واشنطن- المهاجرون الشرعيون في أميركا ينضمون إلى الحرب على قانون «دريم

الثلاثاء, 29 نونبر 2011
حصل حلاق مدينة وايتون الذي يبلغ من العمر 62 عاما على شهادة الحقوق من موطنه بتايلاند وانتظر هناك ثماني سنوات حتى يحصل على تأشيرة السفر ليتمكن من الانتقال إلى الولايات المتحدة والبدء في حياة جديدة هناك.

وعندما سمع هذا العام عن قانون «ماريلاند دريم أكت»، الذي يمنح خصومات على التعليم الجامعي داخل الولاية للمهاجرين غير الشرعيين، شعر بالغضب الشديد.

وكتب أنوشيت واشيربونيا، أصم ولا يتحدث الإنجليزية، على ورقة ملاحظات بينما كان يجلس منحني الجسم على كرسي الحلاقة الخاص به: «لقد أتممت جميع الوسائل القانونية لأحصل على إقامة شرعية. لا يحق للطلبة غير الشرعيين العمل والمكوث هنا». وحتى وقت قريب، كان الخلاف السياسي والقضائي في ماريلاند حول رسوم الدراسة داخل الولاية ينظر إليه باعتباره تحريضا للمهاجرين غير الشرعيين من الشباب ضد السكان الأصليين. غير أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، جذبت دعوى قضائية قدمها المعارضون لهذا القانون عددا صغيرا لكنه في تزايد من المهاجرين الشرعيين، الذين ذكروا أنهم خدعوا أيضا.

وقد عكرت مسألة البحث عن حل لـ11 مليون مهاجر غير شرعي في الولايات المتحدة صفو مناقشات الحزب الجمهوري الرئاسية. وأدت، في السنوات الأخيرة، إلى ظهور حركات قومية تقترح مجموعة من الحلول، من بينها إجبار جميع المهاجرين غير الشرعيين على العودة إلى بلادهم أو منحهم عفوا عاما. وكان تشريع «ذا دريم أكت» الذي مرره كلا المجلسين التابعين لهيئة ماريلاند التشريعية في أبريل (نيسان)، على وشك أن يصبح قانونا عندما قامت مجموعة تأييد تدعى «هيلب سيف ماريلاند»، أو ساعد في حماية ماريلاند، بالتهاون مع المشرعين الجمهوريين، بإطلاق حملة إلكترونية لمحاولة منع تفعيل هذا القانون. وقد جمعت الحملة ما يزيد على 100,000 توقيع إلكتروني، مما أدى إلى إرجاء القانون حتى يتم عمل استفتاء عام في جميع أنحاء الولاية العام المقبل. وقام شاكيل حميد، 44 عاما، محاسب في مدينة غايثرسبيرغ، كان قد هاجر بصورة شرعية من بنغلاديش عام 1977، بالتوقيع على هذه الدعوى. وهو يعد عضوا متحمسا في جماعة «هيلب سيف ماريلاند»، التي تعادي السماح للمهاجرين غير الشرعيين بالعمل والقيادة وتلقي مجموعة متنوعة من المزايا العامة. وقال حميد: «يأخذ هؤلاء الأشخاص مقاعد أولادنا في الجامعة. لماذا يجب علينا أن نكافئهم على سلوكهم غير الأمين؟!».

وقد أزعجته هذه القضية عندما كان طالبا بجامعة ماريلاند في الثمانينات من القرن الماضي، وقال: «لقد كنت أبحث طوال خمسة وعشرين عاما عن شخص ما يقف بجانبي».

لكن مثل تلك الآراء تعد أقلية بين السكان المهاجرين في ماريلاند، الذين يكون أغلبهم من إسبانيا أو وسط أميركا. وتحتوي العديد من تلك الأسر على مهاجرين شرعيين وغير شرعيين، حسب موعد وكيفية وصولهم وما إذا كانوا عثروا على طريقة ما للتقدم بطلب الحصول على إقامة. وغالبا، ما يصل المهاجرون غير الشرعيين وهم أطفال ويكبرون في الولاية. وتميل مجتمعاتهم إلى وصفهم بأنهم مواطنون أميركيون بناء على وضعهم على أرض الواقع وليس بناء على وضعهم القانوني ويتمنون لهم النجاح. وقد حصل جيسوس ألبيرتو مارتينز، 55 عاما، طبيب عيون ومحارب قديم في البحرية الأميركية في مدينة روكفيل، كان قد جاء من كولومبيا وهو في سن المراهقة، ثم مكث هنا بعد أن انتهت مدة تأشيرته السياحية، مؤخرا على الجنسية الأميركية. وكان مؤيدا متحمسا لقانون «ماريلاند دريم أكت» ومدعيا في دعوى قضائية، رفعتها جماعات تأييد المهاجرين من بينها «كاستيه دي ماريلاند»، تطعن في العريضة التي أوقفت تفعيل القانون قبل أربعة أشهر. وقال مارتينز: «إننا بحاجة إلى تعليم كل طفل مهاجر في ماريلاند. إنهم إذا ما ذهبوا إلى الجامعة فهم يكتسبون المزيد ويدفعون المزيد من الضرائب ويصبحون مواطنين أفضل. لكن إذا ما تم منع طلبة المرحلة الثانوية من الاستمرار، يكون الأمر كما لو قمنا بقطع أجنحتهم. وإذا ما عاقبنا الأطفال على أخطاء ارتكبها آباؤهم، فإننا نرهن مستقبلنا بوصفنا مجتمعا ذا روح تنافسية». ويسمح القانون الذي تم تعطيله للمهاجرين غير الشرعيين بدفع أدنى الرسوم الدراسية في جميع الكليات والجامعات العامة في ماريلاند، شريطة أن يكونوا قد تخرجوا مؤخرا في مدارس ثانوية بالولاية، وأن تكون أسرهم قد قامت بدفع الضرائب على مدار ثلاثة أعوام. ويذكر المؤيدون لهذا القانون أن الطلبة المولودين في الخارج إذا لم يجدوا أن هناك أملا بعد انتهاء المدرسة الثانوية قد ينحرفون إلى وظائف لن يكون لديهم فرصة الارتقاء فيها أو إلى الجريمة أو الإدمان.

