الجامعات السويسرية تدرس إجراءات للحدّ من تدفق الطلاب الأجانب عليها

الثلاثاء, 09 غشت 2011
من الآن فصاعدا، لا شيء يمنع الجامعات والمعاهد العليا في سويسرا من اتخاذ إجراءات تحدّ من تدفق الطلاّب الأجانب، كاعتماد نظام الحصص أو فرض رسوم جامعية باهظة لإجبارهم على التخلي على فكرة متابعة دراستهم في سويسرا.

هذا القرار الذي اتخذه مؤتمر رؤساء الجامعات السويسرية، أعلِـن عنه يوم الثلاثاء 2 أغسطس 2011 وأكّده  ماثياس شتاوفاخر، رئيس مؤتمر الجامعات خلال تصريح أدلى به إلى وكالة الأنباء السويسرية في اليوم نفسه، وأوضح خلاله بأن هذا القرار يستند إلى دراسة قانونية متخصصة، أشرف عليها رئيس جامعة لوتسرن بول ريخلي وصدرت في بداية السنة الجارية.

هذه الدراسة القانونية أثبتت أن اعتماد نظام الحصص للحد من عدد الطلاب الأجانب المسجلين في الجامعات السويسرية، لا ينتهك الإتفاقيات الدولية أو الثنائية وأن مؤسسات التعليم العالي، ليست مُـلزمة بتكوين الطلاب الوافدين من البلدان الأجنبية مقابل رسوم جامعية تقل بكثير عن التكاليف الحقيقية لتلك العملية.

وفي السنوات الأخيرة، حظي هذا الموضوع باهتمام بالغ لدى المعنيين بقطاع التعليم العالي، نتيجة التزايد الكبير في إقبال الطلاب الأجانب على الدراسة في الجامعات السويسرية، وعلى وجه الخصوص من طرف الطلاب الألمان الذين بات يستهويهم التسجيل في معاهد وكليات زيورخ. وتشير المعطيات الإحصائية إلى ارتفاع عدد الطلاب الأجانب في سويسرا من 23% إلى 27% من إجمالي عدد الطلاب في الفترة المتراوحة بين 2007 و2011 لوحدها.

المستوى الوطني

تشدد الدراسة التي أنجزها رئيس جامعة لوتسرن كذلك، على أنه بإمكان السلطات المحلية في الكانتونات، عند حصول حالة من الإحتقان والتشبّع في بعض التخصصات الجامعية، وضع شروط إضافية على تسجيل الطلاب الأجانب في الجامعة الموجودة فوق أراضي الكانتون، بالنظر إلى أن كل المسائل المرتبطة بشؤون التعليم من صلوحياتها طبقا للنظام الفدرالي المطبق في سويسرا.

وفي الواقع، لا يُعدّ هذا الإجراء جديدا في الكنفدرالية، وإن كان لا ينفّـذ حاليا وبشكل آلي إلا في جامعة سانت غالن، التي قررت بأن لا تتجاوز نسبة الأجانب فيها 25%.

في المقابل، فإن تعميم إجراء من هذا القبيل على المستوى الوطني أو تنفيذه على مستوى المعاهد التقنية الفدرالية العليا في كل من زيورخ ولوزان، أمر يتطلب إدخال تعديلات قانونية مهمة، وهو أمر يستبعده شتاوفاخر في المدى المنظور على الأقل.

إجراءات متسارعة في الكانتونات الألمانية

كالعادة، تختلف ردود الفعل بشأن هذا الملف من منطقة إلى أخرى، إذ في الوقت الذي تحولت فيه ظاهرة الطلاب الأجانب إلى قضية رأي عام في الكانتونات المتحدثة بالألمانية، وخاصة في سانت غالن وزيورخ، لا يُنظر إليها باعتبارها  مشكلة أصلا في الكانتونات الناطقة بالفرنسية مثل لوزان وجنيف.

ومن المفارقات في هذا السياق، أنه في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات التحذير في الكانتونات المتحدثة بالألمانية مما أسماه البعض بـ "الغزو الأجنبي"، اتضح أنها تستقبل في جامعاتها نِـسبا أقل من هؤلاء الطلاب بالمقارنة مع الكانتونات الناطقة بالفرنسية. فعلى سبيل الذكر، يمثل الطلاّب الأجانب في جنيف 38% من مجموع الطلبة، مقابل 25% في بازل أما في لوزان فتصل نسبتهم إلى 24% مقابل 17% فقط في زيورخ.

ومع استمرار رفض السلطات الجامعية على المستوى الوطني فرض إجراءات أو قواعد موحّدة للحد من هذه الظاهرة، تستعد جامعة زيورخ، (بعد أن سبقتها إلى ذلك جامعة سانت – غالن) إلى اعتماد نظام الحِـصص في تسجيل الطلاب الأجانب، كما تنوي ترفيع الرسوم السنوية بالنسبة لهذه الفئة.

