بوصوف وشوفينمو يفتتحان سلسلة ندوات مجلس الجالية المغربية بالخارج في معرض الكتاب

السبت, 08 فبراير 2020

افتتح مجلس الجالية المغربية بالخارج، يوم الجمعة 7 فبراير 2020، أنشطة رواقه بالدورة 26 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، والتي تتمحور حول « صورة المغرب ما وراء الحدود: الواقع والمتخيل »، بجلسة افتتاحية شارك فيها كل من الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج عبد الله بوصوف، ووزير الداخلية الفرنسي الأسبق، ورئيس مؤسسة "ريس بوبليكا" جون بيير شوفينمون، وسير أطوار الجلسة الإعلامي وديع دادة.

PHOTO 2020 02 07 22 19 00

عبد الله بوصوف: إمارة المؤمنين ضامنة لحرية المعتقد
استهل عبد الله بوصوف النقاش بالإشادة بضيف المجلس وزير الداخية الفرنسي السابق والمفكر اليساري دون بييع شوفينيمو، الذي يعود له الفضل في إطلاق الاستشارات حول الإسلام في فرنسا لتنظيم الإطرا المؤسساتي للإسلام في فرنسا وحوار الأديان، قبل التطرق إلى موضوع مشاركة المجلس في هذا الحدث الثقافي الهام، أي صورة المغرب ما وراء الحدود.
وفي هذا الإطار تساءل بوصوف عن الصورة المقدمة عن المغرب، وقدرتها على نقل الواقع أم فقط انطباعات مستوحاة من الخيال. كما عبر عن تفاؤله بكون الجالية المغربية يمكنها أن تصنع الصورة المستقبلية، بحيث ستكون الصورة الحقيقية التي تتبع التاريخ الحقيقي لبلدنا، وليست الصورة النمطية المستوحاة من الأساطير.
وفي حديثه، عن صورة المغرب ما وراء الحدود، قال بوصوف إن "الدوافع التي جعلتنا نختار موضوع في هذه الدورة هي كون مغاربة يشكلون حاليا نحو 5 ملايين مغربي في جميع أنحاء العالم، وندرك أنه لا يمكن فصل صورة المواطنين المغاربة عن صورة المغرب".
ومن أجل بناء صورة حقيقية، يرى نفس المتحدث أنه من الضروري الاستثمار في معرفة الذات ثم معرفة الآخر، حيث "يمكن أن نتعرف عن الآخر من خلال مصادره وكيف يعرف نفسه وليس من خلال انطباعنا حوله.
وأوضح على أن الجهل بالصورة لا يرتبط فقط بالمهاجرين، بل حتى وسائل الإعلام والأدب في البلدان المضيفة. وقدم مثالا على ذلك بالإسلام، قائلا "حينما نتحدث عن الإسلام، نتحدث عن التطرف والإرهاب، لكننا لا نتحدث عن رسالة السلام وجوهر الإسلام كديانة » مشيرا في نفس الوقت إلى مقولة إدوارد سعيد حول صراع الجهالات في فترة عرفت بروز نظرية صراع الحضارات لهيتنغتن.
وشدد الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج أن الهجرة هي من ستشكل عالم الغد، حيث يقدم المهاجرون قيمة مضافة في جميع أنحاء العالم، وذلك من خلال المساهمة في ازدهار البلدان المضيفة والبلدان الأصلية، مضيفا أن الهجرة خلقت الحوار بين الثقافات والأديان، وساهمت في التعرف على بعضنا البعض.
وردا على السؤال المسير حول مواجهة تفاقم القومية، أكد بوصوف على الالتزام بالحوار والعيش معا، مردفا أنه يجب تسليط الضوء على القرارات المتقدمة التي نفذتها بعض الدول الغربية، على سبيل المثال "بلجيكا" التي اعترفت بالدين الإسلامي من قبل الدولة، ويتم تدريسه في المدارس العامة ودفع الأئمة من قبل الدولة، وكذلك بناء المساجد في العديد من الدول الغربية كأحد مظاهر اعتراف الدول الغربية بالشعائر الإسلامية.
من جهة أخرى توقف الدكتور عبد الله بوصوف على أهمية النموذج الديني المغربي في تدبير الاختلاف، واعتبر بأن هذا النموذج قابل للانتقال إلى سياقات غربية لأنه قائم على مرتكزات معرفية لشخصيات مسلمة تعتبر مرجعية في الغرب في الغرب للمسلمين وغير المسلمين، مثل المعرفة المجتمعية لابن خلدون وعقلانية ابن رشد، وتصوف ابن عربي.
هذا التصوف الذ يرى فيه صاحب كتاب « ملكية مواطنة في أرض الإسلام: كيف استكاع محمج السادس بناء نموذج كوني »، منطقة عازلة في أوقات الصدام تلتقي فيها مختلف الديانات وحتى الغير متدينين، مبرزا في نفس الوقت أهمية إمارة المؤمنين في هذا الإطار، وهي وفق تعبير بوصوف التمثل المغربي لمفهوم العلمانية الغربية لأن الملك هو ضامن حرية ممارسة الشعائر الدينية للمسلمين ولغير المسلمين، وهو الضامن أيضا لعدم استعمال الدين في السياسة، وجعل مختلف الفاعلين السياسيين على نفس المسافة مع الشؤون الدينية التي تعتبر اختصاصا حصريا لإمارة المؤمنين.

