كلمة السيدة نزهة الصقلي

السبت, 13 يونيو 2009

كلمة السيدة نزهة الصقلي

وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن

***

بمناسبة الملتقى الدولي

مغربيات من هنا وهناك: التحولات والتحديات والمسارات

مراكش

19 دجنبر 2008

السيد الوزير،

السيد رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج،

سيداتي سادتي،

بكل لغات العالم وبلغة القلب بالخصوص، أحييكم بحرارة وأحيي، من خلالكم، جميع المغربيات من هنا وهناك.

كما أود أن اشكر المنظمين والمنظمات على هذه المبادرة الممتازة.

فهي تخول لنا اللقاء والتعارف والتبادل والتقاسم، بين مغربيات من هنا وهناك. كما أشكرهم على إتاحتي فرصة التحدث إليكم عن الجوانب متعددة الأبعاد لوضعية المرأة.

 

وأهنئ مجلس الجالية المغربية بالخارج على أن اختار هذا الموضوع وقرر أن يجعل منه حدثا سنويا، ذلك أن المساواة بين الجنسين تعتبر قيمة أفقية لحقوق الإنسان.

 

وتصادف هذه التظاهرة موعدا سعيدا وذا صلة وثيقة بموضوعنا، ألا وهو الذكرى الستون للإعلان العالمي لحقوق الإنسان:

 

- لقد احتفلت بلادنا بهذه المناسبة مرفوعة الرأس لأنه يحق لنا أن نفخر بكل الأشواط التي قطعتها في مجال حقوق الإنسان والمساواة، التي نواصل السير بثبات نحو تحقيقها.

 

- وهكذا أعلن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عن رفع التحفظات على اتفاقية منع كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

- وإلى جانب أن 18 دجنبر هو تاريخ اليوم العالمي للعامل المهاجر، فهو كذلك ذكرى تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية منع كافة أشكال التمييز ضد المرأة سنة 1979.

- الحملة السادسة لمناهضة أعمال العنف ضد المرأة التي نظمتها وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن لمدة 15 يوما.

 

سيداتي سادتي،

إن الإشكاليات التي اشتغلتم عليها تصب في صلب انشغالات الحكومة (الإعلان الحكومي) وكذا في جوهر مهمة وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن وبرامجها.

 

وقد سجلت باهتمام بالغ التوصيات الصادرة عن النقاشات لدى مختلف الفضاءات الموضوعاتية.

 

وقد كشفتم عن التقدم الحاصل في مسيرة المغرب نحو المساواة، خاصة:

- على مستوى التشريعات التي تهم المغربيات من هنا وهناك، بما فيها مدونة الأسرة وقانون الجنسية، الخ..

- على مستوى ولوج مراكز صنع القرار، خاصة المشاركة السياسية للمرأة في الهيئات المنتخبة.

وتأكد التمثيل السياسي للنساء على مستوى الجماعات مثلما كان الأمر عليه على مستوى البرلمان سنة 2002.

واليوم، يضمن القانون الانتخابي الجديد عتبة دنيا للنساء بنسبة 12% من مجموع المقاعد (عوض 0,5 % حاليا) لكن هذه العتبة يمكن أن ترتقي إلى ثلث المقاعد إذا ما لعبت الأحزاب السياسية دورها وقدمت دعما حازما لترشيح المرأة.

ويأتي ذلك ليدعم سياسة المغرب الساعية إلى تدعيم النساء عبر تعيين 7 وزيرات و5 سفيرات و19 امرأة في منصب قائد، و35 امرأة في المجالس العلمية، الخ.

 

ويدرج الميثاق الجماعي مقاربة النوع الاجتماعي كشرط في إعداد خطط التنمية المحلية.

 

لقد ناقشتم كذلك الفوارق ووضعيات الهشاشة.

وتشكل هذه القضايا دعامة الاستراتيجية الوطنية من أجل الإنصاف والمساواة والتي ترتكز على إدراج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات العمومية كشرط لتحقيق المساواة:

 

- على مستوى الميزانيات،الإصلاح الذي تخضع له الميزانية المتمحور حول النتائج ومراعاة النوع الاجتماعي لدى وضع الميزانية (تقرير النوع الاجتماعي)

- على مستوى برامج التخفيف من حدة الفقر خاصة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي تشكل النساء غالبية المستفيدين منها.