في هذا السياق، سوف يجبر الطلاب السويسريون لدى افتتاح السنة الجامعية القادمة على دفع 200 فرنك إضافية مقارنة برسوم السنة الفائتة، فإن الطلاب الأجانب سيدفعون مبلغا إضافيا يتجاوز 1000 فرنك، ناهيك عن ارتفاع قيمة الفرنك السويسري مقابل العملات الأخرى، وما سيتطلبه ذلك من زيادة الإعتمادات المالية للدارسين في سويسرا، ومن تراجع لقيمة المنح الجامعية التي يحصل البعض منهم عليها من بلدانهم.

هذه الإجراءات التي اتخذتها جامعة زيورخ لقيت الدعم والتأييد من طرف البرلمان المحلي للكانتون الذي صوّت أعضاؤه لصالح مقترح يدعو إلى ترفيع الرسوم الجامعية بالنسبة للطلاب الأجانب تقدّم به أحد النواب المنتمين إلى حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي)، وهو أمر يُستبعد حدوثه في الكانتونات الناطقة بالفرنسية (غرب البلاد).

تردد في الكانتونات الناطقة بالفرنسية

وبالرغم من تأكيد خبراء القانون على عدم إخلال هذه الإجراءات بالإتفاقيات الدولية والثنائية ولا بإلتزامات الدولة السويسري  ،تثير هذه الإجراءات المقترحة مخاوف لدى البعض من ردود فعل إنتقامية. فقد نقلت صحيفة "نويه تسورخر تسايتونغ" (تصدر بالألمانية في زيورخ) عن أنطونيو لوبرينو، رئيس جامعة بازل قوله: "إذا مارسنا أعمالا تمييزية ضد طلاب بلدان الإتحاد الأوروبي، فإننا نرسل بإشارات سلبية إلى هذه البلدان".

هذا الرفض لنظام الحصص عبّر عنه أيضا غيدو فيرغوفن، رئيس جامعة فريبورغ (التي يمثل الطلاب الأجانب 18% من مجموع المسجلين فيها) في بداية السنة الجامعية الماضية، وجاء في كلمة ألقاها خلال حفل تخرّج دفعة من أصحاب الشهائد العلمية: "ليس من المجدي أبدا السعي إلى الحد من عدد الطلاب الأجانب في الجامعات السويسرية، وأنا شخصيا أعارض هذا المسعى بالكامل".

 

هذا الموقف يشاطره أيضا بعض نوّاب حزب الشعب بكانتون فو حيث نقلت إذاعة سويسرا الروماندية (ناطقة بالفرنسية) عن النائبة البرلمانية أليسا كلوسير قولها: "لديّ انطباع بأننا نحتاج في سويسرا إلى تكوين أطر على أعلى مستوى علمي، وأن نحافظ عليها هنا في بلادنا، لأننا بدأنا نفتقد إلى أطر وخبرات في جميع القطاعات"، هذا بالنسبة للجامعات، وأما بالنسبة للمعاهد التقنية العليا الفدرالية، فلا يختلف الوضع كثيرا.

المعاهد التقنية الفدرالية

من المؤكّد أن العوائق التي ستعترض التحاق الطلاب الأجانب بالمعاهد التقنية الفدرالية العليا (المُموّلة بالكامل من طرف الحكومة الفدرالية) مرشحة للإزدياد في قادم الأيام، لكن القرار النهائي يظل بيد البرلمان الذي سيحدد الإجراءات الواجب اتباعها في المستقبل. وإلى حين عرض هذا الملف على أنظار نواب الشعب، اختلفت ردود الفعل الصادرة في زيورخ ولوزان عما تضمّنه تقرير بول ريخلي، رئيس جامعة لوتسرن

وبالنسبة للسيدة هايدي فاندرلي – ألنشباخ، رئيسة المعهد التقني الفدرالي العالي بزيورخ فإنه من حق الطلبة السويسريين الحصول على أماكن في المختبرات والتمتع بإحاطة وإشراف علمي جيّد، لكنها تضيف: "لا نستطيع تكوين من هبّ ودبّ، وليس لدينا الإمكانات لفعل ذلك". وتأمل هذه المسؤولة الجامعية أن "يبدأ العمل بنظام الحصص خلال عام 2013".

في المقابل، لا يخشى المسؤولون في المعهد التقني الفدرالي العالي بلوزان EPFL من تدفق الطلاب الأجانب على مؤسستهم ويذكرون بأن نظام التسجيل في هذا المعهد العالي شديد التعقيد، وهناك معايير قبول دقيقة جدا بالنسبة لكل بلد. وبدلا من اعتبار وجود الطلبة الأجانب عِـبئا يجب التخفف منه، يرى جيروم غروس، الناطق باسمه في وجود هؤلاء فرصة يجب استثمارها ويقول: "الكثير من هؤلاء يستمرّون في سويسرا حتى بعد تخرّجهم كما أن 50% من المشروعات التي أنشأها خرِّيجو المعهد التقني الفدرالي العالي بلوزان، كانت بمبادرة من الأجانب".

وعلى خلاف الجامعات في الكانتونات، تظل المعاهد التقنية الفدرالية العليا بحاجة إلى أساس قانوني لتنفيذ إجراءات من هذا القبيل، لذلك لن تشهد الأوضاع الحالية أي تغيير إلى حين عرض التقرير على أنظار نواب الشعب للحسم فيه.

8-08-2011

المصدر/ موقع سويس أنفو

«أبريل 2024»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
Google+ Google+