عبد الله بوصوف يدعو إلى تحييد ملف الهجرة سياسيا ووضعه ضمن القضايا الوطنية

 قال عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، إن المجلس مؤسسة استشارية، تشتغل على القضايا ذات الطابع الاستشاري والتي تتطلب تفكيرا هادئا وعميقا، وبأنه لا يشتغل تحت الضغوطات السياسية، وإنما هدفه الأساس هو التفكير في إيجاد الحلول لمجمل الإشكالات المرتبطة بالهجرة وبالجالية المغربية بالخارج.

 

وأضاف في حوار مع الموقع الإلكتروني لمجلس الجالية المغربية بالخارج، بأن إشكاليات الهجرة مركبة ومعقدة، مشيرا إلى النقص الموجود على مستوى المعرفة العلمية المتعلقة بوضع وواقع الجالية المغربية بالخارج. وفي هذا الصدد أكد الأمين العام أن المجلس عمل في هذه السنوات الخمس على توفير هذه المعرفة العلمية.

وبخصوص ما إنْ كان لما حققه المجلس من إنجازات تأثيرٌ إيجابي على الجالية المغربية بالخارج، أكد بوصوف بأن ما أنجزه المجلس من إنتاجات له تأثير على النقاشات العمومية داخل المغرب وفي أوساط الجالية المغربية بالخارج، وأنه لأول مرة احتلت إشكالية الهجرة حيزا رئيسا ومهما في قلب النقاش العمومي المغربي.

كما دعا الأمين العام إلى تحييد ملف الهجرة سياسيا، ووضعه ضمن القضايا الوطنية التي يجب أن تنعقد حولها التوافقات وألا تخضع للمزايدات السياسية.

وفيما يتعلق بأبرز الإكراهات والتحديات التي تواجه الاشتغال على ملف الهجرة والجالية المغربية ذكر بوصوف مجموعة من الإكراهات، منها: غياب ثقافة المؤسسات الاستشارية في بلدنا، وما نلمسه لدى الجالية المغربية من استعجال للحلول، وعائق الإمكانات، وتعدد المؤسسات المتدخلة في ملف الهجرة، وما تعرفه الجالية من تشرذم.

أما فيما يتعلق بالمجالات والأولويات التي تتطلب اشتغالا مستعجلا، أشار الأمين العام إلى أن المجلس سيعمل على توفير المزيد من المعرفة العلمية حول الهجرة والجالية المغربية، كما أن المجلس المقبل سيخصص حيزا كبيرا من الاهتمام لفئة الشباب ولإشكالاتهم المختلفة، كما سيتم التعاطي بشكل جدي مع إشكالية الفشل المدرسي في أوساط الجالية المغربية بالخارج.

وفيما يلي نص الحوار.

بداية، وبعد مرور خمس سنوات على تأسيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، ما هو في تصوركم المنطق الذي تحكّم في اشتغاله طيلة هذه السنوات؟

المنطق الذي تحكم -ويتحكم- في اشتغال المجلس هي المهام الموكلة إليه؛ فالمجلس مؤسسة استشارية، بمعنى أنه يشتغل على القضايا ذات الطابع الاستشاري والتي تتطلب تفكيرا هادئا وعميقا، ولا يشتغل تحت الضغوطات السياسية، كما أنه ليس من أهدافه إرضاء هذا الطرف أو ذاك؛ وإنما هدفه الأساس هو التفكير في إيجاد الحلول لمجمل الإشكالات المرتبطة بالهجرة وبالجالية المغربية بالخارج. ومن هنا يمكن القول بأن المجلس هو فضاء للتفكير وهو أقرب إلى مؤسسة بحث.

ما هي أبرز الملاحظات التي استرعت انتباه المجلس طيلة هذه الفترة من الاشتغال والعمل؟

منذ بداية اشتغالنا اكتشفنا أن إشكاليات الهجرة هي إشكاليات مركبة ومعقدة؛ حيث لا يمكن معالجة إشكاية بمعزل عن الإشكاليات الأخرى؛ فبينها ترابط كبير. فمثلا لا يمكن معالجة إشكالية اللغة بمعزل عن إشكالية الدين وإشكالية الاندماج وإشكالية المرأة وإشكالية الارتباط بالبلد الأصل... فهذه كلها قضايا وإشكالات متشابكة.

