يبدو أن الأيام المقبلة التي تنتظر المهاجرين في بعض الدول الأوروبية ستكون أصعب من سابقتها، لأن المد اليميني المتطرف مازال يزحف في اتجاه مراكز السلطة في دول أوروبية هي من أكثر الدول استقبالا للمهاجرين.البداية من فرنسا حيث أعطى آخر استطلاع رأي، أنجزته مؤسسة إيفوب ونشرت نتائجه يوم الخميس 10 مارس 2011 جريدة “فرانس سوار”، زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن، ما يزيد على 20% من نيات التصويت في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المرتقبة بعد 14 شهرا.
استطلاع الرأي هذا وإن خلص إلى أن مارين لوبن ستكتفي بالمرتب التانية أو الثالثة، على خلاف ما توقعه استطلاعان للرأي لمؤسسة هاريس انتراكتيف اللذان أكدا على تصدرها الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، إلا أنه يبرز بوضوح المد اليميني المتطرف الذي تشهده فرنسا على غرار دول أخرى كسويسرا وهولندا، علما بأن مرشح حزب الجبهة الشعبية التي تتزعمه مارين لوبن لم يحصل في انتخابات 2002 سوى على 8.16% من مجموع الأصوات ولم يكن المرشح في تلك الانتخابات التي فاز بها جاك شيراك سوى جان ماري لوبن والد مارين.
ولعل أهم النقاط التي ترتكز عليها مارين لوبن وحزبها، كما هو الشأن بالنسبة كل أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا هو مسألة الهجرة خصوصا أولئك المهاجرين القادمين من دول إسلامية، تحديدا دول شمال إفريقيا التي تعتبر فرنسا بلد استقبال تاريخي لمهاجريها.
في إحدى خرجاتها الإعلامية على قناة “فرانس2” في دجنبر 2010، اعتبرت مارين لوبن أن على فرنسا أن تتخذ سياسة دفاعية فيما يخص استقبال المهاجرين، لخصتها في التشطيب على الإعانات الممنوحة لهم. و من بين مضامين هذه السياسة التي ألمحت إلى تطببيها في حال الوصول إلى السلطة، عدم قبول أبناء المهاجرين مجانا في المدارس الفرنسية وأيضا في المستشفيات العمومية، لأن فرنسا من وجهة نظر زعيمة حزب الجبهة الوطنية، لا يمكنها معالجة مرضاها ومرضى الآخرين، كما لا يمكنها ضمان تقاعد لمتقاعديها والمتقاعدين الأجانب.
وفي تصريح أدلت به زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي لوكالة الأنباء الفرنسية يوم الأربعاء 9 مارس 2011، تعليقا على تصريح لنائبة عن حزب اتحاد الحركات الشعبية الحاكم، دعت فيه إلى إعادة المهاجرين القادمين من البحر الأبيض المتوسط إلى قواربهم، اقترحت مارين لوبين عقد اتفاق ثلاثي بين بلادها وإسبانيا وإيطاليا لكي يتمكن خفر سواحل هذه الدول من التصدي إلى قوارب المهاجرين وإرجاعهم قبل أن يصلوا إلى الشواطئ الأوروبية.
وما يثير القلق في تصريحات مارين لوبن الأخيرة ويجعلها مستفزة، أنها أدلت بها من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية خلال معاينتها لموجات المهاجرين القادمين إليها من شمال إفريقيا، ومن تونس تحديدا بسبب الأحداث التي تعرفها المنطقة، والتي تشير الإحصائيات إلى أن عدد القادمين إلى الجزيرة منذ بداية مارس بلغ 1980 تونسيا، بالرغم من كون مراكز استقبال المهاجرين غير الشرعيين في هذه الجزيرة الإيطالية لا تتعدى سعتها الاستيعابية 1200 شخص في الحالة الاستثنائية.
أما إسبانيا فلا يختلف الأمر فيها كثيرا عن جارتها الشمالية، إذ أضحت ورقة المهاجرين رقما أساسيا في المعادلة الانتخابية للحزب الشعبي اليميني يحاول الالتفاف حولها قدر الإمكان لتعميق جراح الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم الذي تبعثرت أوراقه الانتخابية بسبب الأزمة الاقتصادية التي عصفت بإسبانيا نهاية 2007.
وبما ان استطلاعات الرأي تشاهم بشكل كبير في تحديد نتائج الانتخابات وإن كانت لا تحسم بشكل كلي، فإن إحدى هذه الاستطلاعات أجرته مطلع سنة 2011 مؤسسة خاصة تعنى بدراسة السوق لفائدة الحزب الشعبي اليميني، اعتبر بأن 62% من سكان جزر البليار (جنوب إسبانيا) يرون أن الهجرة أمر سلبي لمدنهم. استصطلاع رأي آخر ولكنه صادر هذه المرة عن مؤسسة رسمية هي معهد الدراسات الاجتماعية العليا، التابع للمجلس الأعلى للأبحاث العلمية بإسبانيا، كشف أن ستة من كل عشرة أندلسيين يحملون نظرة سلبية عن المواطنين الأجانب.
بمقارنة بسيطة بين الأرقام التي تقدمها استطلاعات رأي حول نظرة الإسبان إلى المواطنين الأجانب، الذين بلغ عددهم في نهاية 2010 ما يقارب 5 ملايين شخص، وبين استطلاعات رأي أخرى على المستوى السياسي توكد تفوق الحزب الشعبي على نظيره الاشتراكي في نوايا التصويت في انتخابات البرلمانية المقبلة، يتبين لحد بعيد أن اليمين قادم ليحكم إسبانيا ما يعني أيضا أن عقد الاندماج في طريقه لكي يفرض على المهاجرين.
إلا أنه وحتى قبل موعد الانتخابات، يبدو أن رفاق ماريانو راخوي في إقليم كاطالونيا عازمون على فرض “عقد الاندماج” وهو وثيقة يلتزم بموجبها كتابيا المهاجرون الراغبون في الحصول على أوراق إقامة، بالعودة إلى بلدهم إذا لم يجدوا فرصة للعمل في مدة معينة.
هذه الوثيقة التي تقدمت بها كمقترح في الحملة الانتخابية الكاطالونية شهر نونبر 2010 مرشحة الحزب أليثيا سانتشيز كاماتشو، للحد من توافد المهاجرين، عادت يوم الثلاثاء 8 فبراير 2011 لتطرح بشكل رسمي في البرلمان الكاطالوني كمشروع قانون تقدمت به المعارضة ممثلة في الحزب الشعبي.
وفي انتظار ما ستخلفه مناقشة مشروع قانون “عقد الاندماج” الذي يفرض أيضا على المتوجهين إلى إسبانيا إمضاء التزام باحترام القيم الدستورية الإسبانية، يعتزم رئيس الحزب الشعبي ماريانو راخوي اعتماد هذه الوثيقة في برنامجه الانتخابي في الانتخابات العامة المرتقبة سنة 2012.
محمد الصيباري
10/03/2011
المجلس
اتصل بنا
- محج الرياض. ش 10 ص.ب 21481 - حي الرياض - الرباط 10000 - المغرب
- contact@ccme.org.ma
- +212 5 37 56 71 71 اتصل بنا
2025 - © المجلس
Resources
Contact
© 2025 - CCME
Ressources
Contact
© 2025 - CCME