مرة أخرى يظهر اليمين المتطرف أنه الأكثر قدرة على إقناع الأوروبيين بالتصويت له، في ظل قصور في الخطاب وفي إيجاد الحلول للأزمة الاقتصادية، لم تستطع معه أحزاب اليمين واليسار كسب مزيد من الجماهيرية، او حتى المحافظة على ولاء جميع من يتقاسم معها نفس المبادئ الإيديولوجية.
يوم الاحد 25 ماي 2014، مباشرة بعد إقفال مكاتب التصويت على صعيد التراب الأوروبي، وفتح صناديق الاقتراع، تأكد ما سبق لمراكز استطلاع الرأي، الإعلان عنه حول إمكانية تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.
فرضية سرعان ما تحولت إلى حقيقة أتبتتها عملية فرز الأصوات في بريطانيا التي حقق فيها الحزب اليميني “من اجل استقلال المملكة المتحدة” نتائج تاريخية، وفي اليونان التي حصد بها الحزب اليميني المتطرف “الفجر الذهبي” لأول مرة في تاريخه 10 في المائة من الأصوات، والذي حتى وإن لم يحصل على المركز الأول إلا انه ضمن مقعدين على الأقل في البرلمان الأوروبي. وفي نفس الاتجاه صبت نتائج الانتخابات في هنغاريا التي جاء فيه حزب “من أجل هنغاريا أفضل” اليميني المتطرف، في المرتبة الثانية بأزيد من 14 في المائة من إجماعي الأصوات، ضامنا بذلك ثلاثة مقاعد برلمانية في البرلمان الأوروبي؛ وفي النمسا حصل حزب اليميني “إف بو يو” على 20 في المائة من مجموع أصوات الناخبين محتلا بدوره المرتبة الثانية متقدما بخمس نقاط على النتائج التي حققها سنة 2009.
إلا ان المفاجأة الكبرى تم تسجيلها في فرنسا حيث وضع حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، بقيادة مارين لوبين، حدا لكل من شكك في نجاحه خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، باحتلاله مركز الصدارة في الانتخابات الأوروبية، محققا بذلك 25 في المائة من مجوع أصوات الناخبين الفرنسيين، ومتقدما على كل من الحزب الاشتراكي الحاكم، وحزب اتحاد من أجل حركة شعبية المعارض، واحتكر على الخصوص أصوات الشباب والعمال.
ونفس الامر حدث في الدنمارك حيث تصدر “حزب الشعب” المعادي للمهاجرين المشهد السياسي الدنماركي ب23 في المائة من مجموع أصوات الناخبين، متقدما عشر نقاط على ما حققه في الانتخابات الأوروبية لسنة 2009.
وبهذه النتائج تكون الجبهة اليمينية قد تقوت داخل البرلمان الأوروبي مما قد ينعكس على قرارات هذه المؤسسة المحورية في فضاء “شنغن” فيما يتعلق بتعامل الاتحاد الأوروبي مع بعض القضايا خصوصا تلك المرتبطة بالهجرة والأقليات والعلاقة مع الخارج.
محمد الصيباري