بقلم حسن بوستة
تبـدو بلجيكا انطلاقا مـن المغرب بلدا تتميـز فيـه الجاليـة المغربية بمسـتوى مرتفـع مـن الاندماج السـياسي. هكذا تبـدو المملكـة البلجيكيـة للملاحظـين المغاربــة بلــدا منفتحــا علـى تنوعـه الثقـافي حتـى قمـة مؤسسـاته. وهذه الملاحظــة صحيحــة، بحكــم أن عــدد المنتخبـين والمنتخبــات ذوي الأصــول المغربيـة هنـاك يعـد نسـبيا أعلى منه في بلــدان أوربيــة أخــرى، وهــو أمــر
يصـح خصوصــا في حالــة بروكســل، حيــث يلعــب المغاربــة والمغربيــات البلجيكيــون دورا بــارزا في المشــهد الســياسي المحـلي والإقليمــي والوطنــي. ففــي
أكـثر بقليـل مـن ثلاثـة عقـود (2024-1988)، سـجل التمثيـل السـياسي للفئـات المنحـدرة مـن الهجـرة، وخصوصـا المغربيـات والمغاربـة البلجيكيـين، تقدمـا ملحوظــا. ويكتـسي هــذا الانخـراط الســياسي أبعــادا عــدة، مــن النشــاط داخــل الجمعيــات إلى التعبئــة الانتخابيــة، مـرورا بالتمثيليــة داخــل المؤسســات البرلمانيــة أو الحكومــات.
و إن كانـت بعـض الأبحـاث قـد بينـت أن المغربيـات والمغاربـة البلجيكيـين يتلقـون نسـبيا تأطـيرا أقـل مـن قبـل منظـمات مجتمعيـة مقارنـة بغيرهـم مـن السـاكنة ذات الأصـول المتنوعـة، إلا أن النشـاط المجتمعـي يظـل سـمة مهمـة مـن السـمات المميـزة للمغربيـات والمغاربـة البلجيكيـين. فهنـاك جمعيـات ثقافيــة وجمعيــات للشــباب والنســاء ومجموعــات للدفـاع عــن الحقــوق تعمــل كلهــا بــلا انقطـاع مــن أجــل النهــوض بقضايــا مثــل الإدمــاج والعدالــة الاجتماعيـة والاعـتراف بالتنـوع الثقـافي. وفي مـدن عديـدة، يبـدو انخراطهـم واضحـا في المجـال العمومـي، حيـث ينظمـون حمـلات للتوعيـة والتحسـيس وفعاليـات ثقافيـة وبرامـج تربويـة وغيرهـا، ترمـي كلهـا إلى تقويـة النسـيج الاجتماعـي والنهـوض بالحـوار بـين الثقافـات. وليـس لهـذه التعبئـة أثـر داخـل الجاليـة فحسـب، بـل إنهـا تتيـح كذلـك للمغربيـات والمغاربـة البلجيكيـين أن يُسـمِعوا صوتهم وأن يحاولـوا التأثير في النقاشـات السياسـية المحليـة والوطنية. فهنـاك عقبـات مثـل العنصريـة والتمييـز والعنـف البوليـسي وغيرهـا، مازالـت تعـوق انفتـاح هـذه السـاكنة وازدهارهـا داخـل المجتمـع البلجيـكي.