عبد الرحيم آيت بن مُوح .. مغربيّ يرصد المحتويات الإعلاميّة بهولندا

الثلاثاء, 21 يونيو 2016

استثمر عبد الرحيم، ابن ضواحي زَاكورَة، في تعليمه الأكاديميّ وتجربته الحياتيّة البسيطة لإيقاد شمعة وسط مسكنه .. وبعد مضيّ ما يقارب خمس سنوات، تواصل شمعَة آيت بن موح تعليمَ الآخرين، الحاملين لثقافات وجنسيات مختلفة، النأي بأنفسهم عن لَعْن الظلام .

تكوين ماليّ

وُلد عبد الرحيم آيت بن مُوح في العاصمة الهولنديّة أمستردام قبل 32 عاما من الحين، وينتمي إلى أسرة وافدة على الأراضي المنخفضة من منطقة "آيت إسفُول"، نواحي مدينة زَاكُورَة، ما جعله يحافظ على لسانه الأمازيغيّ ومنطوقه المغربيّ الدارج، ويتشبّع بثقافة "تَمْغرَبِيت" التي يطعّم بها سير حياته المضبوط على الإيقاع الهولنديّ.

تلقّى آيت بنموح تعليمه الأساسيّ بأمستردام، وبجامعة المدينة ذاتها اختار دراسّة الاقتصاد، متخصّصا في نُظم المحاسبة والتسيير المقاولاتيّ. وبعدما تخرّج، قرّر الخضوع لسنة تكوينيّة إضافيّة في الديار الأمريكيّة، مدققا في علاقة الإعلام بالتدبير الماليّ، ثمّ عاود الالتحاق بالمملكة الهولنديّة من أجل الشروع في حياته المهنيّة.

تشغيل ذاتيّ

ارتبط عبد الرحيم، أواسط العشريّة الأولى من الألفيّة الحاليّة، بمنصب شغل في مؤسّسة صحيّة بأمستردام؛ حيث كان أداؤه المهنيّ متصلا بعطاءات فريق تسيير المرفق، لكنّ هذه التجربة لم تستمرّ طويلا بفعل اختيار آيت بن موح نهج أسلوب تشغيل ذاتيّ يمكّنه من خوض تجربته الخاصّة المستندة إلى تطبيقات المعلوميات بمجال الإعلام.

بحلول سنة 2011، أعدّ الشاب المغربيّ الهولنديّ غرفته الخاصّة بمسكن أسرته من أجل إطلاق مشروعه "Zoom Media"، انطلاقا من فكرة سهلة ممتنعة تقوم على رصد ما يبثّ من مواد إعلاميّة على الإنترنيت والتلفزيونات والإذاعات الهولنديّة، قبل تلخيصها وترويجها لدَى من يهمّهم هذا المنتوج.

ويقول آيت بن موح: "كانت المقاولات المعنيّة برصد المحتويات الإعلاميّة الهولنديّة قليلة وقتها، كما أن اهتماماتها لم تطل البرامج السمعيّة البصريّة حينها .. وقد واجهت صعوبات في البداية استمرّت عامين كاملين، لكنّ توجّهي إلى الاشتغال على التقارير المختصرة أحيَى المشروع وأنا أوشك على إنهائه، فكانت تلك انطلاقتي الحقيقيّة".

ازدهار وتوسّع

تتوفر شركة "Zoom media" لعبد الرحيم بن موح، ومقرها حاليا بمدينة لاَهَاي، على عقود مع زبناء مختلفين، بينهم 7 وزارات من أصل 10 تتشكّل منها الحكومة الهولنديّة، إضافة إلى شركات كبرى، وساسَة من أحزاب مختلفة، وكذا وكالة الأنباء الهولندية الرسميّة .. فيما أضحت الشركة تشغِّل، إلى جوار مالِكهَا آيت بنمُوح، 19 موظفا في تخصصات مختلفَة، 5 منهم مكلفون بشؤون تقنية انطلاقا من حيز تواجدهم الجغرافي بين أوكرانيا والمَجر.

"يرتبط المنتوج الذي توفّره الشركة بتقارير مختصرة عن أهمّ ما تتداوله البرامج التلفزيّة والمواقع الإلكترونيّة الإخباريّة والفقرات الإذاعيّة، وإضافة إلى كلّ ذلك تمكّن خدماتنا للـMonitoring من نيل الزبناء لتحاليل في وقت قياسيّ يقارب الزمن الحقيقيّ لصدور المحتوى الأصل"، يعلّق عبد الرحيم قبل أن يضيف: "الأمور تسير بشكل جيّد، والتطوّر مستمرّ بسرعة قياسيّة، ونحن سائرون في النموّ يوما بعد يوم، والفضل في ذلك يعود إلى زملائي، التقنيين منهم والصحافيّين، إضافة إلى من وضعوا ثقتهم في خدماتنا".

مشاريع مستقبليّة

يقرّ آيت بن موح برضاه عن الخطوات المهنيّة التي حاول المزاوجة ضمنها بين التطورات التكنولوجيّة الحديثة، من جهة، والتطرق لسيل المنتجات الإعلاميّة الذي لا يتوقّف، من جهة ثانيّة، ويزيد: "أشتغل في مجال يروقنِي كثيرا، بل إنّه يريحني ما دمت أتعَاطَى معه في كلّ حين".

تطمح شركة "Zoom Media" لعبد الرحيم آيت بن موح إلى توسيع خدماتها نحو دول أوروبيّة عديدة، وذلك بعدما حققت نجاحا كبيرا في هولندا، والرهان ينصبّ على الوصول إلى بلجيكا وألمانيا وإنجلترا خلال الأعوام القليلة المقبلة؛ حيث تتم الآن دراسات لإنشاء فروع بهذه البلدان. وبالموازاة مع ذلك، يكشف آيت بن موح أن لديه جملة من المشاريع القابلة للأجرأة في المجال عينه، لكنّه يلتزم بالتكتّم، لأنه "لم يحن الوقت بعد للخوض في التفاصيل الخاصّة بهذه المستجدّات التي ستشكّل إضافات نوعيّة".

الهجرة والجودَة

يرَى الشاب المغربي الهولنديّ أن الزمن الحالي لم يعد يقبل بتجارب الهجرة النمطيّة التي انخرطت فيها الأجيال الأولى من مغاربة العالم، وبالتالي لم يبقى بالإمكان الظفر بالنجاح اعتمادا على تجارب الرعيل الأولّ من المهاجرين المغاربة، والذي حاول البحث عن ذاته عبر ربوع العالم مستندا إلى قوته العضليّة، وفق تقييمه.

ويفسّر عبد الرحيم آيت بن موح: "إمكانيات النجاح متوفرّة، لكنّها تتصل بتطورات العصر والقدرة على استثمارها بأشكال غير مسبوقة، وبالتالي يبقى على الشباب المغاربة الراغبين في الهجرة أن يكونوا حملة لمشاريع تتحلّى بالجودَة والأصليّة، فالناس بدول الاستقبال مستعدّون لبذل الأموال من أجل استقطاب المبدعين في كافّة المجالات .. وغير هؤلاء هم متوفرون من الأساس".

عن موقع هسبريس

الصحافة والهجرة

Google+ Google+