فاز فريق من الباحثين المغاربة المقيمين في أوروبا بالجائزة الثانية في مسابقة “تحدي جنيف 2025″، عن مشروع بحثي وتطبيقي يحمل اسم “SOLA”، وركز مشروعهم على دعم النساء المغربيات العاملات موسميا في حقول الفراولة بإقليم هويلفا جنوب إسبانيا، من خلال تعزيز الكرامة الرقمية، وتحسين الحماية، وضمان سماع أصواتهن. المسابقة، التي تنظمها سنويا مؤسسات أكاديمية مرتبطة بمعهد الدراسات العليا في جنيف، تستهدف أفضل الحلول المبتكرة لمعالجة قضايا الهجرة والتنمية عبر العالم، وقد شارك فيها هذه السنة أكثر من ألف طالب وباحث من عشرات البلدان.
منصة رقمية لتعزيز الحماية والكرامة أثناء موسم الفراولة
اختار الفريق المغربي زاوية حساسة ومباشرة في موضوع الهجرة، تتعلق بوضعية العاملات الموسميات اللواتي ينتقلن كل عام إلى إسبانيا ضمن عقود موسمية لجني الفاكهة الحمراء، وهي عقود عرفت في السنوات الأخيرة بجدل واسع في الصحافة الأوروبية ووسط منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان. وتتمثل فكرة “SOLA” في بناء منصة رقمية توفر أدوات تبليغ آمنة، وإرشادات قانونية وحقوقية، إضافة إلى إمكانية التواصل السريع مع جهات داعمة أو جمعيات محلية، بما يسلّط الضوء على الانتهاكات المحتملة ويحسّن شروط العمل والإقامة.
يرى أصحاب المشروع أن الابتكار في قضايا الهجرة لا يعني بالضرورة ابتكار تقنيات معقدة، بل فهم دقيق لتجارب البشر في انتقالهم بين الحدود. من هنا جاء المشروع ثمرة لتجربة شخصية ومعرفية لطلاب وباحثين مغاربة يعيشون في أوروبا، ويعاينون يوميا تحولات سوق العمل، وطبيعة الاستغلال الذي قد تتعرض له فئات هشة، خصوصا النساء القادمات من القرى المغربية للاشتغال مؤقتا في المواسم الزراعية.
تحديات الهجرة والعمل الموسمي بين المغرب وإسبانيا
ويشير الباحثون إلى أن المنصة لا تحل كل الإشكالات البنيوية المرتبطة بسياسات الهجرة أو القوانين الإسبانية المنظمة للعمل الموسمي، لكنها تفتح قناة جديدة للتمكين القانوني والمعرفي، وتمنح العاملات فرصة لإسماع صوتهن في سياق غالبا ما يظل صامتا. كما يطمح الفريق إلى توسيع نطاق المشروع ليشمل برامج تدريب رقمية قبل السفر، وتعريفا مسبقا بحقوق العاملات وشروط السكن والنقل، مع إمكانية الربط بين مؤسسات مغربية وإسبانية لضمان متابعة أفضل.
وتأتي الجائزة في سياق أوروبي متوتر بشأن قضايا الهجرة، خصوصا بعد الارتفاع الملحوظ في الطلب على اليد العاملة القادمة من الجنوب للعمل في قطاعات فلاحية تحتاج إلى مجهود بدني مكثف. هذا الوضع دفع في مناسبات عديدة إلى مراجعة الاتفاقيات الثنائية بين المغرب وإسبانيا، وزاد من اهتمام المؤسسات الأوروبية بآليات تحصين الحقوق الأساسية للعمال المهاجرين.
مهاجرون يبتكرون حلا انطلاقا من خبرة الاغتراب
يمثل مشروع “SOLA” نموذجا لمبادرات يقودها شباب مغاربة مهاجرون يستخدمون خبرة العيش في أوروبا لإعادة التفكير في قضايا الهجرة من زاوية إنسانية وحقوقية. وبينما تتجه أنظار الكثيرين نحو حلول سياسية كبرى، يراهن هذا المشروع على التقنية والوعي الحقوقي وتمكين الفئات الهشة، في محاولة لجعل موسم جني الفراولة فرصة للعمل الكريم بدل أن يكون موسم معاناة صامتة.
جدير بالذكر أن “تحدي جنيف” 2025 دعا الطلاب من جميع أنحاء العالم إلى ابتكار حلول لقضية تحديات الهجرة المعقدة على طريق التنمية المستدامة، وهو مسابقة دولية أطلقها معهد جنيف للدراسات العليا في عام 2014. تجمع هذه المسابقة طلاب الدراسات العليا من وجهات نظر تخصصية وسياقية متنوعة لتقديم حلول مبتكرة وعملية لبعض التحديات المعقدة في العالم.








