التفكير في التطرف

الأحد, 15 فبراير 2015

احتضن رواق مجلس الجالية المغربية بالخارج بالمعرض الدولي للنشر والكتاب اليوم الأحد 15 فبراير 2015 في فقرة "بطاقة بيضاء" ندوة بعنوان: "التفكير في التطرف"، بمشاركة كل من أميلي بوخبزة، وفريد عبد الكريم، وباتريك أموييل. وتولى تسييرها رشيد بن الزين الباحث الملحق بمرصد الأديان التابع لمعهد الدراسات السياسية بإكس أون بروفانس، والمحاضر بمعهد الدراسات السياسية وكذا بكلية الدراسات اللاهوتية البروتستانتية بباريس.

المداخلة الأولى كانت من إلقاء فريد عبد الكريم الممثل المسرحي، والحاصل على ماجستير في السوسيولوجيا، حول التجربة التي قضاها في جماعة الإخوان المسلمين بفرنسا، مشيرا إلى تحكم بعض الظروف النفسية في هذا الاختيار (ققدان البوصلة، الفراغ، الجنوح....)، إضافة إلى الحاجة إلى نماذج تكون لها جاذب وهو ما يفسر تعلقه بحسن البنا مؤسس الجماعة، وهو ما أفضى به إلى تقديم البيعة للإخوان المسلمين....

ولاحظ عبد الكريم تضخم مسألة تسييس الإسلام في الجماعة من أجل فرض نموذج معين، إضافة إلى ترسيخ فكرة المواجهة مع الجمهورية الفرنسية، وقال إن الحديث عن أن الإسلام وفرنسا لا يلتقيان ولا يتفاهمان أبدا كان في تجربتي الأولى بمثابة الركن السادس للإسلام.

ومن الأمثلة التي استشهد بها عبد الكريم على فكرته بخصوص غلبة السياسي في هذه الجماعة، هو أنه في تلك الفترة قدر له أن يشهد جنازة فبدل أن يتولى الإمام الحديث عن سبب الاجتماع الذي هو الجنازة، تحدث عن الصراع العربي الإسرائيلي.

ولما كان موضوع اللقاء هو التطرف فإن المتدخل حاول أن يبين من خلال تجربته بعض الأدبيات المتبعة في تلك الجماعة، والتي هي عناصر لفهم التطرف والمواجهة، ومنها الاعتقاد أنهم هم وحدهم من يملك الحقيقة أما غيرهم فلا.

أما باتريك أمويل محلل نفسي، مدير الأبحاث الفرويدية بجامعة نيس صوفيا-آنتيبوليس الفرنسية، ونائب رئيس الجمعية المتوسطية لطب النفس وطب النفس للأطفال والسيكولوجيا السريرية، فذكر أن جمعيته Entr'autres تهتم بكل ما له علاقة بالتداخل الثقافي وفهم فكر التطرف، ولماذا يتوجه الناس إلى داعش وسوريا.

وقال أمويل إن عمل الجمعية اقتضى العمل مع أجهزة الدولة، والالتقاء بالأئمة، والعمل مع أمهات الذين ذهبوا إلى داعش وسوريا. وأن الاشتغال يتم وفق خطين؛ الخط السوسيولوجي (الجنوح، والإجرام...)، والخط الثقافي.

وذكر أن عدد الفرنسيين الذين توجهوا إلى سوريا هو 1500، حيث كان الهدف في البداية إنسانيا بالإضافة إلى التزامات فرنسا في سوريا؛ إنسانية سواء من المسلمين أو من غير المسلمين (الشابات الفرنسيات خاصة (الكاتوليكيات)، وأن 80 % هم من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 40 سنة، و10 % من النساء نصفهن ذهب من أجل القتال والنصف الآخر مرتبط بأزواجهن.

ولا حظ أمويل وجود مواقف متطرفة كالتطرف الجماعي ضد القوانين الجمهورية، والتطرف الهوياتي، والتطرف الديني والسياسي.... وأن التطرف لا يحصل فقط عبر الأنترنت وإنما بالالتقاء المباشر أيضا... ورأى أن الكثير من من حالات التطرف يجب عرضها على "علم النفس المرضي" (la psychopathie).

أميلي بوخبزة المتخصصة في علم النفس السريري بمدينة نيس ذكرت أن عملها ينصب أساسا على المراهقين الشباب وحول الإدماج، والفئات المهمشة، ومع أمهات الملتحقين بسوريا، ويتم التعاون مع الخبراء الميدانيين.

وأشارت بوخبزة إلى أنها قد لاحظت تطرفا هوياتيا لدى الفئة المراهقة، وأكدت أنه على مدى سنوات لم يكن سؤال الهوية مطروحا بحدة لدى النساء بخلاف الشباب، وقالت إن فئة النساء كانت تطرح قضايا أخرى من قبيل العنف الزوجي، ومسألة العذرية، وقضية اللعودة إلى البلد الأصل، والتعامل مع الثقافة الأصلية، مركزات على المخارج القانونية لهذه القضايا.

أما مؤخرا -تقول بوخبزة- فإن التطرف الديني أصبح مدخل مقاربة والنظر إلى تلك القضايا، مع غلبة للحديث عن الجنة والنار.... وأمور أخرى تنتمي للدائرة الهوياتية.

هذا وقد عرفت ندوة "التفكير في التطرف" نقاشا مستفيضا ومتشعبا هدفه الأساس الاقتراب من معرفة الأسس والقنوات التي تغذي فكر التطرف.

هيأة التحرير

Google+ Google+