 

وقد تحدثتم عن مناهضة أعمال العنف ضد المرأة

ومن المؤكد أنكم أثَرتم الأنشطة الحالية التي تأتي لتدعيم تلك التي تم إنجازها قبل حوالي عشر سنوات:

- نظام معلومات حول أعمال العنف على أساس جنسي يكون مشتركا بين الفاعلين الرئيسيين: الشرطة والدرك والعدل والصحة.

- تم وضع العشرات من المراكز وخلايا الاستقبال من قبل تلك المؤسسات والمنظمات غير الحكومية التي تنشط 62 مركز استماع عبر البلاد.

- هذا وقد نظمت وزارتنا مؤخرا جلسات تكوينية لفائدة عناصر الشرطة والدرك حول موضوع العنف على أساس جنسي.

- كما أن هذه المراكز والخلايا تتلقى أيضا شكاوى النساء المهاجرات.

- إننا نعمل على وضع تشريع رادع لأعمال العنف ضد النساء، خاصة العنف بين الزوجين الذي أصبح المهيمن الأكبر، حسب التصريحات سواء على المستوى المؤسسي أو على مستوى مراكز استماع المنظمات غير الحكومية (أزيد من 80% من التصريحات).

- تم إطلاق دراسة استقصائية.

- مأسسة مناهضة أعمال العنف على أساس جنسي وتوطينها من خلال تقارب برامج 13 قطاعا وزاريا ومنظمات غير حكومية وجامعات في ست جهات، بشراكة مع 8 وكالات تابعة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى برامج يدعمها شركاء آخرون.

 

لقد أشرتم إلى استمرار الأفكار الجاهزة والأثر السلبي للصور التي تتناقلها وسائل الإعلام وفي المدارس، الخ:

ويشكل نشر ثقافة المساواة محورا استراتيجيا لدى الوزارة، حيث إن تغيير التشريعات والقرارات السياسية يتطلب مصاحبة لترجمتها إلى سلوكات ومناهج.

 

ويبين كل هذا التقدم الحاصل أن المغرب عاقد العزم على تدعيم مسيرته نحو المساواة واحترام حقوق المرأة.

 

غير أن المسيرة نحو المساواة ما تزال طويلة، فالتحديات تظل عديدة ومتعددة الأبعاد: سواء تعلق الأمر بخدمات القرب أم بتنفيذ التشريعات. وبهذا الخصوص، يجب علينا أن نستحضر أن مدونة الأسرة الجديدة تشكل في حد ذاتها مشروعا مجتمعيا حقيقيا مرتكزا على المساواة، وأن 5 سنوات على الدخول حيز قليلة جدا بالمقارنة مع قرون من التقاليد والميز واستعباد النساء.

 

- لكن الإرادة السياسية قوية في إنجاح هذا الورش الهام. ويشهد بذلك إعلان يوم 10 أكتوبر 2003 يوما وطنيا للمرأة المغربية تخليدا للخطاب الملكي السامي، ليوم 10 أكتوبر 2003، أمام البرلمان، حيث أعلن جلالة الملك، نصره الله، عن مدونة الأسرة.

وسيشكل يوم 10 أكتوبر محطة سنوية من أجل وضع حصيلة ما تحقق في مجال المساواة بين الجنسين من خلال السياسات العمومية ومواصلة السير على درب المساواة.

أيتها السيدات أيها السادة

إن هذه الأوراش والنقاشات المفتوحة تتطلب تعبئة شاملة لقواتنا والتزام وتعاون جميع الكفاءات، سواء أكانت من الداخل أم من الخارج.

ومثلما أشرتم إلى ذلك، تتعدد الإكراهات والتحديات لكن الفرص هي الأخرى في الموعد:

— الالتزام القوي من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لفائدة المساواة

— غنى المجتمع المدني والتزامه

— إمكانية الجمع بين الكفاح من أجل حقوقكم وصورتكم في البلدان التي جئتم منها وبين الكفاح من أجل حقوق المرأة في المغرب.

 

لقد تحدثت لكم عن بلدكم وعن مكتسباتكم في بلدكم، لكن أود أيضا أن أخبركم إلى أي حد يفتخر بكم بلدكم!

