرب.

من جهته اهتم الأستاذ الجيلالي العدناني بالطرق الصوفية وخاصة الطريقة التيجانية والدور الذي لعبته ليس فقط في الإشعاع والهجرة بل أيضا وفي تحديد هويات المجالات الثقافية والسياسية انطلاقا من القرن الثامن عشر حيث كانت طرقا توحد المجال وتشكل حلقة وصل بين المشرق والمغرب وبين المغرب وبلاد السودان، ولم تكن قط تقوم بالتفرقة مثل ما حاول ان يدفعها إليه الاستعمار الفرنسي في مشروعه الانفصالي ابتداء من سنة 1900.

41

وعن انتشار الطرق الصوفية مع المهاجرين أكد العدناني أن الزوايا الصوفية خصوصا التيجانية تعمل على توحيد جميع المسلمين والمريدين من جميع الجنسيات، وتعمل في اتجاه خلق وحدة وتجانس بين المهاجرين.

واختتمت مداخلات هذه المائدة المستديرة، بمساهمة المغاربة في المجال الفني، وبالضبط فن الملحون أو "ديوان المغاربة" كما يسمى حيث قدم فؤاد غسوس، نبذة عن أحد أعلام الملحون المغاربة الذين استطاعوا التعريف بهذا الفن ونقله إلى خارج المغرب وهو محمد بنعلي المسفيوي.

81

وحكى فؤاد غسوس محطات من تاريخ هذه الشخصية ورحلته إلى تركيا حيث عين قبطانا، قبل أن يسجن في طنجة ويطلق سراحه المقيم العام ليوطي بفضل قصيدة أهداها إياه خلال تزامن رحلته إلى طنجة مع وجود المسفيوي في السجن. وخلص الباحث إلى أن شعراء الملحون ساهموا في التعريف بالمغرب ونشر ثقافته كما هو الشأن في الجزائر حيث مازالت أثر الملحون المغربي حاضرة في الموسيقى الجزائرية.

هيأة التحرير

الصحافة والهجرة

Google+ Google+