الدعوة ببروكسيل للنهوض بوضعية الأئمة المغاربة لمواجهة تحديات السياق الأوروبي

السبت, 25 نونبر 2017

احتضنت العاصمة البلجكية بروكسيل يوم 25 نونبر 2017 لقاء حول دور الإمام في السياق الأوروبي: بين تحديات الواقع ورهانات المستقبل » المنظم من طرف المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة بمشاركة حوالي 150 إماما مغربيا في أوروبا.

وفي كلمته الافتتاحية أكد الطاهر التجكاني رئيس المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، أن هذا اللقاء الذي ينظم في عاصمة الاتحاد الأوروبي يسعى إلى إعطاء الكلمة للإمام للتعبير عن آماله وإشكالياته وتطلعاته والتحديات التي تواجهه ويقترح الحلول وفق رؤيته الخاصة باعتباره شريكا في صنع حاضره ومستقبله وتحقيق الأمن لمجتمعه، مبرزا أن مهمة الإمام  تتجاوز المحراب لمهام أخرى رمزية لأنه الخطيب المرشد والأب المربي والمستشار الاجتماعي وهو صورة الاسلام ومرآته في المجتمع الغربي.

IMG 2401

ودعا التجكاني في هذا الإطار السادة الأئمة ليكونوا منبع خير وإحسان ومنهل أمن واستقرار للمجتمع الذي ينوب فيه، والعمل على نشر الرحمة بين الناس جميعا.

المفوضية الأوربية وأولوية التواصل مع الأئمة

من جانبها استغلت المفوضية الأوروبية تنظيم هذا اللقاء لإظهار اهتمامها بالجاليات المسلمة وبالأئمة، حيث قال النائب الأول رئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيبيرمان في كلمة مقتضبة تلاها الأمين العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، خالد حاجي، إن المسلمين يحتلون مكانة مهمة داخل المشهد الأوروبي، وهذا اللقاء فرصة لتعميق التواصل معهم، مشددا على أن  المفوضية الأوروبية تمد يدها دعم الجاليات المسلمة لتعيش ديانتها في سلم وطمأنينة في المجتمعات الأوروبية.

IMG 2443

في نفس الإطار  استعرضت فيرجينيا مانسيتي، مستشارة المبعوث الخاص للمفوضية الأوروبية  المكلف بتعزيز الحرية الدينية خارج الاتحاد، يان فيغال، استراتيجية عمل المفوضية الأوروبية حول الشأن الديني، القائمة على أساس الحرية الدينية ومكانتها المحورية كحق من حقوق الإنسان.

وحول منهجية اشتغال المبعوث الخاص للمفوضية الأوروبية حول الحرية الدينية، اعتبرت نفس المتحدثة أن المسؤول الأوروبي يسعى منذ تعيينه إلى  تعزيز الاستماع والحوار مع الفاعلين الحكوميين والمجتمعيين، ويستلهم من بين الوثائق المرجعية في الحرية الدينية على رأسها إعلان مراكش حول حقوق الأقليات في المجتمعات المسلمة، بهدف العمل على بناء عالم سلم وطمأنينة يسوده الاحترام بين الأديان.

وعلى الرغم من وجود بعض مظاهر التمييز ضد المسلمين  في أوروبا كما أكدته دراسة حديثة للمفوضية الأوروبية، إلا أن نفس الدراسة أكدت على أن أغلب المسلمين يثقون في المؤسسات الأوروبية وعبروا عن ارتباطهم بالدول التي يعيشون فيها، الأمر الذي نوهت به فيرجينيا مانسيتي، التي عبّرت في نفس الوقت عن حاجة المفوضية الأوروبية اليوم إلى قيادات دينية وفاعلين في الميدان من الجاليات المسلمة من أجل التنسيق والعمل المشترك لمواجهة الكرهية والتطرف، مضيفة بأن مسألة تطوير التربية الدينية تبقى أولوية لأن الدراسات أثبثت أن المتطرفين ليس لهم أي تكوين ديني.