وقد تخرج ريكاردوا ألفارو، 22 عاما، مهاجر من السلفادور، مؤخرا في كلية مونتغمري. ويعمل والده، الذي كان موظفا إداريا في مستشفى في بلاده ذات مرة، في مصنع لتعبئة اللحوم. ويأمل ألفارو، الذي تلقى علاج سرطان العظام وهو لا يزال طفلا بعد أن وصل إلى الولايات المتحدة، بأن يدرس الطب في جامعة ماريلاند، غير أنه ذكر أن أسرته لا تستطيع أن تتحمل رسوم الدراسة كاملة، وأن الوثيقة التي قدمها للحصول على إقامة دائمة لم يبت فيها بعد. وقال ألفارو، الذي يعد ناشطا أيضا في جماعات الطلبة المهاجرين: «إنني أدين بالكثير إلى هذه الدولة، التي أنقذت حياتي، وأرغب في أن أصبح طبيبا حتى يمكنني أن أرد جزءا من هذا الجميل». وقال: «لقد تقدمت بطلب الحصول على منحة دراسية، إلا أنني لا أعلم ماذا سيحدث. إنني لا أطلب ميزة لن أحصل عليها، إنني أطلب فرصة أن أرد جزءا من جميل هذه الدولة».

وتشكل كلية مونتغمري، التي تضم نحو 37,000 طالب من 170 دولة، لبّ معركة الرسوم الدراسية. فعلى النقيض من كليات السنتين بالمقاطعة، حيث تقدم لجميع خريجي المدرسة الثانوية بمقاطعة مونتغمري، أدنى رسوم دراسية تصل إلى نحو 1,200 دولار في الفصل الواحد بغض النظر عن الوضع القانوني للطالب. أما الطلبة من خارج الولاية والطلبة الأجانب الزائرون فتصل الرسوم التعليمية للفصل الواحد إلى 4,000 دولار. وفي جامعات الولاية التي تبلغ مدة الدراسة بها أربع سنوات، تكون رسوم الدراسة أكبر بكثير، علاوة على أن الفارق بين رسوم الدراسة التي يدفعها الطالب الذي يقيم داخل الولاية والرسوم التي يدفعها من هم خارجها، كبير للغاية.

ويذكر النقاد أن هذه السياسات تمثل استنزافا لموارد مونتغمري وطردا للطلبة الشرعيين من الولايات الأخرى الذين يمكنهم أن يدفعوا المزيد، غير أن مسؤولين في الجامعة قدروا عدد الطلبة الموجودين في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية بأقل من 1,000 طالب، ومن ثم فهم أكثر حرصا على خفض معدلات ترك الدراسة قبل التخرج. وقد عبر المهاجرون الشرعيون والطلبة الأجانب الزائرون في مونتغمري، الذين جاء عدد كبير منهم من آسيا وأفريقيا، عن مزيج من التعاطف والتحفظ نحو المهاجرين غير الشرعيين الذين يوجدون بينهم. وذكر البعض أنه يجب مكافأتهم على عزيمتهم، فيما ذكر آخرون أنهم يجب أن يدفعوا نفس الرسوم التي يدفعها الطلبة القادمون من ولايات ودول أخرى. وقالت جوسفين بيام، 33 عاما، طالبة تمريض: «يرغب الجميع في أن يحصل على تعليم ما، لكن من غير المقبول أن تأتي إلى الدولة بصورة غير شرعية وتعتقد أن تحصل على كل شيء مجانا. يجب أن تتحلى بالصبر وتسعى إلى اكتساب شرعية لنفسك». وكانت بيام قد جاءت من الفلبين كمقيمة إقامة كاملة بعد أن انتظرت في بلدها لمدة أربعة أعوام، ناهيك عن زوجها الأميركي، كما يستدعي القانون. وذكرت أنها تقوم بسداد قروض دراستها كل شهر، منذ أن تم إدراجها في السجلات.

وقالت بيام، متحدثة عن أسرتها: «لقد اجتزنا أوقات حلوة ومرة. هذا البلد نعمة، والحكومة هنا سخية للغاية. إذا لم تولد هنا، فعليك أن تبدأ من نقطة الصفر، إلا أنني أقبل ذلك، لأنك لا تزال تستطيع أن تحقق أحلامك».

29-11-2011

المصدر/ جريدة الشرق الأوسط

«أبريل 2024»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
Google+ Google+