بقلم طه عدنان
لا يوجد في المغرب ما يمكن أن نسميه لغة مغربية فريدة، بل إن الوضع ليس عى الإطلاق بهذه البساطة، ولا يقتصر الأمر على الدارجة والأمازيغية وحدهما.
فبفعل الهجرة اتسعت الآفاق الأوربية أمام المغاربة فأضافت بذلك خيوطا جديدة أغنت بها نسيج اللسان الذي تعبر به الأمة المغربية عن نفسها. وقد تشكل هذا التطور على أيدي أبناء المهاجرين الموزعين في أرجاء أوربا. فعى مر السنوات، شهد المغرب عودة أجيال من أحفاده
المنحذرين من عائلات تتحدث الدارجة أو الأمازيغية، لكن رصيدهم اللساني غني بلغات جديدة، كالألمانية والهولندية والإيطالية وغيرها.
وقد أفى هذا المزج بين اللغات الأوربية وتأثيرات اللغات الدارجة والأمازيغية إلى إغناء النسيج اللساني الوطني، بما ولد أبراج بابل جديدة صارت تشهدها الشواطئ المغربية في أثناء مواسم العودة الصيفية.
لقد تأثرت الأمازيغية على مر العصور باللغات القديمة، من فينيقية ويونانية ورومانية، وأثرت بدورها في تلك اللغات، وكذلك فعلت الدارجة المغربية بمزجها بين الأمازيغية والبرتغالية والفرنسية والإسبانية، في عملية توليد خصبة زادت التراث اللساني الوطني تنوعا وغنى.
وقد أغنت اللغة العربية بدورها اللغات الأوربية منذ بداية الحروب الصليبية في القرن الحادي عشر للميلاد، لا بل إنها تعتبر المصدر الثالث للاقتراض المعجمي بالنسبة للغة الفرنسية، متخطية بذلك حواجز المكان والزمان.
في الضاحية الباريسية أو في الأحياء البلجيكية-المغربية في بروكسل، تختلط أصوات الشباب التي تصنع لغة هجينة تصبغها لكنات مغاربية. وجاءت لغة الراب والهيب-هوب لتزيد من قوة هذا التقارب، دافعة بكلمات شعبية عربية لتجد لها مكانا عى صفحات المعجم الفرنسي.