أمستردام- ترحيل عشرات من طالبي اللجوء العراقيين لبلادهم

الثلاثاء, 11 أكتوير 2011

ترحّل السلطات الهولندية اليوم الأربعاء عشرات من طالبي اللجوء العراقيين جوا إلى العراق. وكانت السلطات الهولندية قد احتجزتهم في مركز الترحيل "مدرج 18" بالقرب من مطار روتردام منذ فترة استعدادا لترحيلهم . من بين اللاجئين أسر وأطفال حديثي الولادة يعانون من قيود صارمة في الحجز منذ أكثر من أسبوع كما يقولون. مصلحة الهجرة الهولندية المسئولة عن عملية الترحيل بدورها تنفي المشهد الذي يسرده اللاجئون من زنزاناتهم.

أطفال

وفقا لعدد من اللاجئين الذين تحدثنا إليهم سرا من داخل سجن الترحيل، فإن هنالك ما لا يقل عن 20 طفلا بين الأشخاص الذين سيتم ترحيلهم. ولا يسمح للأطفال باللعب في الهواء الطلق وتغلق عليهم الزنازين معظم النهار باستثناء 3 ساعات يسمح لهم بالخروج خلالها إلى غرف معيشة مشتركة، ويعاني عدد من الأطفال من صدمة الاعتقال بعد أن داهمت الشرطة الهولندية معسكر اللاجئين تير آبل حيث كانوا يمكثون قبل الاعتقال.

هدى طفلة عراقية في الثانية عشرة من العمر، لعائلة مؤلفة من سبعة أشخاص. تسرد لنا الأحداث التي أودت بها وراء قضبان مركز الترحيل قبل أسبوع: "كنا لا نزال نائمين في الصباح الباكر، دخل علينا مسلحون في غرفنا وكأننا ارتكبنا جريمة. قلت لهم أريد أن اذهب للمدرسة لكنهم منعوني واصطحبوا الجميع إلى مركز آخر للترحيل". وهكذا اختفت هدى من الصف الخامس الابتدائي في المدرسة الهولندية التي التحقت بها قبل ثلاثة أعوام.

السيدة جميلة أم لطفل حديث الولادة تقبع هي أيضا في السجن في انتظار الترحيل: "ابني كثير البكاء في الزنزانة الصغيرة، وكذلك ابنتي في الثانية من العمر، تضرب رأسها باستمرار على حائط الزنزانة ولا أدري ما أفعل بها". سألتها عن حالتها الصحية والنفسية بعد الولادة: "لا يهم ما أمر به أنا بعد الولادة، أريد للأطفال فقط أن يخرجوا للعب في الهواء الطلق".

لم تسمح السلطات الهولندية لجميلة وعائلتها بأخذ مقتنياتهم البسيطة معهم "حتى الملابس بقيت في البيت، ليس لدي ملابس لأطفالي الآن".

تصف منظمة الدفاع عن حقوق الأطفال Defense for Children ظروف الاعتقال التي تعرضت لها العائلات العراقية بـ "اللاإنسانية"، وتوّضح المتحدثة باسم المنظمة قائلة: "بإمكان وزارة الهجرة وإدارة الترحيل أن تحتجز الأطفال لمدة لا تتعدى 14 يوما، لكن هذا في رأينا يجب أن يكون الخيار الأخير. هنالك بدائل عن الاعتقال، وفي مثل هذه الحالات لا نرى ضرورة لاحتجاز الأطفال. بإمكان الوزارة أن ترتب إجراءات الترحيل دون احتجاز الأطفال بالضرورة".

"لست إرهابيا"

رشيد رجل عراقي في الستين من العمر، يعيش في هولندا منذ أكثر من خمس سنوات. لا زال طلب اللجوء الذي قدمه أمام المحكمة كما يقول، لكنه فوجئ الصيف الماضي بقوات الشرطة تعتقله هو وابنه لتنقلهم إلى معسكر اللاجئين تير آبل شمال هولندا:

"قبل أيام عقدوا لي محاكمة سريعة في مطار سخيبهول بدون حضور المحامي، وقالوا لي إن طلبي مرفوض". منذ ذلك الحين يحتجز رشيد وابنه في مركز الترحيل "مدرج 18" في مطار روتردام. سحبت السلطات الهولندية تصريح الإقامة الخاص بمجيد وابنه مع أنه ساري المفعول حتى منتصف العام المقبل كما يقول.