 بوصوف وضرورة الاهتمام أكثر بالإمام في أوروبا

في بداية مداخلته  خلال الجلسة الافتتاحية لملتقى « دور الإمام في السياق الأوروبي: بين تحديات الواقع ورهانات المستقبل » ندد الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، بالهجوم الإرهابي الذي شهدته مدينة العريش المصرية وراح ضحيته حوالي ثلاثمائة شخص كانوا يؤدون صلاة الجمعة، واعتبر أن هذا الاعتداء الغاشم دليل آخر على أن الإرهاب لا يمث بصلة إلى الإسلام،  كما سبق أن أكد على ذلك صاحب الجلالة أمير المؤمنين في خطاب السنة الماضية، وشدّد في نفس السياق على أن لقاء الأئمة هذا هو تعبير عن رفضنا لما يرتكب وينسب للإسلام لأن الإسلام هو مشروع حياة وليس مشروع موت ».

IMG 2468

وأثنى بوصوف على مجهودات المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة في تحصين الأئمة المنخرطين في النموذج المغربي المبني على الاحترام والوسطية وعلى المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني، كما نوه بعمل الأئمة المغاربة في أوروبا الذي لا يمكن تقديره إلا بالنظر للنسب الكبيرة للحصانة التي حظي بها المسلمون في أوروبا والمغاربة تحديدا من براثن التطرف والكراهية بفضل الأئمة، داعيا الدول الأوروبية إلى إعطاء الإمام الأهمية التي يستحق باعتباره الفاعل الأساسي في المجتمع القادر على الإجابة عن الإسئلة المطروحة بما يتماشى مع السياق الأوروبي.

« لا بد لمختلف الحكومات التوجه إلى السادة الأئمة من أجل التواصل وفتح النقاش معهم، بدل الاقتصار فقط على مناقشة الإسلام مع رؤساء الجمعيات، لأن السادة الأئمة والعلماء هم من ينتجون الخطاب الذي يحتاجه المجتمع، كما أنهم في الواجهة الأمامية لمواجهة التطرف والعنف ولا يمكن قبول أن يكون الإمام تحت وصاية اي كان » يقول بوصوف.

IMG 2498

في نفس السياق عبر الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج على استعداد المجلس لمد يد العون للنهوض بالوضعية الاجتماعية للأئمة في أوروبا لتأدية عملهم على أحسن وجه، وذكر بأن الإمام كان بدوره ضحية مزدوجة للأعمال الإرهابية سواء من خلال النقد الذي يتعرض له من الجميع من دون معرفة، وأيضا لكونه عدوا لدعاة العنف والتكفير.

ولم تفت بوصوف الإشارة خلال هذه المداخلة إلى قدرة الإسلام على العيش في أوروبا في تناغم مع المبادئ الأوربية، لكونه لا يتعارض مع الديمقراطية ومع حقوق الانسان والحريات ويقبل بالتعدد والتنوع، وأيضا لكون المسلمين كانوا ولا يزالون يشكلون قيمة مضافة لدول ومجتمعات الإقامة من جميع النواحي؛ وأبرز في هذا الصدد أن تجربة العيش في السياق الأوروبي وفي الانفتاح والتعدد يمكنها أن تساهم في تحقيق نقلة نوعية في العالم الإسلامي، كما أن وجود المسلمين باعتبراهم جزءا من أوروبا يقدم فرصة للدول الأوروبية لاكتشاف دين جديد لم تكن تعرفه عن قرب من أجل بناء مجتمع على أساس من التعايش والاحترام والتعاون.

IMG 2394

وقد عرف اللقاء بالإضافة إلى جلسة مناقشة واستماع إلى السادة الأئمة، تنظيم فعاليات الملتقى الثالث للقرآن الكريم تحت شعار « القرآن الكريم رسالة سلام » عرف مشاركة مقرئين مغاربة من المغرب ومن عدد من الدول الأوروبية.

يذكر أن تنظيم هذا اللقاء يأتي تتويجا لسلسة من اللقاءات التكوينية التي نظمها المجلس عبر مختلف عواصم أوروبا، من أجل من منطلق الحرص على رفع جاهزية الأئمة والقيمين الدينيين بغرض تمكينهم من المساهمة بشكل فعال في ضمان استقرار المجتمعات الأوروبية وتقوية التعايش بين مختلف مكوناتها.

هيئة التحرير

الصحافة والهجرة

مختارات

Google+ Google+