هذا الأمر يتطلب وقتا كافيا من أجل مقاربتها بكيفية عميقة؛ لأن إيجاد الحلول للإشكالات المطروحة حاليا لا يمكن إدراكها بالشعارات، بل لا بد من أجوبة دقيقة تأخذ بعين الاعتبار انتظارات مغاربة العالم في بلدان الاستقبال، والذين هم مواطنون فيها، وتستجيب أيضا لحاجات بلدهم الأصلي؛ خاصة وأننا نشهد حاليا تداخلا بين ما هو محلي وبين ما هو عالمي؛ فالهجرة أصبحت معولمة.

كما أن الكثير من التطورات السياسية والاقتصادية لا يقتصر تأثيرها على جغرافية محددة وفئة معينة، إنما تطال جغرافيات وفئات أخرى. فالأزمة الاقتصادية العالمية طالت بلدان كثيرة وتأثرت بها فئات كثيرة، منها الجالية المغربية.

كما استرعى انتباهنا أيضا -في بداية اشتغالنا- النقص الموجود على مستوى المعرفة العلمية المتعلقة بوضع وواقع الجالية المغربية بالخارج. والمعرفة العلمية تقتضي إنجاز دراسات علمية وبحوث ميدانية تراعي الشروط الأكاديمية المعروفة. وانطلاقا من هذا المعطى عمل المجلس في هذه السنوات الخمس على توفير هذه المعرفة العلمية. لأنه بدون معرفة علمية لا يمكن رسم سياسة عمومية.

كيف كانت طريقة اشتغال المجلس في التعامل مع إشكالية الهجرة؟ وما هي المنجزات التي حققها؟

قسمنا مجالات الاشتغال إلى ست قضايا كبرى: الدين، والنوع، والثقافة، والمواطنة، والكفاءات، والإدارة. وهي قضايا متداخلة فيما بينها؛ فقبل إنشاء مجلس الجالية المغربية بالخارج عُهد إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان القيام بمجموعة من الحوارات والنقاشات في أوساط الجالية المغربية، همّت مختلف المجالات والإشكالات، من أجل الاستماع إلى انتظاراتها سواء عبر اللقاءات التي انعقدت بالمغرب أو خارج المغرب. فكانت كل هذه الانتظارات تصب في خانة من صنفناه من القضايا الستة التي تشتغل عليها مجموعات العمل داخل المجلس. وكانت الحصيلة أكثر من 70 إنتاجا علميا ومعرفيا في مختلف الحقول العلمية المتعلقة بالهجرة.

لكن هل ما حققه المجلس من إنجازات كان له تأثير إيجابي على الجالية المغربية بالخارج؟

لا شك أن هذه الإنتاجات لها تأثير في النقاشات العمومية داخل المغرب وفي أوساط الجالية المغربية بالخارج. ولأول مرة احتلت إشكالية الهجرة حيزا رئيسا ومهما في قلب النقاش العمومي المغربي. حتى أن المجلس ساهم من خلال أنشطته في تغيير مجموعة من التصورات حول الجالية المغربية. لأنه من قبل كان يُنظر إلى الجالية باعتبارها جالية عُمالية؛ خاصة تلك المرتبطة بهجرة الستينات. لكن هذه الهجرة تطورت، حيث أصبحت تنتج نخبا مثقفة ورجال سياسة وفنانين ومبدعين وفاعلات نسائية في شتى المجالات.

فما قام به المجلس من أنشطة مكّن من التعريف بهذا التعدد والتنوع الذي تعرفه الجالية المغربية بالخارج، وبالكفاءات التي برزت في أوساطها، والتي استطاعت خلق مشاريع علمية واقتصادية... سواء داخل بلدان إقامتها أو في بلدها الأصلي.

هل من تجليات أخرى لهذا التأثير؟ أي في الدور الذي قام به المجلس في جعل ملف الهجرة في قلب السياسة العمومية، أو على الأقل في قلب النقاش العمومي؟

نذكر على سبيل المثال أنه منذ المشاركة الأولى للمجلس في المعرض الدولي للكتاب والنشر في الدار البيضاء، نوهت الصحافة برواق المجلس وبطبيعة الأنشطة والإصدارات ونوعية المشاركين من داخل وخارج المغرب، وبالموضوعات التي تمت مقاربتها... مما يدل على أن المجلس لعبا دورا مهما في التحسيس بهذه القضية؛ وهذا هو الهدف من مشاركة المجلس في هذه التظاهرة الثقافية؛ وتغيير بعض الصور النمطية اللصيقة بالجالية المغربية، من قبيل أن هذه الجالية هي جالية عمالية، فإذا بنا نكتشف أثناء المعرض مدى الطاقات والكفاءات العلمية والثقافية والسياسية التي تتميز بها هذه الجالية.

