باحثون يقاربون واقع وتمثلات الإسلام في أوروبا

الأحد, 16 فبراير 2020

احتضن رواق مجلس الجالية المغربية بالخارج يوم السبت 15 فبراير 2020 مائدة مستديرة حول موضوع:"الإسلام في أوروبا: الواقع والتمثلات"، وذلك في إطار مشاركة المجلس في الدورة 26 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء.

وقد شارك في هذه المائدة المستديرة التي أدارها كريم إفراق باحث متخصص في الإسلاميات وباحث في المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا، كل من: أوليفيي لو كور غرانميزون، أستاذ للعلوم السياسية والفلسفة السياسية بجامعة باريس ساكلاي إيفري-فال-ديسُّون، وطارق بنكرعي أبو نور، باحث وإمام وخطيب بفرنسا، ومحمد نكرومي، أستاذ تفسير النصوص القديمة بجامعة نونبرغ بألمانيا، ومحمد موساوي، رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.

Karim Ifrak

وأدار النقاش كريم إفراق (متخصص في الإسلاميات وباحث في المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا).

Olivier Le Cour

تمثلات الإسلام في كتابات إرنست رينان
في بداية مداخلته أشار أوليفييه لو كور غراميزون إلى أن التمثلات السلبية حول الإسلام في فرنسا تم إنتاجها منذ قيام الجمهورية الثالثة، وأنه من الأهمية بمكان البحث في أصول هذه التمثلات في الحقبة الاستعمارية.
وبين صاحب كتاب "أعداء لدودون.. تمثلات الإسلام والسياسات الإسلامية في فرنسا في الحقبة الكولونيالية" أن كتابات إرنست رنان تعد مركزية لفهم هذه التمثلات؛ حيث يصور رنان العربي المسلم باعتباره عدوا للحضارة والتقدم… كما تم نقل صورة للإسلام باعتبارها مرادفة للتطرف، والمسلمين أعداء للتقدم وللعلوم، وعائقا يحول دون التحضر، وأنهم غير مرحب بهم في فرنسا لأنهم لم يندمجوا بشكل كامل. "بل يتم تفسير اَي شكل من أشكال المقاومة على أساس أنه تعبير عن الطابع المتطرف للإسلام نفسه!".
وقد تم نقل هذه التصورات للمقررات الدراسية التي تمت المصادقه عليها، كما ينصح بها رجال ومؤسسات التعليم.

Mohammed Moussaoui

موساوي: انتظارات المسلمين في فرنسا تتطلب المعرفة الحقيقية للدين
أما محمد موساوي فقد تحدث عن مسألة تنظيم الإسلام في فرنسا، وبين مركزية العلمانية وأدوات تنفيذها في فهم المواقف المختلفة تجاه الإسلام والمسلمين… وذكر أن العلمانية لها هدفان، الأول ضمان حرية الممارسة الدينية لكل المواطنين بالإضافة إلى مسألة الحيادية. وأشار المتدخل إلى اختلاف أدوات تنزيل هذه العلمانية بين دولة أوروبية وأخرى.
وبين موساوي أن التأويلات التي عرفها مبدأ الحيادية أدى إلى بروز مواقف مختلفة إلى حد التناقض، تراوحت بين من يرى أن هذا المبدأ يقتضي عدم التدخل في الحريات الشخصية للأفراد، وبين من يرى أنه يقتضي التسوية بين الجميع في المجال العالم وعدم إبراز الرموز الدينية…
كما سلط الضوء على المراحل التي مر بها تنظيم الإسلام بفرنسا، مركزا على السياقات التي ظهر فيها المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، مشددا على مسألة أن هذا المجلس يخص الديانة الإسلامية وأن مجال استغلاله هو الإسلام دينا، أما المواطنون الفرنسيون المسلمون فإن هناك قنوات قانونية أخرى تمثلهم كالبرلمان والنواب مثلا.
من جهة أخرى شدد موساوي على أن انتظارات مسلمي فرنسا كثيرة خاصة بعد تصاعد ظاهرة التطرّف باسم الإسلام والأحداث الإرهابية. وهو ما يتطلب العمل مع الشباب المسلم من أجل أن يتسلحوا بمعرفة عن القيم الحقيقية للإسلام التي تجعل منه دينا قادرًا على العيش في مجتمعات متعددة دينيا وثقافيا.

Mohammed Nekroumi

النكرومي: من الضروري بناء خطاب ديني يراعي السياق الأوروبي
من جانبه تحدث الباحث المغربي المقيم بألمانيا محمد النكرومي عن قدرة الإسلام على التأقلم مع السياقات الثقافية المختلفة، وأنه يكون دائما أمام تحدي إنتاج خطابات وتأويلات جديدة بحسب الظروف…
وفيما يخص واقع الإسلام في أوروبا ذكر النكرومي أننا أمام أنواع متعددة من الخطاب: الخطاب الاستشراقي، والخطاب الشعبوي ذي الطابع العلمي، والخطاب الذي يتم إنتاجه من خلال التفاعل مع المسجد. وهناك أيضا الخطاب الديني الأكاديمي الذي يتم إنتاجه داخل الجامعات والمعاهد الدينية.
وتطرق النكرومي إلى أهمية القيام بتفكير عميق حول مقاصد الدين الإسلامي وبناء خطاب يراعي السياقات الثقافية الأوروبية، مشيرا إلى أن مسألة التنوع والتعدد مركزية في الإسلام، وأن التنميط لم يكن أبدا من مقاصد هذا الدين ولا هدفا للفقهاء؛ فالتعدد هو الأصل.

Tarik Abou Nour

طارق أبونور وأهمية العلاقة مع الأخر
اختار طارق بنكرعي أبو نور مدخلا مختلفا للحديث عن أهمية مراعاة السياق الأوروبي في بناء التأويلات والخطابات؛ حيث ركز على كون الإسلام يعد مكونا أساسيا للهوية الأوروبية منذ زمن بعيد، وأنه دين العديد من البلدان الأوروبية كالبوسنة مثلا، بالإضافة إلى الدور الكبير الذي لعبه المهاجرون وكذا الأجيال الجديدة في جعل الإسلام الدين الأكثر حضورا في العديد من هذه الدول.
وفِي السياق ذاته ذكر أبو نور أن من بين التحديات التي تواجه الإسلام في أوروبا بناء رؤية دقيقة لطبيعة العلاقة مع الآخر، مؤكدا على ضرورة التخلي عن وضع المظلومية وإلقاء اللوم عن الآخرين، وهو الأمر الذي يجعل المسلمين دائما في موقع الدفاع…
وشدد في الأخير على أهمية الجمع بين الفقه والبعد الروحي والجمالي في الإسلام، وهو البعد الذي سيجعل المسلمين بفرنسا خاصة الشباب منهم، يحبون بلد إقامتهم كما يحبون بلدهم الأصلي المغرب، فيقدموا بذلك صورة مشرقة عن الإسلام داخل فضاء متعدد، وعبر التفاعل مع المكونات الأخرى للمجتمع الفرنسي.

الصحافة والهجرة

Google+ Google+