رمضان "على الطريقة المغربية" بكوت ديفوار.. مناسبة لتجديد الوصل بالتقاليد العريقة للمملكة

الثلاثاء, 14 يونيو 2016

باعتبارها أرض ضيافة وترحاب وانفتاح، توفر كوت ديفوار للجالية المغربية، على غرار باقي الجاليات المسلمة المقيمة بها، جميع الظروف المطلوبة لقضاء شهر رمضان الكريم بشكل يتجدد معه الوصل بالتقاليد العريقة للمملكة.

ويشكل هذا الشهر الأبرك في كوت ديفوار عامة، وعاصمتها الاقتصادية أبيدجان، على الخصوص، لحظة للتواصل والتأمل، ومناسبة للاستمتاع بلحظات وأجواء التضامن والتعاون التي طالما عاشتها أفراد الجالية المغربية المقيمة ببلاد الأكوابا (مرحبا بلهجة البولي)، مفتخرين في ذلك بانتمائهم لبلد ذي تقاليد ثقافية وروحية عريقة، ومتشبثين بأدق التفاصيل التي تميز التحضير لهذا الموعد السنوي بما لا يختلف في شيء عن الأجواء التي تسود مناطق المملكة.

يتعلق الأمر إذن بتعبئة على الطريقة المغربية لقضاء شهر رمضان، وهي تعبئة تبرز بجلاء أن الاندماج في المجتمع الإيفواري يتم بسلاسة، ولا تدع مجالا لسيادة الشعور بالغربة والبعاد عن البلاد. وبالفعل، فعلى مستوى جميع المناطق التي تشهد حضورا قويا للجالية المغربية، من قبيل أحياء تريشفيل (الزنقة 12)، وأدجامي، وكوماسي، أو في ماركوري، فإن الأجواء لا تختلف في شيء عن أجواء رمضان بالمغرب. وتتيح بعض المحلات التجارية والأسواق الصغيرة على مستوى هذه الأحياء، مجموعة واسعة من المنتجات المغربية، وكذا اللبنانية، التي تعد ضرورية خلال هذا الشهر المبارك، حيث تشهد شوارع وأزقة هذه الأحياء، منذ الصباح، حركية غير معتادة وتتحول إلى فضاءات للتفاوض مفتوح على السماء. فمن أدوات الطبخ، إلى الفواكه والخضر، والأسماك واللحوم، ومواد أخرى من المطبخ الإيفواري والإفريقي، تتيح هذه الفضاءات كل ما يمكن أن ييسر مهمة الزبناء على اختلاف ميزانياتهم.

وبالفعل، فإن الاندماج في المجتمع الإيفواري يبدو نموذجيا حتى إنه يحدث في بعض الأحيان أن يتحلق المغربي والسنغالي والمالي والإيفواري حول مائدة إفطار واحدة يتقاسمون لحظات ممتعة ويتناولون وجبات من المطبخ المغربي والإيفواري والإفريقي أيضا.

ولا يعدو هذا التجلي للتضامن الإفريقي أن يكون تعبيرا عن البساطة والكرم والتواضع الذي يسم سلوك المغاربة المعروفين عبر العالم بانفتاحهم، وقدرتهم الكبيرة على الاندماج وتشبثهم بقيم الإسلام المعتدل والوسطي الذي يروج للتسامح واحترام الآخر وقيم التضامن والتعاون.

ولمساعدة الأشخاص في وضعية هشاشة، بغض النظر عن جنسياتهم، يتم تنظيم عمليات إفطار جماعية يشارك فيها بعض المغاربة ميسوري الحال بشكل لافت.

وبات في حكم العادة أن يشكل رمضان أيضا مناسبة يتم خلالها تحويلات مالية نحو المغرب لمساعدة الأسر على تعزيز النفقات التي ترتفع عادة خلال هذا الشهر الكريم.

والأكل على الطريقة المغربية في أبيدجان لا يطرح عادة أي إشكال، ذلك أن هناك عددا من المطاعم ومحلات الوجبات الخفيفة التي بدأت تعرف انتشارا خلال السنوات الأخيرة، كما هو الشأن بالنسبة لمطعم (لوريونطال)، الواقع بالمنطقة الرابعة، إحدى الأحياء الراقية بأبيدجان، والذي يعرف أجواء رمضانية مغربية كل مساء.

ويحرص سيمو، المشرف على تسيير هذا المطعم، على تقديم الأطباق وفقا للطريقة المغربية ، حيث يقترح على زبنائه المغاربة والأجانب قائمة وجبات متنوعة ومتكاملة وغنية، انطلاقا من الكسكس روايال، مرورا بالطاجين بمختلف أنواعه، والحريرة المغربية، والمقبلات التقليدية، والمشويات، مرفوقة في الغالب مع الشاي المغربي بالنعناع والنباتات العطرية المستقدمة من المغرب.

الأمر نفسه على مستوى مقهى "لوبونور" الشعبي بالزنقة 12 بتريشفيل، الذي تسيره مغربية، والذي يستجيب لمتطلبات الزبائن الذين يقبلون على وجبة " الفطور" إثر يوم من الصوم، ويجدون به حلويات ووجبات مغربية من صنف الرغيف والعصائر وغيرها.

وفي هذا الصدد أيضا، تقوم العديد من ربات البيوت بإعداد حلويات تقليدية أو أطباق مغربية تحت الطلب، للراغبين في تناولها.

وعلى مستوى آخر، يسعى مغاربة كوت ديفوار إلى إيلاء أهمية كبرى خلال هذا الشهر الفضيل لتبادل الزيارات بين العائلات والأصدقاء، حيث عادة ما يجتمع هؤلاء على مائدة الإفطار، أو بعد صلاة التراويح، لتقاسم لحظات الفرح والاسترخاء حول كأس من الشاي المنعنع الحامل لعلامة "صنع في المغرب". وتشكل البعد الروحي واجهة أخرى للأجواء الرمضانية في أبيدجان. ذلك أنه بعد الإفطار، يتوجه المغاربة وغيرهم من الجاليات المسلمة إلى المساجد يوميا لأداء صلاة العشاء والتراويح.

وإضافة إلى هذا الجانب الديني، يتوجه الشباب بكثافة إلى المقاهي والفنادق لتجاذب أطراف الحديث، فيما يفضل آخرون ممارسة الرياضة أو اللعب بالورق.

هكذا إذن، تبدو أجواء رمضان بأبيدجان متفردة وتجسد بشكل تام التعايش والاندماج الناجحين للجالية المغربية في المجتمع الإيفواري الذي يؤمن بالاختلاف واحترام الآخر وتقاليده، وخصوصياته وعاداته، شعاره الأثير على مر الزمان.

عن وكالة المغرب العربي للأنباء 

الصحافة والهجرة

Google+ Google+