ثم إن وجود العديد من القطاعات الوزارية كأعضاء مراقبين داخل المجلس، وكذا مشاركة مجموعة من السياسيين والبرلمانيين وفئات من المجتمع المدني ضمن الأنشطة التي نقوم بها... كل هذا ساهم في جعل ملف الهجرة يحظى بالنقاش والاهتمام داخل هذه القطاعات الوزارية وغيرها من المؤسسات الوطنية السياسية والمدنية.

إذن من خلال كلامكم، يمكن القول بأن الحصيلة إيجابية؟

ليس لدي أدنى شك بأن الحصيلة إيجابية. وهذا أمر نلمسه أيضا لدى شركائنا الغربيين من مؤسسات تفكير ومراكز بحث؛ حيث يبدون إعجابهم بما تم إنجازه خلال هذه السنوات القليلة. لأن إشكالية الهجرة إشكالية معقدة وتتعلق بحياة الناس وتتطلب معالجتها وقتا ومجهودا كبيرين... وحتى الدول الأوروبية، رغم إمكاناتها الهائلة التي تم استثمارها في ملف الهجرة، والأقسام المتخصصة التي أنشئوها منذ أكثر من ثلاثين سنة وخصّصوها لمعالجة هذا الملف... رغم كل هذا نسمع ميركل في ألمانيا وكاميرون في بريطانيا والمجلس الأعلى للاندماج في فرنسا يقولون بأن مشروع الاندماج قد فشل. لأن مقاربتهم لإشكالية الهجرة كان يغلب عليها الطابع الأمني والجانب الاقتصادي إلى حد ما، فوصلوا إلى نتيجة أن إشكالية الهجرة معقدة ومتعددة الأبعاد وأنه يجب معالجتها ضمن مقاربة شمولية.

أما بالنسبة للمغرب فالاشتغال على إشكالية الهجرة ما يزال حديثا. ولابد من مواصلة طريق الاشتغال الهادئ والرصين، وأن يتم تحييد ملف الهجرة سياسيا؛ لأن أي مكسب سياسي يتم تحقيقه من خلال ملف الهجرة لن يكون ذا جدوى مقارنة مع الإشكالات والانتظارات الكبرى للجالية المغربية.

ومن هنا أدعو إلى تحييد ملف الهجرة سياسيا، ووضعه ضمن القضايا الوطنية التي يجب أن تنعقد حولها التوافقات وألا تخضع للمزايدات السياسية، لأن الأمر يتعلق بمستقبل أكثر من أربعة ملايين مغربي وبمستقبل المغرب، وبالتالي لا يمكن معالجة هذه القضايا من خلال مجموعة من الشعارات.

لكن هناك من يقول بأن المجلس لم يتمكن إلى حد الآن من تقديم بعض الآراء الاستشارية؟!

نعتقد أن إشكاليات الهجرة معقدة، وفيما بينها تداخل وتشابك كبيرين، كما أننا لاحظنا أن هناك نقصا كبيرا على مستوى المعرفة العلمية. وبالتالي كان هدفنا الأساسي هو توفير المعرفة العلمية وأن نحيط بإشكالية الهجرة من جميع جوانبها قبل تقديم أي رأي استشاري. لأن هذه القضية لا تتعلق بالجانب الإجرائي، كما أن الرأي الاستشاري ليس مطلوبا في حد ذاته، وحتى يقول الناس أننا قدمنا رأيا... نريد أن نقدم آراء استشارية يكون بمقدورها معالجة الإشكالات الحقيقية والاستجابة لانتظارات الجالية المغربية.

أكيد أن هذا المسلك سيكلفنا بعض النقد من الخارج، ولكن هذا خيار اخترنا أن نسلكه داخل المجلس. ووضعنا إشكالية الهجرة فوق الحسابات الذاتية الضيقة... من أجل الاشتغال بعمق.

ما هي في نظركم أبرز الإكراهات والتحديات التي تواجه الاشتغال على ملف الهجرة والجالية المغربية؟

الإكراه الأول يتمثل في غياب ثقافة المؤسسات الاستشارية في بلدنا. ولعل من تجليات هذا الغياب محاولة البعض محاكمة المجلس على أمور تنفيذية. رغم أن مهام المجلس هي مهام استشارية بالدرجة الأولى. في حين نجد أنه في المجتمعات الديمقراطية يتمتع هذا النوع من المؤسسات بمركزية كبيرة لكن في إطارها الاستشاري.