أحداث الاعتقال والترحيل من معسكر اللاجئين نفسها يسردها عدد من اللاجئين المهددين بالترحيل. يقول رشيد:" دخلوا علينا فجأة، صادروا هاتفي الجوال، واخذوا ما لدي من مال. ممتلكاتي الخاصة بما فيها سيارتي ودراجة ابني لا زالت في معسكر اللاجئين".

يتابع رشيد: "لست إرهابيا، أنا رجل لدي إقامة شرعية في هولندا، لماذا هذه البهدلة؟ السجن الذي نحن فيه لا يختلف عن سجون القذافي وسجون صدام حسين".

وفقا لرشيد فقد صادر موظفو السجن الأدوية التي كانت بحوزة المعتقلين.

اعتقال وترحيل

السيدة خيسة فيركمان تعمل لصالح منظمة Kerk in actie . تقول فيركمان: "معظم معسكرات الترحيل التي زرتها تحتوي على مرافق خاصة للأطفال وبإمكان الأطفال أن يلعبوا في الهواء الطلق في منطقة يحيطها السياج". لكن السيدة فيركمان لم تزر المركز المذكور "مدرج 18". وتؤكد فيركمان أن جميع الممتلكات التي يتم مصادرتها عند الاعتقال مثل المال والهاتف وما إلى ذلك يتم إرجاعها لملاّكها عند وصولهم بلدهم الأصلي.

نظرا لضيق الوقت قبل موعد الترحيل لم تسمح لنا إدارة المعسكر بزيارة المعتقلين. فتوجهنا بالسؤال عن أوضاع الاعتقال في مركز الترحيل للمسئولين في روتردام، والذين رفضوا التعليق ونصحونا بالتوجه إلى وزارة الداخلية: المتحدث باسم وزارة الداخلية في شؤون الترحيل فرانك فاسنار نفى القصة كما يسردها العراقيون وقال إن السلطات منحت اللاجئين فرصة لأخذ بعض أغراضهم الشخصية في حقائب صغيرة لحظة الاعتقال في معسكر تير آبل شمال هولندا، وأن باقي ممتلكاتهم تُحزم في حقائب من قبل السلطات وتسلم إليهم عند وصولهم العراق.

وفقا للمتحدث باسم الوزارة فإن جميع العراقيين الذين يتم ترحيلهم اليوم رُفضت طلباتهم رسميا وكان يتوجب عليهم أن يغادروا البلاد طوعا لكنهم لم ينصاعوا لأوامر مصلحة الهجرة. لكن عددا من اللاجئين أخبرنا أنهم لا زالوا ينتظرون في قرار طلب اللجوء، وأن تصاريح الإقامة لا زالت سارية المفعول حتى العام المقبل. "هؤلاء أشخاص ليس لديهم تصاريح إقامة مؤقتة في هولندا وهنالك حالات لا يمكن لطالب اللجوء أن ينتظر القرار في هولندا وعليه الانتظار خارج البلاد"، وفقا للمتحدث الإعلامي فاسنار.

ينفي فاسنار ما يسرده المعتقلون عن عدم السماح للأطفال باللعب في الخارج ويقول إن هنالك أماكن في الهواء الطلق ومحاطة بالسياج يمكن للاجئين التجول فيها طوال النهار وأنهم خارج الغرف معظم ساعات النهار، وأن المعسكر يوفر ألعاب وبرامج ترفيهية للأطفال".

توجهنا بالسؤال عن ظروف الاعتقال إلى إدارة معسكر تير آبل حيث تم القبض على اللاجئين وعدد من المنظمات الهولندية المعنية باللاجئين. مدير المعسكر روب بيزيما أكد أن عددا من العائلات العراقية القي القبض عليها قبل أسبوع تقريبا ونُقلت إلى مركز الترحيل. وفقا لمدير المعسكر فإن جميع ممتلكاتهم محفوظة وسيستلمونها بعد الرحيل، وأن الوزارة توفر تعويضا للاجئ الذي اضطر لترك سيارته في المعسكر.

أسماء اللاجئين المذكورين مستعارة لحماية خصوصيتهم.

11-10-2011

المصدر/ إذاعة هولندا العالمية

«مايو 2011»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
      1
2345678
9101112131415
16171819202122
23242526272829
3031     
Google+ Google+