نظرات متقاطعة حول التنوع الثقافي في فضاء الهجرة

الخميس, 19 فبراير 2015

تدبير التنوع الثقافي في فضاءات الهجرة بأوروبا كان محور الندوة الأولى التي احتضنها رواق مجلس الجالية المغربية يوم الخميس 19 فبراير 2015 في إطار الدورة 21 للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء.

وعرفت هذه الندوة التي قام بتسييرها رئيس مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني، مصطفى المرابط، مشاركة كل من الامين العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، خالد حاجي، والانتروبولوجي الهولندي المتخصص في القانون وثقافة المجتمعات الإسلامية، ليون بوسكسن، والاستاذ المغربي بجامعة نيميغ الهولندية عبد الرحمان العيساتي.

بوسكسن: على المجتمع الغربي احترام وجود حساسيات جديدة
Leonفي أول مداخلة خلالة هذه الندوة قدم ليون بوسكسن المقيم حاليا في الرباط، نبذة عن الهجرة المغربية بهولندا في الستينات عندما هاجر المغاربة من أجل العمل "ولم يكن احد يعتقد بانهم سيستقرون، بعد ذلك تم الاستقرار ورافقه التجمع العائلي وكان هناك اولاد واصبحوا مواطنين اوربيين من اصول مغربية كما كانت هناك زيجات مختلفة طحرت إشكاليات جديدة"، هذا الأمر يضيف الانتروبولوجي الهولندي جعل المهاجرين المغاربة امام إشكال الهوية وفرض عليهم ثنائية هوياتية : هوية بلد الأصل وهوية مجتمع الإقامة.

خلال حديثه عن وضعية المهاجرين خصوصا المغاربة في هولندا اعتبر ليون بوسكسن أن الجيلين الثاني والثالث أبدو رغبة في الاندماج في المجتمع الهولندي وخلق الشباب هويات جديدة جعلتهم يبرزون في شكل حركيات متنوعة، وأصبح جزء من المجتمع الهولندي يلصق صورة نمطية عن شباب الجالية المغربية بهولندا بكونهم لا يتوفرون على عمل ويخلقون مشاكل، "وهو ما جعلهم يبرزون كأقلية مكشوفة داخل المجتمع".

ولمواجهة هذا الأمر اقترح الدكتور بوسكسن على الجميع أن يضع يده على حقيقة أن المهاجرين يريدون البقاء في هولندا لكن بطريقتهم الخاصة تحتتفظ بالحقوق لكن مع احترام القوانين، بالإضافة إلى ضرورة طرح النقاش المرتبط ببعض الخصوصيات الإسلامية كالحلال والحرام، وفق القانون الهولندي، أي قانون مجتمع الاستقبال، وكذا ضرورة احترام الأوروبيين لوجود حساسيات جديدة في المجتمع الغربي في اطار مفهوم دولة القانون التي تخول للجميع العيش المشترك.

العيساتي: الأدوات العلمية للحفاظ على الهوية المغربية
A Issatiمن جانبه تحدث الأستاذ الجامعي المغربي في هولندا عبد الرحيم العيساتي عن وجود اختزال وصفه بالخطير لمفهوم الهوية، يجهله مرتبط بالثقافة، ودعا الى ضرورة توفر الجماعة الواحدة على تصور الذات بطريقة ايجابية والذي بدونه لا يمكن التقدم في اطار مجتمع أو قبيلة.

وأبرز العيساتي أن الثقافة في هولندا هي مسألة ثانوية بحيث أن المهاجرين الهولنديين من بين أكثر الأشخاص سرعة في الاندماج داخل مجتمعات الاقامة، وهو ما تحاول هولندا التعامل به مع المهاجرين المتواجدين على أراضيها حيث لا تعطي أهمية للتدبير الثقافي لهته الفئة وتجعله ذاتيا يتحكم به كل فرد بحرية بشرط ان لا يخرق القوانين، بحسب العيساتي.

وعن هوية الأجيال الحديثة للهجرة المغربية يرى الأستاذ بجامعة نيميغ أن قضية الهوية المغربية تبقى ضرورية ويجب الاعتماد على المعطيات العلمية لتسويقها وجعل مغاربة هولندا يتشبثون بها ويتمكنون عبر هذا التقديم العلمي للهوية المغربية من التوفر على أدوات علمية تساعدهم على التموقع والدفاع عنها أمام الإكراهات التي يفرضها عليهم المجتمع بشكل يومي.

حاجي: على مسلمي أوروبا التفاوض لإيجاد مكان داخل المجتمع
k Hajjiبدأ الدكتور خالد حاجي، مداخلته خلال هذه الندوة بنقد علاقة الذات بالموضوع التي تعاملت بها المجتمعات الأوروبية في السابق مع المهاجر التي كانت ترى فيه موضوعا يمكن التحكم فيه، قبل أن تلغي الفيزياء الحديثة هذا الطرح بعدما أكدت أن الموضوع ايضا له رد فعله على الذات ويؤثر فيها.

"المجتمعات الاوروبية ظنت بانها قادرة على ادماج المهاجرين، لكنها لم تأخذ بعين الاعتبار أن إدماج هذا المهاجر قد يربك العلاقات داخل المجتمع الأوروبي" يقول حاجي.

الأمين العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة اعتبر أن العولمة تشكل تهديدا ليس فقط للدول الفقيرة والمتخلفة ولكن تهديدها يشمل كذلك حتى المجتمعات القوية والغنية، مؤكدا أن هناك تهديد للهوية الاوروبية جراء الانفتاح على العولمة، مما يطرح سؤال الهوية في المجتمع الاوروبي الذي يوجد في طور التشكيل.

وعن علاقة الثقافة بالهوية أكد خالد حاجي بأن الثقافة هي تفاعل مع الزمن والفضاء والاخر، يفضي بعد احتكاك طويل مع هذه المكونات مجتمعة للوصول الى لون معين يطلق عليه ثقافة، وأبرز أن "اوروبا بفعل ارتفاع وثيرة التغيرات الثقافية التي تشهدها أصبحت تعاني من ضروب من الخلل على مستوى الهوية".

وفي هذا السياق يقول حاجي إن دور المسلمين كأقلية في اوروبا يحتاج الى وقفة تامل، نظرا لغياب معرفة بحقيقة المشاكل التي يتخبط فيها المهاجرون بمختلف أجيالهم، خصوصا فئة الشباب التي أصبح يصعب عليها تدبير الاختلاف في المجتمعات الأوروبية "الشباب يعاني من مشكل الانتماء والاعتقاد، والشباب المهاجر يحتاج الى شيء يلملم اطراف الهوية المتناثرة، لذلك وجد في الدين ذلك الإسمنت الذي يجمع هذه الاطراف" يضيف.

هذا اللجوء إلى الدين الذي يأتي كفترة قلق وليس كرافعة للإنسان هو الذي يؤدي غالبا إلى التطرف، ويدفع الشباب إلى اختيار الطريق الثالث وهو الاسلام الطهراني المجرد عن جميع اشكال الانتماء، مما يجعلهم في معاناة نفسية جراء عدم القدرة على انزال الاسلام الطهراني، بحسب الأمين العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة.

ودعا خالد حاجي في ختام المداخلة مسلمي أوروبا المجبرين على التفاوض لايجاد مكانة في المجتمع الحديث، وكذا المؤسسات الأوروبية إلى الاشتغال سوية من اجل تحقيق التعايش، والفصل بين ما هو ديني وما هو ثقافي.
هيأة التحرير

Google+ Google+