ناقشت طاولة مستديرة بعنوان «العمال المهاجرون: مع أم بدونهم؟» عقدت في “بلوا” وسط فرنسا، واقع الهجرة المهنية ودورها في سد النقص المتزايد في اليد العاملة داخل فرنسا، وخلصت إلى أن المهاجرين ضروريون للتنمية الاقتصادية وتمويل نموذج فرنسا الاجتماعي. وذلك بحضور خبراء اقتصاديين وممثلين عن الهيئات المهنية والنقابية.
وأوضح لويس بوتو، الناشط السياسي الذي بادر بهذا المؤتمر الأول بعنوان “العمال المهاجرون: معهم أم بدونهم؟”، أن موضوع الهجرة “قابل للاشتعال ويثير قلق اليمين المتطرف. لكننا اخترنا أن نتعامل معه بطريقة إيجابية من زاوية مختلفة يجب أن يكون موضوع الإجماع” . بحسب ما نشره موقع magcentre.fr.
الهجرة المهنية ودورها في استدامة النمو
أبرز الخبير الاقتصادي جوبا إحَدّادَن، رئيس منظمة Terra Nova Jeunes، أنّ الهجرة المهنية ليست ظاهرة ظرفية، بل كانت منذ القرن التاسع عشر أحد مكوّنات السوق الاقتصادية الفرنسية. وأوضح أن المهاجرين يشكّلون نحو 12% من القوى العاملة، وأنّ قطاعات عديدة تعتمد عليهم بشكل مباشر، مثل الرعاية الصحية، البناء، النقل، والخدمات.
ودعي جوبا لتقديم التقرير الذي شارك في تأليفه في مايو 2025 حول هذا الموضوع الشائك، حيث قدم أرقاما ومفاتيح للفهم. منذ الثورة الصناعية، وقال: نعلم أن فرنسا كانت تستعين بالعمال من الخارج: البلجيكيون، الإيطاليون، الإسبان، ومؤخرا البرتغاليون، الجزائريون، المغاربة والأتراك. تم تعليق الديناميكية المهاجرة رسميا في عام 1974، وكانت الديناميكية المهاجرة عنصرا هيكليا في الازدهار الاقتصادي الفرنسي.
تحديات ديموغرافية تدفع نحو تعزيز الهجرة المهنية
أشار المتدخلون إلى أن انخفاض معدل الولادات وشيخوخة المجتمع يفرضان الحاجة إلى رفع عدد الوافدين العاملين خلال السنوات المقبلة من معدل يناهز 223 ألف شخص سنويا إلى ما بين 310 و345 ألفا بحلول عام 2040، وذلك للمحافظة على التوازن بين الفئات النشيطة والمتقاعدة.
ولفت التقرير الانتباه إلى أن بحلول عام 2030، ستكون الحاجة إلى العمالة أكبر في قطاعات مثل التعليم والتنظيف ودعم كبار السن”. ويضيف: “لكن الانخفاض في معدل المواليد الذي يجتاح بلدنا (أقل من 100,000 ولادة منذ 2017) يهدد نسبة الدعم الديموغرافي، التي تعرف بأنها النسبة بين عدد الأشخاص فوق سن 60 وعدد من 20-59 سنة. بعبارة أخرى، يهدد مستقبل نظام الحماية الاجتماعية لدينا”.
وقال جوبا أحدادين: “في سياق الشيخوخة الديموغرافية، والاحتياجات المتزايدة للخدمات الأساسية وضغوط التوظيف المتزايدة في العديد من القطاعات، سيكون استخدام العمالة الأجنبية حاسما في السنوات والعقود القادمة إذا أردنا الحفاظ على نسبة الدعم بين الأشخاص النشطين وغير النشطين عند مستوى معقول لإدامة نموذجنا الاجتماعي”.
دعوة لضمان الحقوق وتبسيط المساطر
شدد ممثل الاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل (CFDT)، على ضرورة توفير شروط عمل عادلة للمهاجرين لضمان إدماج فعلي ومستدام، بينما لفتت منظمة حقوق الإنسان إلى أن المساطر الإدارية للحصول على تصاريح الإقامة ما تزال معقدة، حتى في القطاعات التي تعاني نقصا حادا في اليد العاملة.
من جهتها سلطت أوديل غارنييه، رئيسة رابطة حقوق الإنسان، الضوء على الصعوبات التي يواجهها الناس في الحصول على تسوية: “إن الحصول على تصريح إقامة يمثل مسارًا صعبًا حتى في المهن المتوترة”. أخيرا، أعربت كورين كيبونجي سامينو، السكرتيرة الفيدرالية للمساواة فيPS 41، عن أملها في أن يؤدي العمل إلى ظهور الحق في البقاء. ومع ملاحظة جمود الدولة، أراد الجميع المزيد من المرونة في الإجراءات وسهولة التوظيف.
نحو سياسة هجرة موجهة وفعالة
خلص النقاش إلى أن المطلوب ليس «فتح الحدود»، بل اعتماد سياسة هجرة مهنية موجهة تستجيب لحاجيات الاقتصاد، وتقوم على تبسيط الإجراءات، وتحسين شروط الاستقبال، وضمان تكافؤ الحقوق داخل سوق الشغل.