ولهذا نجد أن أغلب المؤاخذات التي تُوجه حاليا للمجلس متعلقة بأمور تنفيذية لا علاقة للمجلس بها. وهذا يدل على عدم فهم المهام الأساسية للمجلس؛ سواء من طرف بعض رجال السياسة أومن بعض أفراد الجالية. إن مهمة المجلس هو تقديم تصورات عن أوضاع الجالية المغربية بالخارج وتحليل الوقائع من أجل رسم صورة للمستقبل، بما أن المجلس هو أيضا مؤسسة استشرافية.

الإكراه الثاني يتمثل في ما نلمسه لدى الجالية المغربية من استعجال للحلول؛ وهو أمر مفهوم خاصة في ظل تراكم العديد من المشاكل والصعوبات التي تتعرض لها. ومرة أخرى فإن هذا أمر له طابع تنفيذي لا علاقة للمجلس به، وهناك مؤسسات أخرى تتكلف به.

ثم هناك إكراه ثالث يتعلق بعائق الإمكانات، لأن ملفا بحجم ملف الهجرة يتطلب إمكانات هائلة، ونحن نرى ما ترصده الدول الأوروبية لمعالجة ما يرتبط بهذا الملف من قضايا وإشكالات.

الإكراه الرابع يتمثل في تعدد المؤسسات المتدخلة في ملف الهجرة. والمشكلة ليس في تعدد هذه المؤسسات وإنما في اشتغالها على نفس الملفات بنفس الطرق والمقاربات. ولو احترمت كل مؤسسة ما هو مسطرٌ في نصوصها التأسيسية ووثائقها المؤسِّسة لما حصل تداخل في مهامها. وهو مع الأسف ما نلحظه حاليا. وهنا ضرورة إعادة النظر في مجال تدخل هذه المؤسسات وفي علاقاتها فيما بينها وإيجاد صيغة للتنسيق فيما بينها.

هل يمكن أن نضيف إلى هذه الإكراهات ما نسمعه من طرف بعض مسؤولي بعض دول الإقامة من دعوة إلى عدم التدخل في شؤونها الداخلية وفيما يتعلق بأوضاع مواطنيها وإن كانوا من أصول أجنبية؟ وتركيزهم على اندماج الجاليات -ومنها المغربية- في بلدان الإقامة...؟

بالنسبة لقضية اندماج الجالية المغربية في بلدان الإقامة هو مؤشر على نجاح مسلسل الهجرة؛ ففلسفة المجلس في الاشتغال هو تشجيع مسلسل الاندماج، وألا تكون السياسات العمومية عائقا يحول دون حصول الاندماج، ومراعاة لحساسية بعض الدول الأوروبية إزاء ما يسمونه بالتدخل الأجنبي في شؤونها.

فنحن نشجع الاندماج في بلدان الإقامة وفي نفس الوقت نشجع الارتباط بالوطن الأم عبر مداخل روحية وثقافية. وأنا أتحدث دائما عن مؤسسة إمارة المؤمنين التي لا تعترف بالحدود، وليست قضية سيادية؛ فكما أن للكاثوليك مرجعيتهم الروحية في روما وكما أن للبوذيين مرجعيتهم الروحية في التبت... فإن للمغاربة وغير المغاربة مرجعيتهم الروحية في إمارة المؤمنين.

وهذا رابط قوي، ونحن نلاحظ في زيارة أمير المؤمنين لبعض الدول الإفريقية مدى حضور هذا الرابط الديني الذي هو ضامن لمغربية المغاربة في الخارج.

هل يمكن رصد إكراهات أخرى؟

هناك إكراه آخر يتمثل في ما تعرفه الجالية من تشرذم؛ فبسبب عوامل متعددة، ليست مرتبطة بالضرورة بالجالية المغربية فقط، وإنما بالمغرب كبلد، وبدول الإقامة... فإن النسيج الجمعوي المغربي في الخارج يفتقد للتنظيم والهيكلة، كما أنه غير موحد مقارنة بالجاليات الأخرى كالجالية التركية في ألمانيا وهولندا وبلجيكا على سبيل المثال، وكيف أن النسيج الجمعوي التركي موحد وله هياكل معروفة ومخَاطبين معروفين. أما الجالية المغربية فلا تزال تعرف نقصا في هذه الجوانب.