فأنتم تشكلون كنزا ثمينا لبلدكم، ليس من خلال تحويل العملات الصعبة، كلا! بل لأنكم نجوم ساطعة يلمع بنورها المغرب في مجالات الفن والثقافة والعلوم والبحث والاقتصاد، وعلى المستوى الاجتماعي، بل وحتى على المستوى السياسي، ولأن قلوبكم ما تزال تنبض من أجل المغرب.

ونحن، إخوانكم وأخواتكم هنا، فخورون بكم ونقول لكم: أحسنتم!

كما أننا واعون بالمشاكل والصعوبات التي تعيشها بعض أخواتنا، وبالأخص في بعض البلدان. أتحدث عن أولئك اللواتي هاجرن في ظروف صعبة واللواتي يعانين من الضعف ويتعرضن لمختلف أشكال الضغط والعنف.

 

وأنا أدعو إلى التضامن معهن ودعمهن وأطالبهن بالانتظام من أجل إسماع أصواتهن هنا وفي بلدان استقبالهن. وقد استمعت إلى تظلماتكن ومعاناتكن. فحلول المشاكل التي تعشنها بيدنا جميعا، لكن يمكنكن أن تتوصلوا إليها بمساعدة من المدافعين عن حقوق المرأة في بلدكن وبلد إقامتكن، وبمساعدة من الحكومة عن طريق مختلف مكوناتها.

وفي مسك الختام، أود أن أقول لكن أنكن تشكلن ثروة لبلدكن من خلال التنوع الثقافي الذي تعملن على المحافظة عليه. فيا لها من سعادة بالإنصات إلى مغربيات يتحدثن بهذه الطلاقة الفرنسية والإسبانية والإنجليزية والألمانية والإيطالية والهولندية، الخ.

فتنوعنا يشكل ثراءنا، لذا يجب علينا المحافظة عليه وتطويره والوقوف في وجه أي محاولة ترمي إلى اختزالنا ضمن بعد واحد. نحن عرب مسلمون ونفخر بذلك، لكننا كذلك أمازيغ منفتحون على اللغات ومتوسطيون وأفارقة. وعلينا أن نستحوذ على تنوعنا ونحافظ عليه لأنه يشكل غناءنا ويضع على المحك ديمقراطيتنا التي ينبغي أن تحترم حقنا في التنوع، وهو بمثابة مكون من مكونات الحداثة.

 

كما أود أن أوجه تحية خاصة إلى تلك النساء منكن اللاتي يجسدن، من خلال مسارهن هناك، والتزامهن هنا وهناك، القيم التي تضرب عرض الحائط الأفكار الجاهزة وتكسر الصورة العالقة في الأذهان، والبعيدة عن الواقع، للمرأة العربية المسلمة.

كما أود الإشادة بوطنيتكم، وأنتم من يقف وراء الأعمال المواطِنة المنجَزة خدمةً لبلدكم، في مجالات التخفيف من حدة الفقر لفائدة التربية وحماية الطفل والأشخاص المسنين والتشغيل، إضافة إلى إدماج الأشخاص المعاقين.

فأنتم تمثلون ذلك الكنز الثمين الذي يشكله المجتمع المدني بالنسبة لبلدنا، علما أنه صار شريكا مؤسسيا للسياسات العمومية، خاصة منذ إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من قبل جلالة الملك يوم 18 ماي 2008.

وتلتزم وزارتنا بأن تدرس مع مجلس الجالية المغربية بالخارج إمكانيات مبادرة جديدة بشراكة مع المجتمع المدني في الداخل وفي الخارج، حول مختلف إشكاليات الهجرة.

 

وتكتسي النتائج التي توصلتم إليها بعد محادثات مكثفة أهمية بالغة من أجل إعداد الاستراتيجيات والبرامج المستقبلية التي تدمج مختلف الهيئات والبنيات والمنظمات والشخصيات الحاضرة معنا.

إن بلدكم يسير وفق المسار الصحيح.

فهو مدفوع بحبنا له جميعا، رجالا ونساءً، من خلال تعبئتنا وأنشطتنا المواطنة، وأيضا من خلال الحظ الذي لدينا بالتوفر على ملك كجلالة الملك محمد السادس في التزامه لخدمة حقوق الإنسان والمساواة والحداثة.

شكرا لكم ولكن جميعا!

 

 

الصحافة والهجرة

Google+ Google+