شكل موضوع التنوع الثقافي ووضعية الأمازيغية في هولندا محور النقاش في المائدة المستديرة الأولى ضمن فعاليات مهرجان تويزة للثقافة المغربية التي تحتضنه العاصمة الهولندية أمستردام بتنظيم من مجلس الجالية المغربية بالخارج ومؤسسة أركان للشباب وجمعية مرموشة.
في مداخلته خلال هذه الجلسة أبرز الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، أن الثقافة الأمازيغية تتجاوز اللغة، لأن الامازيغية عبر عنها العرب وعبر عنها الغربيون كل بلغته، “هناك من كتبوا العربية انطلاقا من الثقافة الامازيغية كالمختار السوسي في معسوله، ومن كتب عن الثقافة الأمازيغية باللغة الفرنسية مثل بول باسكون، وهناك كتاب من أصل مغربي يكتبون باللغة الهولندية ولكن من منظور ثقافي امازيغي..” يشرح بوصوف.
واعتبر الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج أن للثقافة الأمازيغية قدرة على استيعاب الثقافات الأخرى وقدرة على الاندماج في جميع الجتمعات، والأخذ منها والتأثير فيها، كما أنها ثقافة غنية ساهمت فيها المرأة إلى جانب الرجل ونهلت من روافد أخرى؛ داعيا إلى ضرورة توسيع نطاق النقاش وعدم حصر الثقافة في اطار لغوي او سياسي “بل يجب وضعها في اطار حضاري، وتسليط الضوء على بعض مميزاتها كالابداع والابتكار من دون الحديث عن البعد التضامني الانساني في الثقافة الامازيغية والتي يجسدها مفهوم تويزة” يضيف عبد الله بوصوف.
أما الأمين العام للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الحسين المجاهدفقد تضمنت مداخلته خلال هذه الجلسة التي ترأسها، الأكاديمي والوزير السابق عبد الله ساعف، الحديث عن السياق العام الذي يندرج فيه النقاش عن الثقافة الأمازيغية، وذكر مسار خمسين سنة من النضال لكي تتبوا الثقافة الأمازيغية مكانها في المجتمع والتي كرسها دستور 2011 واعترف بها كمكون اساسي من مكونات الثقافة المغربية.
وبعد استعراض محطات من تاريخ مأسسة الثقافة الأمازيغية والتي جاءت في سياق جولة للمصالحة مع التاريخ وجبر الضرر الثقافي، أكد المجاهد على أهمية العتليم والإعلام في تمريس الثقافة الأمازيغية والانتقال من الاهتمام بها من حيث الشكل إلى جعلها رافدا لهذا الجيل ومصدر اعتزاز له وأداة لفرض ذاته
. من جهته تحدث الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد المجيد القدوري على أهمية البعد الأنتروبولوجي في فهم الشخصية الثقافية المغربية في بعدها الامازيغي، لمساعدة الفاعل السياسي على وضع تصور استراتيجي شامل لمفهوم التنوع الذي تحدده مجموعة من العوامل، خصوصا تلك المرتبط بالجغرافيا. وتحدث الخبير في اللغة والثقافة الأمازيغيتين، عبد الرحمان العيساتي في مداخلته على وضعية الأمازيغية في هولندا التي حتى وإن كانت أفضل مما سبق إلى أنها لا زالت تعاني من بعض النقائص خاصة غياب معهد أو مؤسسة متخصصة في اللغة والثقافة الأمازيغيتين في هولندا، والفراغ التام على مستوى البحث العلمي، وهو أمر اعتبره الأستاذ الباحث في جامعة تلبولخ الهولندية “عنصرية مؤسساتية” من الجانب الهولندي وكذا من الجانب المغربي.
وفي ختام هذه الندوة التي عرفت نقاشا مكثفا مع عدد من مغاربة هولندا الحاضرين، قدم عبد اللع ساعف شهادته حول قضايا الثقافة والتنوع الثقافي في المغرب منذ بداية السبعينات، واستعرض مجموعة من مراحل تطور مسألة التنوع الثاقافي، وكذا الحركيات الجمعوية التي نشطت في هذا المجال قبل ان تصبح الحقوق الثقافية في صلب المجتمع المغربي، وصولا إلى مرحلة النقاش العمومي المؤسساتي في بداية الالفية بعد خطاب اجدير.
أمستردام- محمد الصيباري
تصوير: مفدي الطالبي