لغزاوي: تدريس اللغة العربية في هولندا بات محدودا جدا

قال الباحث المغربي المقيم بهولندا محمادي لغزاوي، إن تدريس اللغة العربية في هولندا أصبح مقتصرا على بعض المساجد والمراكز. وأضاف صاحب أطروحة دكتوراه حول: "نشوء اللغة الأكاديمية في البيت وفي المدرسة: دراسة طولية للأطفال الأمازيغ المغاربة في هولندا من سن الثالثة إلى السادسة" (منشورات جامعة تيلبورخ 2011، باللغة الإنجليزية)، أنه ليس هناك مؤسسات أو جهات تقوم بتدريس الأمازيغية في هولندا. كما أشار في مقابلة مع البوابة الإلكترونية لمجلس الجالية المغربية بالخارج إلى أن أغلب الكفاءات الثقافية المغربية في مختلف المجالات تشتغل في إطار مؤسسات هولندية، داعيا إلى ضرورة تحسين صورة المغربي في هولندا وفي أوروبا بشكل عام، وإعادة النظر في البيت المغربي والتركيز على التعليم، والعمل من داخل مؤسسات صلبة تسيرها كفاءات.

 وفيما يلي نص المقابلة.

بداية، كيف تقيم تدريس اللغة العربية في هولندا؟ وما مستقبل اللغة الأمازيغية في هذا البلد؟

أرى أن تدريس اللغة العربية في هولندا بات محدودا جداد؛ فمنذ أن قررت الحكومة الهولندية سنة 2004 إلغاء قانون تعليم اللغات الأصلية داخل المدارس النظامية، والذي كان يشمل العربية، أصبع تدريس اللغة العربية مقتصرا على بعض المساجد والمراكز. فغياب الدعم والتأطير والكفاءات يؤدي إلى تقزيم وضع اللغة العربية وينحصر استعمالها في مجالات محدودة كالأسرة مثلا. هذه العوامل كلها تسرع مسلسل تغيير أو فقدان اللغة لدى الأجيال الصاعدة.

أما عن مستقبل الأمازيغية؛ فإذا استثنينا بعض الجهود الفردية لبعض الغيورين على هذه اللغة، فليست هناك مؤسسات أو جهات تقوم بتدريس الأمازيغية. ففي اعتقادي، إن سر بقاء وصمود هذه اللغة الجميلة هو طبيعتها الشفهية. فوحدهم الناطقون بها قادرون على الاحتفاظ بها وذلك بأخذها جيل عن جيل.

إذن ما هو التعاطي الأسلم مع الإشكالات ذات الطابع اللغوي والهوياتي؟

إذا أردنا التعاطي مع الإشكالية اللغوية والهوياتية بشكل أوسع، لابد من مقاربة شاملة تشاركية. والشمولية تكمن في اعتبار كل العوامل التي من شأنها أن تسهم في بناء فرد يدرك شخصيتة ومحيطه في آن واحد. والتشاركية تتجلى في إقحام كل جهة من شأنها المساهمة في توفير مناخ يتسع لأكثر من رأي أو قناعة. وبتوفير هذه الأرضية السليمة يمكن بعدئذ الاشتغال على مجالات اللغة والهوية بشكل أكثر فعالية.

باعتبارك واحدا من الذين اشتغلوا على الإشكاليات الهوياتية... كيف تقيم الوضع الديني والثقافي للجالية المغربية بهولندا؟

الوضع الديني والثقافي للمغاربة في هولندا يتسم بالتعقيد؛ فمن حيث الديانة جل المغاربة بهولندا مسلمين، غير أنه ليس كل الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية تخضع للمنطق التقليدي للإسلام. فالمحيط الغير الإسلامي في البلد المضيف من جهة، وتواجد المسلمين من مناطق عدة من العالم في هولندا من جهة أخرى أدى إلى عملية التأثير والتأثر وإلى بروز قراءات متعددة، وأحيانا متضاربة، للنصوص الشرعية ولقضايا إسلامية متعددة. فالتعدد في حد ذاته محمود بل مطلوب أحيانا، لكن عندما تصير نظرة بعض الأفراد ضيقة يصبح هذا التعدد نقمة. فمن الوسائل التي قد تكون مجدية في خلق شخصية متوازنة هي التركيز على التعليم. وعلى الآباء والأمهات أن يوجهوا أبناءهم وبناتهم للاستفادة القصوى من المؤسسات التعليمية الهولندية.

