هو شاب طموح كان معاديا لفكرة الهجرة بالرغم من وقوفه على أبوابها المفتوحة أمامه لسنين عديدة.. يستقرّ حاليا ببرشلُونَة التي حلّ بها قبل 7 سنوات ونيف.. فيما أحلامه لا تحدّها غير السماء.
عبد الحق مارسو، شاب مغربي من طنجة، رأى النور بعاصمة البوغاز التي تلقى بها تعليمه حتى المرحلة الجامعيَّة، متخصصا في القانون بعد أخذ وردّ في الاختيارات التي تأرجحت ما بين الصحافة والأدب الإنجليزيّ، حيث نال الإجازة في الإدارة الدّاخليّة قبل أن يشدّ الرحيل صوب إسبانيا لاستكمال الدراسات العليا.
“حاولت إتمام دراستي بالمغرب لكن الظروف لم تكن مواتية لوجود عراقيل إدارية وبيروقراطية، فقررت الانتقال إلى برشلونة، لأن والدي مستقر بهاا منذ السبعينيات ووالدتي التحقت به في التسعينيات.. لقد أفلحت بعد الهجرة في دراسة القانون و الإقتصاد الدولي ضمن تخصص الدراسات الدولية، وفي نفس الوقت حصلت على دبلوم للدراسات العليا من جامعة قَادِيس حول قانون الأجانب والهجرة” يقول مارسُو.
دَاوجُونز & كُو
يشتغل عبد الحق حاليا بمؤسّسة دَاوجُونْز آند كُو، وهي مؤسسة كبرى للاستشراف في قطاع الإعلام والصحافة وتلقى إقبالا كبيرا من لدن المستثمرين عبر مختلف أرجاء المعمور..شاغلا مسؤوليّة إداريَّة تقترن بدراسته للقانون وكذا إتقانه للغة العربيّة لمدّة قاربت 4 سنوات حتى الآن.
ووفقا لمَارسُو فإنّ حلمه قد كان مقترنا باستكمال الدراسات التي ابتغاها باسبانيا قبل العودة إلى المغرب، لكنّ اشتغاله بـ “دَاوجُونز&كُو”، وما بها من إمكانيات لتطوير الذات والآداء، قد عدّلت مما هو مبرمج لمستقبل الشاب المغربيّ العاشق للتحديات.
“في داو جونس أشتغل ضمن القسم العربي، برفقة زميل مغربي، وكلانا نقوم بجميع المهام المتعلقة بالمعاملات العربية، بما فيها مراسلة الناشرين وكذا أي اتصالات بالزبناء والعملاء.. لسنا صحفيين ولا علاقة لنا بالمضمون الإخباريّ، ذلك أن لاشتغالنا طبيعة إداريّة وأخرى تعاقدية مع الشركات، حيث ندرس النصوص والمصادر التي نتعاقد بمعيتها” يقول عبد الحق.
الهجرة المتأخّرة
كان مَارسُو مستبعدا لفكرة الهجرة خارج المغرب بالرغم من توفره على إمكانيات للقيام بذلك منذ أوائل سنين حياته، وحتّى قبلها، بفعل استقرار والديه ببرشلونَة.. لكنّه أقبل عليها حين اضطرّ لمواصلة مشواره الدراسي العالي.. لتكون بذلك “هجرة متأخّرة” بالنسبة لذات المغربيّ.
“وددت أن أكمل البحث العلمي ببلدي، لكنّ مستواه متخلّف بمقارنة مع دولة كإسبانيا.. حتى الحصول على مراجع من المكتبة يستلزم الدخول في سلسلة انتظار يشكلها الطلبة بالمغرب، وحين نيله ينبغي إرجاعه بسرعة.. وهذه ممارسات بسيطة من بين أخرى لم أستطع تقبلها، وقد كان قراري بالرحيل صائبا، خاصّة أن سنتين بعدها تمكنت من الحصول على دبلومَين اثنين” يورد عبد الحق مَارسُو.
صعوبات الاندماج
يقر ذات الشاب المغربي بأن تغييره لمحيطه بالهجرة صوب برشلُونَة قد عرف صعوبات لتحقيق الاندماج بالرغم من الاحتياطات التي عمل على اتخاذها بدراسة اللغة الإسبانيَة لـ7 أشهر.. ويُضيف: “حتى الأجواء الجامعية وجدتها مغايرة وغير ذات صلة بنظيرتها المغربيّة، وبالرغم من نيلي نقطا جيّدة وتشجيعات إلاّ أنّ منع الطلبة من العمل لأزيد من نصف يوم، شريطة أن يكون ذلك بتصريح مسبق وبعقد مُحدّد، قد خلق لدي مشاكل ماليَة.. وقد اضطررت للعمل بأشكال مؤقّتة خارج القانون، إلى أن حصلت على وثائق إقامة عادية”.
ووفقا لمارسُو، الذي يتصدّر أيضا جمعية ابن رشد للتنمية والثقافات، فإنّ الصعوبات التي تطال المهاجرين المغاربة بإسبانيا تنطلق غالبيتها من النظرة النمطية التي تطالها باعتبارها غير متوفرة على كفاءات فكريّة.. “هناك إصرار لأجل تغيير كل هذا بالرغم من كون الهجرة إلى إسبانيا لا تتوفر على أجيال عدّة كما هو الحال وسط مغاربة فرنسا أو إيطاليا أو بلجيكَا” وفق تعبير ذات المتحدّث الذي استرسل: ” كل هذا تزيد من تأثيره تبعات الأزمة المالية التي طالت إسبانيا بعدما خلفت عاطلين غالبيتهم من صفوف المهاجرين المغاربة”.
طموح لشق المستقبل
لا يفتر عبد الحق في ترديده كون الانسان يجب أن يكون دائما طموحا، مقرا بأنّه حين يصل إلى مرتبة ما، ككل الناس، يطمح لأن يتحوّل إلى الأفضل، “من الجيد أن ننظر إلى الخطوات التي تم قطعها حتى وإن كانت مليئة بالعثرات والعراقيل والأحزان، لكن المستقبل والنظر إلى الأمام يبقى هو الأفضل” يفيد نفس الشاب.
ويهدف عبد الحق مارسُو إلى إنهاء مشروع الدكتوراه الذي انخرط فيه، كما يشدد بأنّ هذا الهدف توازيه مطامح للبذل على المستوايات المهنية والجمعوية والسياسية والثقافية في عدد من المخططات التي منها ما تمت أجرأته ومنها ما هو رهين بالمستقبل.. ويزيد مَارسُو: “أودّ أن أنجح في خدمة مغاربة المهجر وأن أخدم بلدي وكذا هذا البلد الذي فتح لنا أبوابه من أجل الدراسة والعيش والعمل”.