PHOTO 2020 02 07 22 19 00 (1)

جون بيير شوفينمون: القومية في أوروبا تعبير عن مرض الأمة
في بداية مداخلته، عبر جون بيير شوفينمون، رئيس مؤسسة "ريس بيبليكا"، عن ارتباطه بالمغرب البلد الذي تدين له فرنسا كثيرا بوقوفه إلى جانبها في الحرب العالمية الثانية، وبالضبط إلى الجنود المغاربة الذين حاربوا النازية إلى جانب الفرنسيين، مؤكدا على ان العلاقات المغربية الفرنسية تعود لما قبل فترة الحماية.
وفي حديثه عن الهجرة المغربية في فرنسا أبرز شوفينمو، أن فرنسا تضم على أكبر عدد من المهاجرين المغاربة بالاتحاد الأوروبي بحوالي مليون ونصف شخص، وتضم أكبر جالية طلابية مغربية تصل إلى أزيد من 40 ألف طالب مغربي بفرنسا، وربط الأمر بإشكالية هجرة النخب لبلدانها الأصلية لكنه استدرك بأن هذه المعطيات تظهر مدى التفاهم والنقارب بين المغرب وفرنسا.
واعتبر المثقف اليساري الفرنسي أن التحدي الأساسي المطروح على الدول الإفريقية في الوقت الراهن هو تحدي التنمية المرتبط أساسا بتطوير التعليم والمحافظة على النخب في بلدها الأصلي.
وعن صورة المغرب في المخيال الفرنسي، قال شوفينمو إنها خليط لمجموعة من الانطباعات المتناقضة، بين الصور الحقيقية وهي صورة تقدمه والصور النمطية المتراكمة تاريخيا. ولم يفوت شوفينمو فرصة تواجده في المغرب، وعبر عن إشادته بالمنجزات التي حققتها المملكة على عدة أصعدة "أرى المغرب في صورة عصرية، إنها مملكة حديثة، زرت مركز الطاقة الشمسية في ورزازات، وميناء طنجة المتوسطي، والجامعة الدولية بالرباط، وموقع صناعة الطيران بالدار البيضاء، واطلعت على مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق، وهذه إنجازات رئيسية. هذا لا يعني عدم وجود بعض المشاكل الاجتماعية لكنها موجودة حتى في فرنسا ».
وجوابا عن سؤال حول التطرف، شدد جون بيير شوفينمو على ضرورة التضامن لمواجته، مبرزا ضرورة الاعتماد على الثقافة، والقدرة على فهم الأخر والتركيز على البعد الإنساني فيه، وعلينا الا ننسى أننا ننتمي إلى الإنسانية قبل كل شيء، ومشددا على ان القومية في أوروبا ليست هي الجواب المناسب لأنها تعبر عن مرض الأمة.
هيأة التحرير

الصحافة والهجرة

Google+ Google+