وبالتالي يجب الاشتغال على إعادة هيكلة النسيج الجمعوي المغربي بالخارج حتى يكون في مستوى التحديات التي تواجهها الجالية المغربية. فما شهدناه مؤخرا في هولندا من تخفيض في التعويضات التي كان يتلقاها المغاربة المقيمين بالمغرب والذين اشتغلوا في هولندا، يتطلب وجود مجتمع مدني مغربي قوي في هذا البلد يستطيع أن يضع هذه الإشكالية في قلب النقاش العمومي الهولندي وأمام القضاء الهولندي... حتى يستطيع هذا النسيج الدفاع عن مصالحه.

بعد أن أقر دستور يوليوز 2011 دسترة مجلس الجالية المغربية بالخارج كمؤسسة تتولى، على الخصوص، "إبداء الرأي حول توجهات السياسات العمومية التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تأمين الحفاظ على علاقات متينة مع هويتهم المغربية، وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم، وكذا المساهمة في التنمية البشرية والمستدامة في وطنهم المغرب وتقدمه"... ما هي في رأيكم المجالات والأولويات التي يجب أن يشتغل عليها المجلس؟

بعد خمس سنوات من التجربة، وبعد ما حققناه من تراكم معرفي، وما نتوفر عليه حاليا من معرفة علمية مهمة حول الجالية المغربية بالخارج... فإن المجلس سيعمل على توفير المزيد من هذه المعرفة خاصة في ظل ما نشهده من تحولات سريعة...

كما أن هناك أولوية أن يخصص المجلس المقبل حيزا كبيرا من الاهتمام لفئة الشباب ولإشكالاتهم المختلفة؛ خاصة وأننا نلاحظ في الآونة الأخيرة توجّه مجموعة من الشباب المغاربة في الخارج إلى مناطق النزاع في العالم؛ في العراق وليبيا وبعض الدول الإفريقية وسوريا حاليا. هذه إشكاليات حقيقية وخطيرة تهدد السلم سواء داخل بلدان الإقامة أو في المغرب، كما أنه يساهم أيضا في تشويه الصورة الجماعية للمغاربة المقيمين في الخارج. هذه إشكاليات حقيقية يعاني منها الشباب وتهدد مستقبلهم وصورتهم.

وهناك كذلك أولوية التعاطي مع إشكالية الفشل المدرسي، وهي من الأسباب المؤدية إلى الوقوع في براثين التطرف والجريمة. وربما يقول قائل بأن هؤلاء مواطنون في دول الإقامة، وعلى هذه الدول أن تعالج قضايا مواطنيها، ولكن بما أن الدستور المغربي يعتبرهم مواطنين مغاربة فإن مسألة الفشل المدرسي بالنسبة للشباب من أصول مغربية يجب أن يكون ضمن أولويات اشتغالنا.

ونفس الشيء بالنسبة للجريمة المتفشية في صفوف الشباب؛ فالسجون الأوروبية تضم العديد من أفراد الجالية المغربية خاصة من فئة الشباب. لابد من دراسة الأسباب المؤدية إلى مثل هذه السلوكات، لأن هؤلاء الشباب هم ضحايا... ولابد من تزوديهم بالحصانة والمناعة، حتى لا يقعوا لا في براثين المخدرات أو الإجرام أو الإرهاب ولا في مشكلة الفشل المدرسي.

ما مقاصد مشاركات المجلس السنوية في المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء؟

المجلس ليس فاعلا ثقافيا، لكنه يقصد من مشاركته ويساهم في تحقيق بعض الأهداف البيداغوجية، كتوجيه انتباه الرأي الوطني والمثقفين المغاربة إلى أن الجالية المغربية قد تطورت، وأنها استطاعت أن تنتج فكرا وأدبا وشعرا وفنا وفلسفة... وأن اشتغال الجالية المغربية بمجموعة من اللغات استطاع أن يمنح للثقافة المغربية بُعدا عالميا.

كما أننا بهذه المناسبة ندعو، بشكل صريح وضمني، إلى تضمين الكتب المدرسية نصوصا تحتوي على الإنتاجات الأدبية للهجرة المغربية، وكذا تدريس "الهجرة المغربية" في الجامعات الوطنية بما أنها جزء لا يتجزأ من الثقافة والذاكرة المغربية ومن التاريخ الوطني.

 

الصحافة والهجرة

Google+ Google+