وماذا عن عن الوضع الثقافي للجالية المغربية بهولندا؟

هذا يتوقف على كيفية تناول هذا الموضوع. أكاد أقول إن أغلب الكفاءات الثقافية المغربية في مختلف المجالات تشتغل في إطار مؤسسات هولندية. وهذا في حد ذاته ليس بعيب. ما يؤسف له هو عدم تضافر وتوحيد الجهود المغربية داخل مؤسسات ذاتية لتأطير الشباب وزرع ثقافة القراءة والاهتمام بكل ما هو ثقافي وفكري.

ما هي في نظرك أبرز التحديات التي تواجه مغاربة هولندا؟

لا أريد أن أكون متشائما بهذا الخصوص، غير أنه يصعب علي تكذيب ما ينشره الباحثون المتخصصون من أرقام غير مشرفة بخصوص المغاربة؛ خاصة فيما يتعلق بالإجرام، والمستوى التعليمي المتدني، والبطالة وغير ذلك. هذا كله طبعا يولد صورا نمطية وسلبية لدى الرأي العام الهولندي، ويتم استغلاله من طرف بعض الساسة الذين يقتاتون على مثل هذه الأرقام. كما أن لهذه الصورة القاتمة تأثيرا سلبيا حتى على أولئك المغاربة المجدين والطموحين، وما نحتاج إليه هو أطر فاعلة. صحيح أن الأطر موجودة في شتى المجالات؛ غير أنها بشكل أو بآخر شبه غائبة وغير مؤثرة. وبالتالي آن الأوان لتحسين صورة المغربي في هولندا وفي أوروبا بشكل عام، وذلك بتضافر الجهود والانفتاح والاستفادة من الآخر بل والاستفادة من الأخطاء والهفوات.

ما هي في نظرك الأولويات المستعجلة التي تتطلب عناية خاصة من أجل تحسين وضع الجالية المغربية بهولندا حتى تكون فاعلة في مجتمعات الإقامة وتكون أيضا محافظة على جذورها الثقافية المغربية؟

لابد من إعادة النظر في البيت المغربي والتركيز على التعليم. ومن الأمور المهمة أيضا التركيز على المؤسسات، والتخلص من ذهنية القبيلة؛ فإذا التفتنا إلى الجالية التركية هنا في هولندا سنجد أنها قطعت أشواطا بعيدة بخصوص التعليم والاندماج بل حتى على مستوى المساجد. والسر في ذلك يرجع إلى العمل من داخل مؤسسات صلبة تسيرها كفاءات؛ على عكس المغاربة الذين لازالت تحكمهم النظرات الضيقة من قبيل الجهة أو القبيلة. أنا طبعا لا أعمم لكن مثل هذه الأفكار لازالت تعشعش في رؤوس الكثير من أبناء جلدتنا.

pLeghzaouiمحمادي لغزاوي في سطور..

- حصل على الماجستر في سنة 2001 في اللسانيات من جامعة تيلبورخ.

- اشتغل كباحث في نفس الجامعة.

- حصل في سنة 2011 على شهادة الدكتوراه في بحث حول "نشوء اللغة الأكاديمية في البيت وفي المدرسة: دراسة طولية للأطفال الأمازيغ المغاربة في هولندا من سن الثالثة إلى السادسة" (منشورات جامعة تيلبورخ 2011، باللغة الإنجليزية).

- متخصص في اللسانيات الاجتماعية وعلوم التربية في كلية العلوم الإنسانية بجامعة تيلبورخ.

- عضو مركز بابل لدراسات المجتمع المتعدد اللغات والثقافات بنفس الجامعة.

- حصل على شهــادة من الجامعة الصيفية المنظمة من طرف الجمعية الأمريكية للسانيات، جامعة سـتانفورد، كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية.

- خبير ومستشار لدى المشروع الأوروبي: شراكة التعليم و التربية.

عضو في منتدى الأجانب والتعليم، هولندا.

- مترجم محلف لدى وزارة العدل الهولندية.

من بين أعماله المترجمة: رواية "برهان العسل" للكاتبة سلوى النعيمي (نقلها من العربية إلى الهولندية بتعاون مع يان ياب دو راوتر Jan Jaap de Ruiter ).


الصحافة والهجرة

Google+ Google+