بقلم أحمد مدهون وأندريا ريا وفاطمة زيبوح
تعد بلجيكا بمثابة مختبر فريد من نوعه، يتعامل بلا انقطاع مع التنوع الذي يطبعه، انطلاقا من التنوع القديم قبل قيام الدولة البلجيكية، بين الفلامانيين والناطقين بالفرنسية، وحتى ذلك الناجم عن الهجرات المتنوعة. فالبلد في بحث مستمر عن شكل من أشكال التعايش، ذلك التعايش الذي يتكدر صفوه من حين لآخر من أثر نزعات الانعزال الهوياتي أو التمييز ضد الأقليات.
إن العيــش المشــترك كــما العمــل المشــترك يقتــي بالــرورة تقديــر الآخــر والاعـتراف بــه. والتجاهــل المتبــادل عـى اختــلاف أنواعـه إنمــا يقــف عقبـة في طريـق تجـارṿ العيـش المشـترك والاحـترام المتبـادل والرفـاه العـام. ويجـب أن يتخـذ الاعـتراف بالآخـر شـكل تدريـس لتاريـخ الهجـرة في المـدارس، وأن يكـون فيـه تذكـير بمــا تديــن بلجيــكا للآخريــن وبمــا قدمتـه لهــا الهجــرات المتنوعـة باتجاههــــا، الهجــرة مــن الخــارج والهجــرة نحــو الخــارج.
يعيـش في بلجيـكا أكـر مـن 400000 شـخص متحـدر مـن الهجـرة المغربيـة، وهـو وجـود يعـود إلى زمـن طويل سـابق عـى 1964، تاريـخ توقيـع الاتفاقية البلجيكيـة المغربيـة لتشـغيل العـمال المغاربـة. فقـد سـاهم هـؤلاء الرجـال والنسـاء في أوربـا، منـذ مطلع القرن العشريـن، في المعـارك وفي المجهود الحربي
خـلال الحربـين العالميتـين، ثـم بعـد ذلـك في السـباق إلى الفحـم وإلى الصناعـات، المحركـين الحيويـين لاقتصـاد بلجيـكا، وهـم اليـوم يسـاهمون بفعاليـة في التنميـة الاجتماعيـة والثقافيـة والاقتصاديـة للبـلاد.
إن مـن الـروري لأحفادهـم ولبلجيـكا أيضـا أن يعـبروا لهـم عـما يجدونـه حيالهـم مـن امتنـان وعرفـان، وذلـك بـأن يمنحوهـم مكانـا في كتـب التاريـخ. فقصتهـم صـارت اليـوم قصـة مشـتركة، وكان لهـا نصيبهـا في صياغـة مصـير بلجيـكا المشـترك.